هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
* السيسي كبائع مساحيق الغسيل يقول أحيانا ما يحتاجه المشتري.. وما يقوله اليوم قد يغيره غدا
* أتوقع الإفراج قبل بداية شهر رمضان عن عدد من المعتقلين بجانب عدد أكبر من السجناء الجنائيين
* المعارضة المصرية لا تتراجع لكن السيسي هو الذي يتقدم في ظلمه واستبداده
* لدينا أصوات محدودة ترى في رد فعل السيسي الأخير انتصارا لها وهزيمة لأصوات الاعتدال والعقلانية
* ملعب المعارضة مفتوح للجميع.. وإبعاد أي لاعب عن الساحة لن يستفيد منه سوى السيسي ونظامه
* ليس كل عسكري هو السيسي ولا سوار الذهب وليس كل مدني ديمقراطيا
* الخطاب الجديد للإخوان تطور مهم ومُقدر ينبغي البناء عليه حتى لو ظل السيسي على موقفه
* مصر في مفترق طرق بعدما أضاع السيسي كل الفرص المتاحة ووضع بلادنا في مهب الريح
* السيسي ليس هو مصر ولا حتى كل النظام.. والأزهر ينبغي أن يبقى له قدسية فوق الخلافات السياسية
* أدعو حمدين صباحي لوضع بدائل لندائه الذي وجّهه للسيسي الذي رفض كل النداءات والمبادرات الوطنية
* لا أحد يملك أن يدعي منفردا أنه قادر على إصلاح ما أفسده السيسي الذي جرّف الوطن من كل مقوماته
قال
زعيم حزب غد الثورة والمرشح الرئاسي المصري السابق، أيمن نور، إن المصالحة الوطنية
ليست خيارا للسيسي الذي قال إنه "سيضطر – يوما
ما- لإعمال نص المادة 241 الدستور الحالي، التي تلزمه بوضع أطر حقيقية للمصالحة
الوطنية.
وأكد،
في الحلقة الأولى من المقابلة الخاصة مع "عربي21"، أن "هناك مجموعة
من العوامل ستكون ضاغطة جدا عليه خلال الفترة المقبلة، وعلى رأسها تداعيات أزمة
كورونا التي تتزايد يوما بعد الآخر، والتي لن تجعله قادرا على الاستمرار بنفس درجة
الكبر والغطرسة السابقة، ولن يستطيع نظامه تحمل كل تبعاتها المختلفة".
وأشاد
نور بالرصد الذي نشرته قبل أيام صحيفة "عربي21" حول مواقف السيسي المرتبكة
والمتصادمة في شأن المصالحة الوطنية، قائلا: "السيسي كبائع مساحيق الغسيل، يقول
أحيانا ما يحتاجه المشتري، فإذا خاطب الخليج قال إن وجوده في السلطة وبقاءه فيها يعني
عدم وجود معارضيه، وإذا خاطب الغرب قال إن القرار للشعب، وما يقوله اليوم قد يغيره غدا".
ورأى
أن "المعارضة المصرية لا تتراجع، لكن السيسي هو الذي يتقدم في استبداده"،
مضيفا: "نحن لم نُهزم، لكن السيسي هو الذي يكسب وقتا، لكن النتيجة النهائية محسومة
بحساب النقاط والجولات"، ومنوها إلى أن "ملعب المعارضة مفتوح للجميع،
وإبعاد أي لاعب فيه لن يستفيد منه سوى السيسي ونظامه".
وتوقع
نور، الذي يشغل منصب المتحدث الرسمي باسم مجموعة العمل الوطني المصري، الإفراج قبل بداية شهر
رمضان المقبل عن عدد من المعتقلين، بجانب عدد أكبر من السجناء الجنائيين، إلا أنه
أكد أن "استمرار الاعتقالات أمر مرتبط باستمرار السيسي واستمرار منطق نظامه في
إدارة البلاد بالقهر والاستبداد والظلم ونتيجة طبيعية لغياب دولة القانون".
كما
أشاد نور بالخطاب الجديد الذي تتبناه جماعة الإخوان المسلمين خلال أزمة كورونا،
وخاصة تأييدها لمبادرة الأزهر، قائلا: "هذا موقف صحيح ومُقدر، وتطور مهم في الخطاب
السياسي، ينبغي البناء عليه حتى لو ظل السيسي على موقفه؛ فالسيسي ليس هو مصر ولا حتى
كل النظام، والأزهر في تقديري ينبغي أن يبقى له قدسية فوق الخلافات السياسية، وعليه
أن يؤكد صلاحيته دائما لهذا الدور المستحق".
