هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالا للكاتب والأكاديمي "عز الدين فشير"، وصف فيه تطبيع الإمارات والبحرين مع الاحتلال الإسرائيلي بأنه "خطوة كبيرة في الاتجاه الخطأ".
وأضاف الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن جوانب الاتفاقات تلك، بما في ذلك الإيجابية منها وفق المعلقين الأمريكيين، لن تعيش طويلا، معتبرا أن "غلاف السلام" يخبئ تحته أربع ديناميكيات "شنيعة" تفوق المجاملات بين الحكومات العربية والاحتلال.
وأوضح أولا أن ما يسمى "اتفاق إبراهيم" لم ينه صراعا واحدا في الشرق الأوسط، فالإمارات والبحرين لم تكن لديهما علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل" ولكنهما لم تكونا في حالة حرب معها.
وفي الواقع، تعاون البلدان الخليجيان سرا مع الاحتلال على مدى سنوات، بحسبه، فيما الصراعات الحقيقية الدائرة بالمنطقة هي في اليمن وسوريا وليبيا ولبنان حيث تؤيد الإمارات والسعودية فصائل تقاتل أخرى تدعمها قطر وتركيا، أو إيران.
واتفاقيات "السلام" تلك لا تقربنا خطوة واحدة من إنهاء الصراعات الحقيقية، بل على العكس من المحتمل أن تعمقها أكثر عندما يصبح التحالف بين الاحتلال وبين السعودية والإمارات ضد إيران، الذي بقي لحد الآن تحت الطاولة، واضحا.
اقرأ أيضا: هذا ما جاء في رسالة من بومبيو للكونغرس بشأن السودان (صورة)
وأضاف موضحا: "أي أن هذه الاتفاقيات تفتح الباب لإسرائيل أن تصبح شريكا أكبر في حرب دول الخليج العربية ضد إيران وأحيانا تركيا".
وثانيا، فإن تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع حكومة الاحتلال دون اتفاقية بين الأخيرة والسلطة الفلسطينية يضعف احتمال حل الدولتين.
وكان الاعتراف العربي الواسع بـ"إسرائيل" واحتمال التعاون والشراكة التجارية أحد المحفزات القليلة الباقية لدفع الاحتلال نحو تقديم تنازلات للفلسطينيين، بحسب الكاتب، وكانت تلك هي الفكرة من مبادرة السلام العربية عام 2002.
وتابع: "للأسف امتنعت دول الخليج عن إثبات جديتها بخصوص التطبيع عندما كان يمكن لذلك أن يرجح كفة الميزان داخل إسرائيل لصالح التنازل، ولكن الآن أغلقت هذه الفرصة. ويمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومؤيديه الادعاء والإقناع بأن إسرائيل ليست بحاجة لتقديم تنازلات حتى تحصل على اعتراف الدول العربية. والنتيجة الواضحة هي المزيد من التأييد الإسرائيلي للوضع الراهن أو قبوله، والذي ليس سوى الانزلاق المستمر على طريق الأبارتايد".
وثالثا، "سيؤدي شعور الفلسطينيين العميق بالخيانة إلى المزيد من التطرف"، بحسب الكاتب، الذي أضاف: "سيقوم ذوو التوجهات الليبرالية باستبدال حلم الدولة بحركة حقوق مدنية تعمل للحصول على حقوق متساوية لجميع من يعيشون تحت السيطرة الإسرائيلية، وهو ما يتوقع أن يعمق من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أكثر".
اقرأ أيضا: الملك سلمان يهاجم إيران وسلاح حزب الله.. ماذا عن فلسطين؟
وتابع: "أما الفلسطينيون الأقل ليبرالية فسوف يتأكد صحة موقفهم من أن الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد. وبالفعل يشير مؤيدو حماس والجهاد وحزب الله إلى الفرق بين موقف السلطة الفلسطينية اليوم وطالبان الذي وقف نائب زعيمهم مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عند ابتداء المفاوضات حول مستقبل أفغانستان"، في إشارة إلى انتزاع الحركة لتلك اللحظة بقوة السلاح.
وأخيرا فإن تطبيع العلاقات مع إسرائيل سيزيد من الهوة بين الحكام العرب وشعوبهم، بحسب الكاتب، فلطالما بقيت الشعوب العربية معادية للاحتلال، فيما "غذت الأنظمة العربية هذا العداء لصرف الأنظار عن فشلها"، بحسبه.
وأضاف: "وعندما أحست هذه الأنظمة لاحقا بالحاجة للاعتراف بإسرائيل قيدهم العداء الذي رعوه بين شعوبهم. وكانت اتفاقية سلام مع الفلسطينيين تؤدي إلى دولة فلسطينية لتوفر لهم ورقة التوت التي يحتاجونها. وفي غياب ذلك فإن التطبيع مع إسرائيل يعتبر خيانة واضحة – ليس من الفلسطينيين فقط، ولكن أيضا للطموحات والكرامة العربية".
وشدد الكاتب على اعتبار أن هذا المشهد سيصب الزيت على نيران مشاعر عدم المساواة والفساد والتمييز الطائفي والإثني، ويفاقم مخاطر زعزعة استقرار الأنظمة.
وما لم تستطع الإمارات والبحرين القيام بمعجزة بتحويل عملية التطبيع إلى إحياء للمبادرة العربية للسلام وتساعدا على جلب الفلسطينيين والإسرائيليين أقرب لحل الدولتين فإن الأمر سينتهي بهاتين الاتفاقيتين إلى تقويض أمن جميع اللاعبين في الشرق الأوسط، بحسبه.