هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للصحفي كنان مالك، قال فيه إنه وعلى مدى ما يقارب الثلاثة أسابيع كانت هناك احتجاجات حاشدة في شوارع ميانمار بعد الانقلاب العسكري، لكنه تساءل، أين كانوا عندما كان مسلمو الروهينغيا يذبحون على يد العسكر؟
وفي 1 شباط/ فبراير، تحرك الجيش ضد حكومة أون سان سو تشي، مدعيا التزوير في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، التي فاز بها حزبها، الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية (NLD)، بشكل شامل.
ومنذ ذلك الحين، نزل موظفو الخدمة المدنية والمعلمون وسائقو الحافلات وعمال صناعة الملابس إلى الشوارع. وتعرضت مدينة يانغون، كبرى مدن ميانمار، إلى تعطل الطرق بسبب احتجاجات سائقي السيارات الذين أوقفوها في منتصف الطرقات، وتركوا أغطية محركات السيارات مفتوحة. حتى أن هناك قصصا عن انضمام الشرطة للمظاهرات.
وكان التحدي الوطني للانقلاب العسكري شجاعا ومثيرا للإعجاب، ويردد أصداء احتجاجات مماثلة في روسيا وبيلاروسيا وأماكن أخرى. لكن، على الرغم من الترحيب والأهمية التي تتمتع بها هذه التظاهرات، فإنها تؤدي أيضا إلى سؤال صعب وغير مريح. أين كانت كل هذه المسيرات والصراخ والتحدي على مدى السنوات الأربع الماضية، حيث نظم الجيش حملة وحشية من التطهير العرقي ضد شعب الروهينغيا ودمر قراهم وقتل الآلاف وأجبر مئات الآلاف على الفرار إلى بنغلاديش المجاورة؟
اقرأ أيضا: NYT: ما مصير الروهينغيا بعد انقلاب الجيش في ميانمار؟
الروهينغيا، المسلمون الذين يعيشون في الغالب في ولاية راخين الشمالية الغربية، المتاخمة لبنغلاديش، هم أكثر الجماعات العرقية تعرضا للاضطهاد في ميانمار.
وعلى الرغم من أن الروهينغيا عاشوا في راخين لأجيال، إلا أنهم يعاملون، رسميا وغير رسمي، كأجانب. وتشير السلطات إليهم بـ"البنغاليين"، ورفضت السلطات خلال إحصاء 2014 إدراج الروهينغيا كفئة عرقية.
والمجلس العسكري الذي وصل إلى السلطة في ميانمار في عام 1962 (أو بورما كما كان اسمها في ذلك الوقت) أثار الكراهية ضد الروهينغيا كوسيلة لتعزيز الدعم.
وبدأت الحملة الأخيرة والأكثر شراسة في عام 2017. بحجة شن حملة ضد "الإرهابيين"، نفذ الجيش برنامج تطهير عرقي، اعتبره الكثيرون أنه ينطوي على "نية الإبادة الجماعية"، وهي حملة قمع وحشية شبيهة بقمع الصين للإيغور.
ومع ذلك، قوبل الهجوم على الروهينغيا في أحسن الأحوال باللامبالاة، وفي أسوأ الأحوال بتواطؤ نشط، سواء من الأغلبية السكانية أو من ناشطي الديمقراطية.
وكان الجيش قد بدأ في تخفيف سيطرته في عام 2011، ما أدى في النهاية إلى انتخابات في عام 2015 فازت فيها الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بقيادة أون سان سوتشي بشكل شامل، كما فعلت مرة أخرى العام الماضي.
وعلى الرغم من كل الحديث عن الديمقراطية، لم يتخل الجيش عن السلطة أبدا. وقد خصص الدستور، الذي كتبه الجنرالات، ربع المقاعد البرلمانية للجيش، وأعطاه السيطرة الوحيدة على الوزارات الثلاث الرئيسية للدفاع، والشؤون الداخلية وشؤون الحدود، وحق النقض ضد التغيير الدستوري.
وقدمت أون سان سوتشي غطاء الشرعية الديمقراطية. كما أنها قدمت غطاء للوحشية ضد الروهينغيا. وشارك العديد من أعضاء الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في المنظمات المتطرفة المناهضة للروهينغيا.
اقرأ أيضا: MEE: الفظاعات ضد المسلمين لا تعني شيئا للغرب
والتزمت أون سان سوتشي نفسها بالصمت في البداية، ثم رفضت مزاعم الفظائع ووصفتها بأنها "أخبار مزيفة"، وفي النهاية دعمت حملة الجيش ضد "الإرهابيين". وفي عام 2019، دافعت بنفسها عن الجيش ضد تهم الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
وزعم أنصارها أنه ليس لديها خيار آخر، وأنه لم يكن من الممكن تحدي قوة الجيش؛ وأنها إذا فعلت ذلك، فسوف ينقلب الجيش عليها، ولذا كان عليها أن تتكيف معه. ولكن الانقلاب أظهر بأن تلبية رغبات الجيش لم تحدث فرقا كبيرا. فقد انقلب الجنرالات عليها عندما ناسبهم ذلك.
وقال معد المقال: "هناك سؤال أعمق أيضا: ما هو الثمن الذي تدفعه الحركة من أجل الديمقراطية للفوز بنصيب من السلطة؟ قد تكون التسوية حتمية في حالة مثل حالة ميانمار، حيث قد يكون الخيار هو بين العمل مع الجيش أو استمرار الحكم العسكري. ولكن بالنسبة للكثيرين، وبالأخص بالنسبة للروهينغيا، من الصعب تمييز الفرق بين الخيارين".
ولم يؤد الفشل في الدفاع عن الروهينغيا إلا إلى إضعاف الحركة من أجل الديمقراطية. لا يمكن أن يكون هناك أي شكل من أشكال الديمقراطية أو الحرية يُشترى على حساب الأكثر ضعفا أو من ينظر إليهم بعين الاحتقار في المجتمع. هذا لا ينطبق فقط على الروهينغيا في ميانمار، ولكن على المسلمين في الهند، والنساء في السعودية، والعمال المهاجرين في جنوب أفريقيا، والمهاجرين غير الشرعيين في أوروبا.
وهناك تقارير الآن عن روابط جديدة يتم إنشاؤها بين الحركة الديمقراطية وناشطي الروهينغيا. وانضم العديد من الروهينغيا إلى الاحتجاجات المناهضة للانقلاب، بينما يبدو أن عداء الديمقراطيين تجاه الروهينغيا قد انخفض. بدأت النقابات العمالية أيضا في إقامة علاقات جديدة مع النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الروهينغيا.
ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الخطوات المؤقتة تتطور إلى حركة مناسبة. لكن هناك شيء واحد مؤكد: لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية ما لم تكن هناك ديمقراطية وحقوق متساوية للجميع، بحسب المقال في الصحيفة.