صحافة دولية

FT: مصر في عهد السيسي هامشية ووكيلة لدول الخليج

الإمارات والسعودية دعمتا الانقلاب العسكري في مصر بقيادة السيسي- حساب "الرئاسة المصرية"
الإمارات والسعودية دعمتا الانقلاب العسكري في مصر بقيادة السيسي- حساب "الرئاسة المصرية"

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للكاتب ديفيد غاردنر، قال فيه؛ إنه في ظل السيسي، تراجعت مكانة مصر كعماد مهم في سياسة الولايات المتحدة بالمنطقة.

وقال: "تم تجاوز أكبر دولة عربية من ناحية التعداد السكاني بدول مثل السعودية والإمارات العربية اللتين سارعتا بتمويل انقلاب السيسي في 2013، وتحويله كزبون وكيل لها".

 

وأضاف أن "مصر بعد عقد على رحيل حسني مبارك، أصبحت دولة أضعف. وحل محل وعود الثورة خنق للمعارضة، وانخفاض في الاستثمار الأجنبي وتراجع في التأثير الإقليمي".


وهذا الحال يختلف عما كان عليه قبل 10 أعوام، عندما ألهم المصريون خيال العالم وأطاحوا بالرئيس مبارك. ولم تنه انتفاضة ميدان التحرير في القاهرة 30 عاما من ديكتاتورية مبارك، بل وقلبت ستة عقود من الحكم العسكري.

 

اقرأ أيضا: درّاج: كيف أحال السيسي مصر إلى بلد لا يصلح للعيش؟
 

وقبل أسابيع منها، أطيح بزين العابدين بن علي في تونس، وبعد ذلك بمعمر القذافي في ليبيا، وعلي عبد الله صالح في اليمن.

 

وانتفض السوريون ضد نظام عائلة بشار الأسد، ومع ذلك، كانت انتفاضة التحرير نذيرا بأن العالم العربي بدأ طريقه نحو الديمقراطية. 


وبحسب الصحيفة، فإنه مع أن جيلا بعد جيل من الانقلابيين العرب أطلقوا اسم ثورة على تحركاتهم، إلا أن ثورة ميدان التحرير كانت تستحق ذلك الاسم، لأن شعبا في الشوارع أطاح بنظام قوي متجذر بالجيش والقوى الأمنية، وكان شعارها الوحيد "ارفع رأسك فأنت مصري". ولم يطل وعد التحرير ليتحول إلى سراب". 

 

ويشير الكاتب لفوز حركة الإخوان المسلمين في أول انتخابات ديمقراطية، ووصول مرشحهم محمد مرسي إلى الرئاسة، لكنهم ضيعوا فرصتهم في عام، في وقت وقف فيه الجيش متفرجا ينتظر الفرصة، وفق تقديره.

 

ويذكر الكاتب كيف أدى العداء للإخوان المسلمين إلى عودة القوى السابقة التي نظمت نفسها تحت حركة تمرد، التي دعمها الجيش، وشكل رؤيتها قائد الجيش عبد الفتاح السيسي.

 

وقال؛ "لأن الجيش هو المؤسسة الأهم في مصر، فقد حصل على جرعة من الشرعية الشعبية التي ساعدته على إعادة تكريس الدولة الأمنية".

 

وعن السيسي قال؛ إنه عبارة عن فرعون جديد، رفعه الليبراليون واليسار الوطني الذي أطاح بمبارك.

 

وقال: "تحرك النظام العميق سريعا لخنق الإخوان المسلمين وقتلهم في الشوارع، وملأ السجون بهم. وبعد ذلك تحرك لاعتقال أعداء الإخوان ومبارك معا".

 

وانتخب السيسي في 2014 ومرة أخرى في 2018، في حملة ظهرت وكأنها تسويق تجاري، وليس منافسة سياسية، وتمتع فيها بسلطات لم يتمتع بها حتى مبارك.

 

اقرأ أيضا: كيف تجاوز السيسي مشهد تنحي مبارك وضمن ألا يتكرر معه؟

وقضى على المعارضة، بحيث لم يعد هناك مساحة في مصر للرأي المعارض أو المنظمات المستقلة.

 

وعلى خلاف مبارك الذي أحاط نفسه بأحسن المستشارين في مجال السياسة الخارجية، فضل السيسي المطيعين أو الرجال الذين يوافقون على كل ما يقول.

 

وبحسب زميل سابق له، يفضل السيسي الاستماع للاستخبارات العسكرية والخلية الأمنية المرتبطة بالحكومة التي يتجاهلها بشكل عام.


وكشفت الاضطرابات التي خرج منها السيسي عن فشل الإسلاميين والليبراليين والجنود في مصر للتعايش معا.

 

وفشل العلمانيون تحديدا بتقديم قيادة قوية، ولهذا تطلعوا للجيش كي يساعدهم على التخلص من الإسلاميين وبنتائج قاتلة.

 

ولم تنجح الليبرالية كثيرا في المجال الاقتصادي، ففي عهد مبارك وجدت الكثير من الشركات الخاصة مفيدا أن يكون في مجلس إدارتها ضابط جيش.


وفي عهد السيسي، بدا الاقتصاد المصري مثل إمبراطورية تجارية عسكرية، تشمل كل شيء من تربية الدجاج إلى مزارع الأسماك ومنتجعات السياحة والبناء.

 

وتقود شركة إنشاءات تابعة للجيش عملية بناء مشروع للسيسي، وهو عاصمة جديدة قرب القاهرة بكلفة 50 مليار دولار أمريكي. 


ويقول يزيد صايغ من مركز "كارنيغي" الشرق الأوسط والخبير بالجيش المصري؛ إن تدخل الجيش في القطاع الخاص أدنى مستوى في الاستثمار الخاص، منذ الستينيات أو في ذروة ما أطلق عليها "الاشتراكية العربية" لجمال عبد الناصر.

 

ووفق تقديره، "استفاد السسيسي من تراجع الرأي الغربي باتجاه تفضيل الديكتاتورية على الاضطرابات، وبخاصة بعد الثورة السورية، ما سرع بخروج تنظيم الدولة".

 

وسبق أن وصف دونالد ترامب السيسي بـ "ديكتاتوري المفضل".

 

وفي الصيف الماضي، نشر جوزيف بايدن تغريدة أعلن فيها عن نهاية ما أسماه الصك المفتوح لرجل مصر القوي.

 

ومع ذلك، تقدم الولايات المتحدة منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية- الإسرائيلية عام 1979 مساعدة سنوية بـ 1.3 مليار دولار، وعلقها باراك أوباما لفترة قصيرة بعد انقلاب 2013.

 

ولطالما اعتبرت واشنطن هذه المساعدة ثمنا صغيرا لمساهمة مصر في أمن إسرائيل، وقناة السويس. 

 

ولا يعوض احتكار السيسي للسلطة تراجع تأثيره الكبير، وهو عكس ما بدا وكأنه الحال قبل عقد من الزمان ولو لفترة قصيرة. 

التعليقات (0)