هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"
مقالا لتوماس فريدمان حول الاتفاقات التي
وقعتها إسرائيل مع دولتين عربيتين قائلا إنها قصة حب مثلثة الأضلاع أدت إلى صفقة بترتيب
من دونالد ترامب بمساعدة صهره جاريد كوشنر.
وأضاف أنه يتابع
الدبلوماسية العربية- الإسرائيلية منذ 40 عاما ولكن اتفاقية التطبيع التي وقعت يوم
الثلاثاء بين الإمارات وإسرائيل إلى جانب البحرين غير عادية وكاشفة. وحاول تلخيصها
من خلال مسلسل درامي رفضت فيه فلسطين الجلوس مع إسرائيل وعملت إدارة ترامب على
ترتيب عملية الطلاق. وأثناء ذلك اكتشفت الإدارة علاقة غرامية بين إسرائيل
والإمارات الخائفة من إيران.
ولهذا توقفت الإدارة عن ترتيب عملية الطلاق
الفلسطيني- الإسرائيلي وركز كوشنر على المشترك بين إسرائيل والإمارات وبالضرورة
اهتمام ترامب بأنه يكون "راعي السلام" الذي يدير الحفلة في البيت
الأبيض.
وقال إن
القاعدة في الشرق الأوسط هي أن الأمور الكبيرة تحدث عندما يتخذ اللاعبون الكبار
القرارات الصحيحة للأسباب الخطأ.
وعقدت مصر
والأردن اتفاقيات سلام مع إسرائيل لإنهاء حالة الحرب وتعزيز التجارة والسياحة فيما
بينها ولكنها ظلت محدودة. وفي الوقت نفسه تريد البحرين والإمارات وإسرائيل
اتفاقيات تجارية وسياحية وتعاونا أمنيا ضد إيران. وباركت السعودية الاتفاقيات عندما
سمحت لطائرات العال الإسرائيلية باستخدام مجالها الجوي إلى الإمارات. وقال فريدمان
إن هذه الأمور لا تحدث كل يوم.
وهناك نكتة
سمعها من صديق في دبي عن سلام بعض الناس بـ "شالوم عليكم". ويقول
فريدمان إنه يصلي كل يوم لهزيمة ترامب في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، لكن إن
كان هو وكوشنر أنجحا هذا الاتفاق فهو ليس من ضمن الآثام التي ارتكبوها وهي
بالألاف.
ولا يعرف كيف
ستكون الأمور بعد الاتفاقية، ولكن عندما تقرر دولة عربية متقدمة التعاون مع دولة
غير متقدمة وهي إسرائيل فستكون هناك طاقة تنعكس على العلاقات العربية- الإسرائيلية
والإسلامية- اليهودية. ولو نجح التعاون فسيخلق نموذجا بديلا للمحاكاة بدلا من محور
المقاومة.
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: تفاصيل اتفاقيتي التطبيع مع إسرائيل غامضة
وتساءل
فريدمان عن سبب حدوث المعاهدة الآن؟ وأجاب
أن هذا مرتبط بتخفيض الولايات المتحدة وجودها العسكري في الشرق الأوسط مما أدى
لتحالفات جديدة ملأت الفراغ.
فهناك المحور
الشيعي إيران- حزب الله، سوريا، اليمن والعراق. وهناك المحور التركي- القطري،
يواجه كل منهما المحور التكتيكي: إسرائيل- الإمارات- البحرين والسعودية إلى جانب
العراقيين والمصريين والأردنيين.
أما السبب الثاني فيتعلق بانهيار أسعار النفط
وزيادة عدد السكان في الدول العربية، فلم تعد الدول العربية في وضع للمنافسة حول
من يدعم فلسطين أكثر والحفاظ على شرعيتها من خلال توفير الوظائف والدعم للمواطنين.
ويعتمد استقرار هذه الأنظمة على توفير التعليم للشباب والعلاقات التجارية والتواصل
العالمي والتعددية الدينية. وفي الوقت الذي ترفض فيه السماح بالمعارضة والتشاركية
السياسية إلا أنها ستجبر لاحقا. وفي الوقت الحالي فنموذج الحداثة الذي تتبعه هذه
الدول هو الصين لا أمريكا.
ويرى ديفيد
ماكوسفكي، الخبير في العلاقات العربية – الإسرائيلية بمعهد واشنطن أن هناك
اعتبارات تكتيكية للإمارات "فمن جهة، شعرت الإمارات أن نفوذها على إدارة
ترامب لم يكن أقوى منه في أي وقت. وعندما يواجه ترامب حملة انتخابية صعبة ويبحث عن
اختراق دبلوماسي في الشرق الأوسط، ولو كانت هناك فرصة للموافقة على بيعها أف-35
فستكون الآن بعد رفض أمريكي استمر ثمانية أعوام".
كما أن السلام
مع إسرائيل يمنح الإمارات "بوليصة تأمين مخاطر" لو فاز جو بايدن في الانتخابات
"وستخفف من التوتر مع الديمقراطيين في الكونغرس الغاضبين من معاداة الإمارات
لاتفاقية أوباما النووية مع إيران أو بسبب الحرب في اليمن".
لكن ما كشفته محاولة كوشنر هو رفض إسرائيل لفكرة
حل الدولتين. فقد تخلى كوشنر عن الحيادية الأمريكية ووضع خريطة لدولتين أخذت بعين الاعتبار
كل المصالح الأمنية والسياسية لرئيس الوزراء المتطرف وقاعدته المتطرفة من
المستوطنين في الضفة.
وساهم نتنياهو
وسفيره في واشنطن رون ديرمر برسم الخريطة، ولكن نتنياهو رفضها. واقترح كوشنر ضم
30% من الضفة الغربية بشكل يمنح الفلسطينيين دولة على النسبة الباقية والتي تمزقها
المستوطنات وعاصمة على أطراف القدس. ولكن المستوطنين رفضوا وطالبوا بالسيادة على
كامل الضفة الغربية ورفضوا دولة فلسطينية يحاصرها الجيش الإسرائيلي.
وعندما حاول نتنياهو ضم 30% من الضفة منعته
الإدارة ثم جاء ما قيل إنه عرض الإمارات التي اقترحت وقف الضم مقابل التطبيع،
وعندها قفز نتنياهو. وبهذه الطريقة تم ربط مبادرة ترامب واتفاقيتي التطبيع
الحاليتين.
ويقول فريدمان
إن نتنياهو طلب من إدارة ترامب على مر السنوات الماضية امتحانه. وعندما عرض عليه
التحدي، سقط، فهو لم يهيئ قاعدته حتى لقبول دولة فلسطينية صغيرة منزوعة السلاح
وبدون سيادة.
وعن مستقبل القضية الفلسطينية بعد توقيع التطبيع
يقول فريدمان: "أشك أن الوجه الدولي للعملية السلمية قد انتهى، فلماذا سيتحاور
الرئيس الأمريكي والمبعوث الأوروبي مع بيبي إن كان بيبي يرفض خطته؟". وسينتهي
الموضوع الفلسطيني كقضية داخلية إسرائيلية، ومسؤولية إسرائيلية. وسيطالب 2.5 مليون
فلسطيني فقدوا أي منظور للحل بحقوق متساوية مع مواطني إسرائيل، مما سيضع تحديات
على الطابع اليهودي الديمقراطي بطريقة لم يضعها أي جيش عربي من قبل. وهذا هو إرث
نتنياهو الحقيقي.