وفيما يلي نص الحلقة الأولى من المقابلة الخاصة:
كيف ترى رد السيسي على بعض المبادرات والدعاوى الأخيرة سواء من جماعة الإخوان أو من بعض السياسيين البارزين مثل حمدين صباحي أو حسن نافعة وحلمي الجزار؟
الفارق
بين موقف هذه الأسماء المحترمة التي ذكرتها – وغيرها – وبين موقف السيسي – الذي أبداه
يوم 7 نيسان/ أبريل – هو بالضبط الفارق بين "العبث" و"المسؤولية"؛
فهؤلاء الذين اتفقوا – دون أن يلتقوا- في ملامح الطرح، رغم الخلافات السياسية والفكرية
بينهم، لم يكونوا ساعين بطرحهم لمكسب سياسي، أو انقضاض على السلطة، كما ذكر صاحبنا
أو كما يتوهم، لكنهم سعوا إلى التعامل مع أزمة كبيرة بواقعية ومسؤولية كبيرة فرضت عليهم جميعا تجاوز مرارات،
وحساسيات، وتراكمات سابقة، من أجل تجنيب مصر مخاطر ناشئة عن هذا الوضع الاستثنائي
– بمعنى الكلمة – تأمينا للوطن من الآثار الصحية والاقتصادية لتلك الجائحة، التي تعصف
بالجميع دون تفرقة بين مؤيد أو معارض، ليبرالي أو يساري أو إسلامي.
ففي
الأزمات الكبيرة، وفي كل الأوطان والأزمان يحتاج الوطن لكل المواطنين متوحدين كي يعبر
الأزمة والخطر، لكن من آيات بؤس السيسي ومحدودية أفقه السياسي والوطني، أن مسألة بهذا
الوضوح، وهذه البساطة والبديهية ليست موضع فهم واتفاق، بل أن الرجل حوّلها بغباء وضيق
أفق إلى معركة للتراشق بمختلف الاتهامات، وتُنسج حولها المزيد من الأكاذيب والأوهام
والافتراءات. فالسيسي يفهم كل ما يدور حوله من زاوية رؤية واحدة، وهي أن خطرا يتهدد
مقعده، متجاهلا أن لا أحد بات يتوحم على هذا المقعد، أو يقبل به، حتى ولو كان لا يقبل
باستمرار السيسي عليه.
وهل رد فعل السيسي الأخير أغلق كل الأبواب أمام حرية المعتقلين؟
أؤمن
أكثر من أي وقت مضى، أن الحرية تُؤخذ ولا تُعطى، والحقوق لا تُمنح ولا تُوهب، بل تُنتزع،
ولا أحد يملك أن يغلق كل الأبواب، وإغلاق الأبواب، لا يُغلق الشبابيك والنوافذ، والفضاء
الواسع، الذي لا يملك مفاتيحه إلا الله وإرادة الشعوب.
لكن الناس تشعر بالإحباط مع تراجع مواقف المعارضة وسقف مطالبها ومع مرور المزيد من الوقت؟
إننا
لا نتراجع، لكن السيسي هو الذي يتقدم في استبداده، إننا لم نُهزم، لكن السيسي هو الذي
يكسب "وقتا"، لكن النتيجة النهائية محسومة بحساب النقاط والجولات.
وما هي نتائج الجولات السابقة؟ هل انتصرت المعارضة أم هُزمت؟
يوما
نكسب جولة، ويوما نخسر جولة، يوما نتقدم، ويوما نتأخر، يوما نحتل إحدى القلاع، ويوما
نجلو ويحتلها الاستبداد، والظلم، والجهل، والفشل.
البعض يرى أن فشل المعارضة في إزاحة السيسي خلال سبع سنوات ينبغي معه أن تتنحى قياداتها عن المشهد وتترك الفرصة لآخرين.. كيف ترى هذه الدعاوى؟
حق
يُراد به – أحيانا – باطل، فهو حق إذا كان أحد من قيادات المشهد يُقصي غيره من المشهد،
أو يغلق الباب في وجوههم. وباطل إذا كان الملعب مفتوحا للجميع؛ فليس صحيحا أن المعارضة
فريق كرة قدم لا يزيد عدد المشاركين فيه عن 11 لاعبا ولابد لدخول آخرين للملعب خروج
لاعبين من المتواجدين داخل المستطيل الأخضر، فكما قلت إن قواعد الملعب السياسي تختلف
عن ملعب كرة القدم، فالملعب مفتوح، وخصم أو إبعاد أي لاعب، لن يستفيد منه سوى السيسي
ونظامه.
