هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "الأوردن مونديال" الإسباني تقريرا تحدث فيه عن مساعي الصين لتصبح قوة تكنولوجية ذات ثقل على المستوى العالمي.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن القادة الصينيين جعلوا التكنولوجيا أولوية وطنية منذ السبعينيات. وقد سعوا إلى توحيد جهود الدولة وقطاع الأعمال لبناء قوة تقنية علمية وتعزيز أداء البلاد الاقتصادي، خاصة أن التكنولوجيا تلعب دورا محوريا في زيادة الإنتاجية والصادرات.
بالنسبة للصين، أصبح قطاع التكنولوجيا مقياسا لقوتها ونفوذها في الخارج وجبهة رئيسية في الصراع الذي تخوضه مع الولايات المتحدة.
ردّت واشنطن على هذا الطموح بفرض عقوبات وقيود تجارية على الصين وشركات التكنولوجيا الكبرى، بحسب الموقع، وفي ظل تنامي مكانة الصين في هذا المجال، حاول الرئيس السابق دونالد ترامب ترجيح كفة الميزان لصالحه طوال فترة ولايته من خلال التركيز على الحد من الواردات الصينية خاصة في قطاع التكنولوجيا.
عناصر القومية التكنولوجية
وذكر الموقع أن الصين تعد من المصدرين الرئيسيين للتكنولوجيا في العالم، ومنذ نهاية السبعينيات، اتبعت الصين استراتيجية القومية التكنولوجية التي تتمثّل في الاستثمار في البحث والتطوير، وذلك في إطار خطتها للحد من اعتمادها على التقنيات الأجنبية.
واشتملت هذه الاستراتيجية على الحمائية التكنولوجية والاقتصادية المتزايدة جنبا إلى جنب مع التدخل الاقتصادي القوي، حيث تقود شركات مثل هواوي تطوير شبكة الجيل الخامس.
وبفضل الشركات الكبرى في قطاع الاتصالات، أصبحت الصين والولايات المتحدة من الدول الرائدة في المجال التكنولوجي، إذ يعد الابتكار في هذا المجال أمرًا بالغ الأهمية، حيث يوفر الفرصة لهذه البلدان لوضع المعايير التكنولوجية التي يتعين على الدول الأخرى اتباعها.
اقرأ أيضا: FP: استراتيجية الصين تقوم على التعلم من أخطاء أمريكا
وبمجرد وضع هذه المعايير، يتباطأ نسق التطور التكنولوجي في البلدان الموردة لهذه التكنولوجيا وتبتعد عن الإنتاج وهو ما يولد التبعية التي تشكل مصدر التنافس السياسي.
وأشار الموقع إلى أن الصين هي الدولة الوحيدة التي لديها استراتيجية قومية تكنولوجية. وقد نفّذت الولايات المتحدة واليابان والنمور الآسيوية الأربعة - كوريا الجنوبية وهونغ كونغ وسنغافورة وتايوان - برامج مماثلة منذ منتصف القرن العشرين حيث استثمرت في التكنولوجيا الخاصة بها لتقليل اعتمادها على الواردات. في هذه البلدان، يمكن للدولة تمويل التطور التكنولوجي ودعم الشركات.
من التشكيك إلى الانفتاح
لم يكن من السهل تحقيق التطور التكنولوجي في جمهورية الصين الشعبية، وبعد تأسيس الجمهورية سنة 1949، أدركت نخبة من العلماء والمهندسين المقربين من الحزب الشيوعي الصيني مدى أهمية وجود صناعة تكنولوجية وطنية، واختاروا التخطيط الحكومي للتطور العلمي. انطلاقًا من هذه المبادرة ولدت "الخطة طويلة الأجل لتطوير العلوم والتكنولوجيا" ما بين 1956 و1967، التي وضعت أسس البرنامج النووي الصيني وبناء مصنع أشباه الموصلات، من بين مشاريع أخرى.
وأورد الموقع أن علاقة هذه النخبة مع زعيم الحزب الشيوعي الصيني آنذاك ماو تسي تونغ ومسؤولي الحزب لم تكن جيدة. لم يدعم ماو تسي تونغ التطور التكنولوجي للأغراض التجارية، ووصف الخطة بأنها مناهضة للثورة وانتقد التكنوقراطية الصينية والسوفيتية.
