تقارير

مذبحتا "قبية" و"قلقيلية" نفذها شارون بأوامر من بن غوريون

الجيش الإسرائيلي يحاصر مدينة قلقيلية قبيل مجزرة تشرين أول (أكتوبر) 1956 (أرشيف)
الجيش الإسرائيلي يحاصر مدينة قلقيلية قبيل مجزرة تشرين أول (أكتوبر) 1956 (أرشيف)

مجزرتان وقعتا في زمن متقارب، وقعت فيه مجازر عدة ضد الفلسطينيين، ونفذهما الجيش الإسرائيلي بقيادة أرييل شارون قائد الوحدة 101 في الجيش "النظامي" آنذاك. الأولى في قرية قبية بين اللد ورام الله، والأخرى في قلقيلية التي تقع على مقربة من الخط الأخضر في فلسطين وتشرف على الساحل الفلسطيني المحتل. 

ارتقى في المجزرتين نحو 174 شهيدا وأصيب المئات بجروح ودمرت عشرات المنازل فوق ساكنيها، ونفذتا بأوامر من القيادة السياسية الإسرائيلية برئاسة ديفيد بن غوريون. كما امتزج فيهما الدم الأردني والفلسطيني. 

مذبحة قبية 

قررت الحكومة الإسرائيلية برئاسة دافيد بن غوريون شخصيا القيام بعملية انتقامية قاسية ضد قرية قبية، وأصدر أوامره إلى قيادة المنطقة العسكرية الوسطى التي أصدرت أوامر إلى الوحدة 101 بقيادة أرييل شارون وكتيبة المظليين 890، وكان نص الأمر حرفيا التالي: "تنفيذ هدم وإلحاق ضربات قصوى بالأرواح، بهدف تهريب سكان القرية من بيوتهم". بحسب أرشيف الجيش الإسرائيلي. 

وكان الهدف الخفي هو تأسيس وبناء جدار رعب على طول خط الهدنة وتفريغ القرى الأمامية الفلسطينية من السكان، في حين كان الهدف المعلن لتنفيذها انتقاما لعمليات نفذتها المقاومة العربية. 

ما بين 14 تشرين الأول / أكتوبر و15 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1953، قصفت الوحدة رقم 101 قرى بُدرس وشقبا ونعلين في الوقت نفسه، حتى لا تصل أية إمدادات إلى القرية، وتوجهت قوات من الجيش الإسرائيلي وطوقت القرى الثلاث، وقامت بزرع الألغام على جميع الطرق المؤدية إلى قبية. 

 



وحولت الوحدة العسكرية الإسرائيلية بقيادة شارون قرية قبية إلى ساحة حرب مفتوحة، وأخذت تتنقل من بيت إلى آخر في عملية حربية انتقامية، حيث قامت بإطلاق النار عشوائيا عبر أبواب المنازل والنوافذ المفتوحة، وإطلاق النار على من حاول الفرار، بعد ذلك فجر المظليون الإسرائيليون 56 من بيوت القرية ومسجدا وخزان مياه القرية. وقتل نحو 74 فلسطينيا غالبيتهم نساء وأطفال، وجرح مئات آخرون. 

ولم يكن موقف سكان القرية سلبيا، فقد تصدى السكان بأيديهم العارية، ورجال الحرس الوطني الأردني رغم قلة عددهم وأسلحتهم، وردوا على النيران بالمثل وظلوا يقاومون حتى نفدت ذخائرهم. 

واستشهد معظم رجال الحرس الوطني وتمكن قائدهم من الوصول إلى قرية دير قديس، حيث اتصل لاسلكيا بالقيادة العسكرية الأردنية في رام الله؛ طالبا النجدة والذخيرة، ولكن النجدة العسكرية الأردنية التي تحركت من قرية بدرس اشتبكت مع الجيش الإسرائيلي في الطرق ولم تستطع الوصول إلى قبية. 

أدان مجلس الأمن الدولي العملية وندد بها ورفض طلب دولة الاحتلال إدانة "عمليات الإرهاب العربية"، وأوقفت الولايات المتحدة إرسال منحة مساعدة خارجية كبيرة إلى "الدولة العبرية". 