هل ترفض أنت شخصيا فكرة الاستقالة؟
بالعكس
أتمنى أن يكون لدي ما أستقيل منه، لكن للأسف ليس لدي وظيفة رسمية أو موقع تنفيذي كي أعفي نفسي منه، حتى موقعي الحزبي زعيم حزب غد الثورة، فهو موقع شرفي منحتني إياه
الجمعية العمومية للحزب بعد أن تركت رئاسة الحزب عام 2005، والتي تداولها بعدي أربعة
من الرؤساء على مدار 15 عاما.
لكن البعض يرى أنك تُقدّم نفسك كمرشح سابق للرئاسة وكبديل محتمل خاصة بعد وفاة الرئيس محمد مرسي؟
هذا
محض خيال وهواجس. قلت وأكرر: لا أحد في معسكر المعارضة الآن يتمنى أن يكون منفردا بديلا
عن السيسي. فلا رغبة، ولا قدرة على هذا، وليتوهم من يتوهم ما يحلو له. فقط نريد أن
يرحل السيسي، وتعود بلادنا حرة في أن تختار مَن تشاء.
ألا يتناقض الكلام عن عدم القبول باستمرار السيسي مع القول بعدم رغبة المعارضة في شغل هذا الموقع؟
اتسع
الخرق على الراتق، ولم يعد أحد سواء كان شخصا، أو حزبا، أو جماعة، يملك أن يدعي منفردا
أنه وحده قادر على إصلاح ما فسد، بعد أن جرّد السيسي الوطن من كل مقوماته، وحطّم الكثير
من أدواته وروافعه للخروج من الأزمة.
وأحسب
أني – مثلا – عندما تقدمت لخوض الانتخابات الرئاسية الأولى في تاريخ مصر، ضد حسني مبارك،
كانت لدي رؤية واضحة لنهضة سياسية واقتصادية تخرج بمصر من النفق، وتضعها على أول الطريق،
وكنت أستند على مقومات، ومعلومات، وخبرات دول مشابهة لحال مصر عام 2005، لكني اليوم
لا أملك مثل هذه المقومات، التي بدّدها السيسي، ولا تلك المعلومات التي يخفيها ويزيفها
السيسي، ولا تلك المقاربات مع أوضاع دول، كانت المسافة بيننا وبينها بضع سنوات، وباتت
الآن بضعة قرون.
هذا
عندما أتحدث عن شخصي، وقدراتي الفردية أو الحزبية، لكن هذا لا ينفي قدرة الأمة مجتمعة
في الخروج من هذه الغُمة، وتجاوز الأزمة، بمنظومة جماعية للإنقاذ، تتجاوز القبعات الحزبية
والعقائدية والسياسية.
إذا لم تقدّم المعارضة بديلا محددا عن السيسي.. فمَن يُمكن أن يُقدّم؟
الشعب
وحده الذي يملك أن يقدّم هذا البديل، والمعارضة دورها ينحسر فقط في بذل كل جهد لتحرير
إرادة الشعب ليختار مَن يمثله ويحكمه.
وما هي – في تقديرك – مواصفات الرئيس الذي يمكن أن ينقذ مصر ما بعد السيسي؟
منذ
آلاف السنين حدد قدماء المصريين ميثاقا للحاكم، ورد على لسان "أوزوريس" في
كتاب الموتى جاء فيه: لن أظلم الفقراء، لن أستبد بالعمال، لن أهين أحدا، لن أضر بأحد،
لن ألوث النيل، لن أحرم الأطفال من اللبن، ولا الجوعى من الطعام، ولن أضطهد خصومي،
ولن أحابي أصدقائي. فهذا هو ما نريده اليوم.
فالشعب
يريد رئيسا يقوده من العدم إلى الحياة، من الكراهية إلى الحب، من اليأس إلى الأمل،
رئيسا يرفع الشعب، ولا يرتفع على جثته، رئيسا يمتلئ صدره بالحب والإيمان لا بالنياشين،
رئيسا يبني للفقراء والشباب بيوتا، لا يبني لنفسه قصورا، رئيسا يشعر بالناس، ولا يتظاهر
بهذا فقط أمام الإعلام والشاشات.
رئيسا
تعرف الرحمة طريقا لقلبه، يؤمن بالتسامح، ويتسع قلبه لمعارضيه، قبل مؤيديه، ومنافسيه
قبل مسانديه، رئيسا عاقلا محافظا على كرامة الوطن واستقلال قراره، رئيسا لا يكون الاتفاق
معه سببا في مغنم، ولا الاختلاف معه مغامرة، رئيسا يرى موقعه وظيفة بعقد مؤقت لا بعقد
تمليك مؤبد، رئيسا يرى أنه موظف كبير، لا حكيم الحكماء، ومبعوث العناية السماوية. رئيسا
ككل رؤساء العالم المتحضر، وهذا أقل ما تستحقه مصر.
