هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال باحثان في تقرير لهما نشرته مجلة "فورين بوليسي"؛ إن ترويج نظرية المؤامرة حول التسرب النفطي الأخير قبالة سواحل فلسطين المحتلة، تطرح أسئلة حول إمكانية استغلال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لهذا الحدث خلال الانتخابات المقبلة.
ولفت الباحثان، جاسون باك، وجيمس روزلينغتون في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه على مدى الأسبوعين الماضيين، تسبب القطران اللزج في تلويث الشواطئ في إسرائيل، مع تقارير عن قيام سفينة مجهولة الهوية بإلقاء ما يصل إلى 1100 طن من النفط الخام قبالة الساحل، الأمر الذي أثر على أكثر من 90 في المئة من السواحل.
وشدد الباحثان على أن التسرب كشفت عجز إسرائيل عن التعامل مع أزمة بيئية، "على الرغم من أنها عادة ما يتم اعتبارها من بين دول العالم الأولى في إمكانية الاستجابة للكوارث".
ووسط انتقادات محلية لجهود الحكومة لمواجهة الكارثة، سارعت وزيرة حماية البيئة، غيلا غاملئيل للرد، وأصدرت سلسلة تغريدات في 3 آذار / مارس، زعمت فيها أن "سفينة قراصنة ليبية" يُفترض أنها ناقلة النفط "إميرالد"، غادرت إيران مؤخرا متجهة إلى سوريا؛ في محاولة لارتكاب "عمل إرهابي بيئي" ضد إسرائيل. وذلك في محاولة لتصدير نظرية المؤامرة.
وقالت غاملئيل؛ إن المسؤولين "يجب أن يدفعوا الثمن"، وأن "مشغل السفينة ملطخ بالدماء السوداء".
وذكر الباحثان أن سردية غاملئيل مغلوطة؛ ذلك أن الأدلة ضد الناقلة "إميرالد" لا تزال ظرفية، وغير مؤكدة، ومع ذلك انخرطت وسائل الإعلام الإسرائيلية في هذا الادعاء السيئ التوثيق.
وفي الوقت نفسه، كانت مصادر الحرب الإسرائيلية تطلع وسائل الإعلام بهدوء على "تفكير غاملئيل التآمري"، من خلال التأكيد أن الأدلة تشير إلى "وقوع حادث وليس هجوما إرهابيا". وقال الباحثان؛ إن الوزارة تدرك أن خطاب الوزيرة الساخن، يهدد بتقويض أحد الإنجازات الرئيسية في السياسة الخارجية لإسرائيل، ألا وهو تحالفها مع الإمارات، الدولة التي لها مصالح كبيرة في ليبيا.
وكانت ناقلة النفط الضخمة "إميرالد" مسجلة سابقا باسم ابن بطوطة، وكانت الناقلة القديمة مملوكة حتى وقت قريب للشركة الوطنية العامة للنقل المملوكة للدولة الليبية، وباعت الشركة الوطنية السفينة في كانون الثاني/ ديسمبر 2020 إلى مالك جديد مسجل في جزر مارشال.
اقرأ أيضا: تسريب نفطي بسواحل فلسطين.. وحظر بيع أسماك المتوسط
ولفت كاتبا التقرير إلى أن الشائعات راجت الأسبوع الماضي، وزعمت أن الناقلة كانت الآن في أيدي ليبية خاصة، ومن المحتمل أن تكون مملوكة من قبل فرد مرتبط بقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
ومن المحتمل أن يكون مالك السفينة قد رغب في استخدام السفينة لنقل الخام الإيراني عبر قناة السويس إلى سوريا، لكن لا يوجد أي إشارة إلى أن "إميرالد" كانت مكلفة بتعمد تلويث المياه والشواطئ، لأن عملا من هذا النوع سيتعارض بالتأكيد مع المصالح الإيرانية والسورية وقوات حفتر؛ لأنهم جميعا يفضلون استمرار وصول شحنات النفط الخام غير المشروعة إلى سوريا خلسة. بحسب النقرير.
ومن هذا المنطلق، رجح الباحثان أن الناقلة مثل الكثير من الأسطول الليبي والأسطول السابق، قد تقدمت في السن وفي حالة سيئة ولديها طاقم سيئ التدريب.
ومن المحتمل أن تكون السفينة "إميرالد" قد عانت من تسرب كارثي ربما في أثناء عملية نقل من سفينة إلى أخرى قبالة الساحل السوري، كما هي الممارسة الشائعة للحصول على النفط الخام المقرصن، بدلا من التورط في الإرهاب البيئي المتعمد.
"وبالنظر إلى الروابط السرية لإسرائيل مع حفتر، من الواضح أن غاملئيل لم تقدم ادعاءاتها الدرامية وغير المحتملة على وسائل التواصل الاجتماعي لدعم السياسة الخارجية لإسرائيل".
ومثل العديد من السياسيين الشعبويين الجدد الذين يفكرون في المدى القصير والمعاملات، ربما كانت نظرية المؤامرة ببساطة أكثر جاذبية من أن تُفوت، حتى لو كانت تجعل حلفاء الشخص يبدون سيئين.
وعلى النقيض من ذلك، تبدو رؤية غاملئيل بصرف النظر عن صحتها المشكوك فيها، بأنها تخاطر بإلقاء الضوء على واحدة من أكثر علاقات إسرائيل حساسية في المنطقة ومن ثم تقويضها، ألا وهي دعمها لحفتر من الباب الخلفي. بحسب الباحثين.
ومن الواضح أن الدافع وراء تدخل غاملئيل هو السياسة الإسرائيلية الداخلية؛ فللمرة الرابعة خلال عامين يواجه حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو معركة انتخابية صعبة في انتخابات 23 آذار/ مارس.
ويواجه نتنياهو انتقادات واسعة النطاق بشأن تعامله مع جائحة كوفيد-19، والتمردات ضد عمليات الإغلاق والتوترات المتزايدة بين اليهود العلمانيين والمتدينين، ناهيك عن المقاضاة بتهم الفساد واختلاس الأموال العامة ضده وضد زوجته سارة.
ويرى الباحثان أن غاملئيل انغمست في تكتيك الليكود الكلاسيكي قبل الانتخابات؛ لإثارة مخاوف الجمهور بشأن أعداء إسرائيل؛ لإعادة ناخبي الليكود الذين يفكرون في أحزاب يمينية أخرى إلى صفهم.
وختما بالقول بأن هذه حيلة استخدمها نتنياهو وحلفاؤه مرات عديدة خلال العقدين الماضيين. وأضافت غاملئيل تطورا جديدا إلى المؤامرة، من خلال توريط ليبيا كوسيلة لزيادة تصوير إسرائيل على أنها محاطة بمحور من الإرهابيين المارقين، المستعدين لنشر تهديدات جديدة غير تقليدية.