لكن الصين غيرت مسارها بعد وفاته في سنة 1976 وركز خلفه دنغ شياو بينغ الذي وصل إلى السلطة في سنة 1978 على تحديث الاقتصاد وفتح السوق الصينية.
وإدراكا منه لقوة التكنولوجيا وفوائدها الاقتصادية، أنشأ دنغ مناطق اقتصادية خاصة في سنة 1980 بنظام ضريبي خفيف لجذب الاستثمار والتقنيين الأجانب.
وكان الاهتمام بالبحث العلمي والتكنولوجي ثابتا خلال فترة القادة الذين خلفوا دنغ، وهم جيانغ زيمين وهو جينتاو وشي جين بينغ، وقد درس جميعهم اختصاص الهندسة. تعرض جيانغ لانتقادات من قبل الحزب الشيوعي الصيني خلال الثورة الثقافية، حيث أبدى اهتمامًا كبيرًا بإقامة روابط دولية قصد التعاون العلمي لتعزيز التجارة وعولمة الاقتصاد.
بعد ذلك، بشّر هو جينتاو بشكل قاطع بالتحول التكنولوجي القومي، حيث أراد أن يواصل مشروع تطوير التكنولوجيا الصينية. وبينما اختار أسلافه إنتاج منتجات منخفضة القيمة المضافة، بدأ القائد الجديد في العمل على جعل الصين بلدا يصنع التكنولوجيا بشكل مستقل عن الغرب. ومن بعده، دعم شي جين بينغ هذا المسار التكنولوجي القومي.
الحمائية التكنولوجية القومية
أوضح الموقع أنه لم يكن للصين خلال قيادة دنغ شياو بينغ في الثمانينيات صناعة مستقلة خاصة بها وكانت تعتمد على الدول الأجنبية. بعد مرور ثلاثين سنة، أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم ولكنها لم تكن محل ثقة من قبل منافسيها، مما دفع شي جين بينغ إلى مزيد تعزيز الاعتماد على الصناعة المحلية حين تولى السلطة في سنة 2012.
اقرأ أيضا: مدينة "مستقبل" صينية بمبانٍ تحاكي حقول الأرز (صور)
سعى شي إلى تعزيز استقلال الصين التكنولوجي من خلال مشاريع مثل "صنع في الصين 2025" أو "الخطة الخماسية الرابعة عشرة" بين 2021 و2025. ويقوم الرهان في كلتا الخطتين على تحويل البلاد إلى قوة مستقلة في صناعة تقنيات المستقبل الاستراتيجية مثل الذكاء الاصطناعي والتخزين السحابي والبيانات الضخمة وتقنية الجيل الخامس.
أضاف الموقع أن القوة التكنولوجية الصينية في عهد شي جين بينغ تعتمد على العديد من شركات التكنولوجيا الرائدة، على غرار بايدو ومجموعة علي بابا القابضة وتينسينت وشاومي وهواوي. وتعتبر هذه الشركات البديل الصيني لنظيراتها الأمريكية المنافسة في نفس المجال، مثل فيسبوك وأمازون وآبل. تمزج الخطة القومية التكنولوجية للرئيس شي بين سياسة التدخل الاقتصادي والحمائية. كما تحد الصين من الاستثمار الأجنبي في شركاتها لتحقيق أكبر قدر ممكن من السيطرة، والحفاظ على الاستقلالية في صنع القرار.
وذكر الموقع أن إدارة ترامب كانت الخصم الرئيسي للقومية التكنولوجية الصينية، حيث فرضت في نهاية تفويضها عقوبات وقيودا تجارية على الشركات الصينية مثل تيك توك وشركة هواوي. ومن جهتها، تقود هواوي أبحاث تقنية الجيل الخامس، وفي حال استمر نفوذها في النمو، فسوف يتعين على تطبيقات الإنترنت عالية السرعة التكيف مع المعايير الخاصة بها.
ولتجنب هذه الضربة القاسية، بذل دونالد ترامب كل ما في وسعه لتعطيل أعمال شركة هواوي من خلال فرض سياسة تقنية حمائية. وفي الوقت الحالي، يريد الرئيس الجديد جو بايدن النسج على خطاه الأمر الذي سيؤخر إطلاق شبكة الجيل الخامس وطرح التقنيات المرتبطة بها.