واستخدمت جميع الصحف الإسرائيلية عناوين قريبة من وجهة النظر الرسمية عن عملية قبية، وخرجت عن السياق صحيفة "كول هعام" الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وانفردت بعنوان حاسم "ارتكاب عملية قتل جماعية في قرية قبية العربية"، وأكدت تسمية العملية بالمذبحة بخلاف جميع الصحف الإسرائيلية الأخرى التي أسمتها عملية أو نحوه. 

وأضافت "كول هعام" في افتتاحيتها "ضد القتل: القتل الجماعي على أيدي إسرائيليين مسلحين جريمة رهيبة. دير ياسين جديدة"، ووجه بن غوريون عبر راديو "صوت إسرائيل" خطابا أكد فيه "أن سكان الحدود هم من قام بالعملية وليس الجيش". 

ورد عليه الجنرال فان بيتيكه كبير مراقبي الأمم المتحدة في تقريره إلى مجلس الأمن الدولي، أكد فيه أن الهجوم كان "مدبرا ونفذته قوات نظامية". فيما ذكر شارون في مذكراته أن الجنود نبهوا أهل القرية وتفحصوا البيوت قبل تفجيرها. 

ويقال إن المذبحة ومعها مذبحة قلقيلية وكفر قاسم سارعت في حرب السويس، أو العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. 

مذبحة قلقيلية 

واحدة من المجازر التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في 10 تشرين الأول / أكتوبر عام 1956 ضد فلسطينيين مدنيين في مدينة قلقيلية، الواقعة على الخط الأخضر الفاصل بين الأراضي العربية المحتلة عام 1948 والضفة الغربية، حيث شارك في الهجوم وحدة من الجيش الإسرائيلي وكتيبة مدفعية و10 طائرات مقاتلة. وقد عمد الجيش الإسرائيلي إلى قصف القرية بالمدفعية قبل اقتحامها. 

تفاجأ أهل قلقيلية بإطفاء الأضواء في المستعمرات اليهودية المقابلة للمدينة، وتسللت إلى المدينة وحدة من الجيش الإسرائيلي فقطعت أسلاك الهاتف ولغمت الطرقات، في الوقت الذي تجمعت فيه قوة كبيرة من المستعمرات القريبة، وتحركت في الساعة العاشرة مساء وهاجمت المدينة من ثلاث جهات، مع تركيز الجهد الرئيس بقوة المدرعات على مركز الشرطة فيها. 

وتصدى الحرس الوطني الأردني لها بمساعدة سكان المدينة للقوة المهاجمة وأحبطوا تقدمها، وبعد ساعة، عاود المعتدون هجومهم على المدينة بكتيبة مشاة تحت حماية كتيبة من المدرعات، بعد أن مهدوا للهجوم بنيران المدفعية الميدانية، وفشل هذا الهجوم أيضا. 

وشعر سكان المدينة أن الهدف من العدوان هو مركز الشرطة، فزادوا قوتهم فيه وحشدوا عددا كبيرا من المقاومين، لكنهم تكبدوا خسائر كبيرة عندما عاودت المدفعية القصف، واشتركت الطائرات في قصف المدينة ومركز الشرطة بالقنابل، وفي الوقت نفسه هاجم المعتدون مرة ثالثة بقوة كبيرة وتمكنوا من احتلال مركز الشرطة، وتقدموا في شوارع المدينة وهم يطلقون النار على المنازل وعلى كل من في الطريق، واستشهد قرابة 70 مجاهدا من سكان المدينة والقرى المجاورة الذين هبوا لنجدتها. 
ويروي شارون في مذكراته قصة مقتل قائد كتيبة الدبابات في تلك العملية، الذي قتل مع 18 جنديا صهيونيا في تلك المعركة، وقد أقام الاحتلال له تذكارا في منطقة صوفين عقب احتلال قلقيلية عام 1967، غير أن أهل قلقيلية حطموه بعد أيام، وكان هذا الضابط إحدى القصص التي يرويها أهل قلقيلية حيث قتله جندي أردني بآخر رصاصة بقيت معه، بعد أن استشهد جميع رفاقه. 

التعليقات (1)
خميس
الجمعة، 09-10-2020 07:27 م
إذا كان قتل 170 شخص يسمى مذبحة، فماذا تسمى عمليات القتل التي نفذها السيسي ضد المحتجين عليه في رابعة والنهضة وغيرها، وماذا تسمى عمليات إعدام شباب مصر التي ينفذها السيسي بالتعاون مع القضاء المصري ومفتي الديار المصرية؟؟؟

خبر عاجل