هل كان الرئيس الراحل محمد مرسى هو هذا الرئيس؟
الدكتور
محمد مرسي كان هو الرئيس الذي اختاره الشعب عام 2012 لأربع سنوات، في انتخابات حرة،
وحيدة، في تاريخ مصر، وكان ينبغي أن يحصل على فرصته كاملة كي يثبت أنه هذا الرئيس.
وهذا لم يحدث.
وهل ترى بعد حكم السيسي أنه يمكن أن يكون البديل ذو خلفية عسكرية؟
ليس
كل عسكري هو السيسي، ولا سوار الذهب، وليس كل مدني ديمقراطيا، لكن الأصل أن الشعوب
المنكوبة بالاستبداد، تسعى لمغايرة أسباب نكتبها، وتريد أن يكون البديل الذي يحكمها،
لم يترب في حضن الاستبداد، ولم يلوث بالمشاركة في خداع الشعب، أو قهره، أو سرقة ثرواته
واغتيال حقوقه.
جماعة الإخوان المسلمين طرحت خطابا جديدا خلال أزمة كورونا وأعلنت دعم مبادرة للأزهر وتأجيل خلافاتها مع النظام.. فكيف تنظرون للخطاب الجديد الذي قالت الجماعة إنها تتبناه؟
موقف
صحيح ومُقدر، وتطور مهم في الخطاب السياسي، ينبغي البناء عليه حتى لو ظل السيسي على
موقفه؛ فالسيسي ليس هو مصر ولا حتى كل النظام، والأزهر في تقديري ينبغي أن يبقى له
قدسية فوق الخلافات السياسية، وعليه أن يؤكد صلاحيته دائما لهذا الدور المستحق.
وكيف استقبلت النداء الأخير الذي وجهه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي إلى السيسي؟ وكيف ترى الهجوم عليه في وسائل إعلام النظام؟ وهل يُمكن أن يُقدم النظام على اعتقاله؟
تختلف
أو تتفق مع حمدين صباحي فهو رجل كان له دور سياسي كبير قبل ثورة يناير وبعدها، والرسالة
التي وجهها للسيسي كانت محل تقدير حتى ممن يختلفون معه، فمن الموضوعية أن نقيم ما كتب
بعيدا عن موقفنا من الكاتب.
وأنا
شخصيا قلت وأكرر أني سعدت برسالة حمدين، لأنها أعادت لذاكرتي حمدين الذي أعرفه منذ
33 عاما، ولم أستغرب الهجوم عليه من إعلام المخابرات، ولا أتمنى أن يمسه أي ضرر لقاء
ما أبداه من وجهة نظر محترمة.
وحمدين
كان يتحدث في خطابه للسيسي كإصلاحي، وأنا أرى أن السيسي شخص لا يصلح ولا يُصلح، بمعنى
أنه ليس هو الشخص المناسب مخاطبته بالعقل والمنطق، لأنه لم يُعمل هذا المنطق في أي
وقت من الأوقات، وأزعم أنه لن يفعل ذلك، ولا يُصلح لأن الأمل في إصلاحه ضعيف جدا
أو يكاد يكون منعدما، وبالتالي فإنني أعتقد أن السيسي ليس هو الشخص المناسب تماما
لمخاطبته بأي صورة من الصور، وعلى من يتصور خلاف ذلك أن يراجع موقفه كثيرا.
كما
أخَذ على حمدين أنه لم يضع في ندائه البدائل، فماذا لو لم يستجب السيسي لهذا النداء،
وأتصور أنه لم ولن يستجيب مطلقا، وهو ما عبّر عنه في خطابه الثلاثاء الماضي، لكن
السؤال: هل سيعود حمدين إلى المكان الذي يستريح فيه منذ سنوات طويلة؟ والحقيقة حمدين
ليس هو الرجل الذي يفعل ذلك، لأنه شخص مُقاتل، وبالتالي فهو مُطالب الآن بوضع تصور
لما بعد هذا الرفض الذي أعلنه السيسي بوضوح على الملأ، خاصة في هذا التوقيت الحرج
الذي تمر فيه مصر بمفترق طرق، وبعدما أضاع كل الفرص التي كانت متاحة، ووضع بلادنا
في مهب الريح.
هل استقبال السيسي لتلك المبادرات والدعوات التي ترددت في الآونة الأخيرة يدعم "أصوات التشدد" هنا أو هناك؟
نعم..
لدينا أصوات محدودة قد ترى في رد فعل السيسي الأخير انتصارا لوجهة نظرها، وهزيمة لأصوات
الاعتدال، والوسطية، والعقلانية، رغم أن أحدا لم يراهن يوما على السيسي أو يتوقع منه
غير ما قال أو فعل، وأعتقد أن هذا وربما يكون بعض ما يريده السيسي، ويبرزه إعلامه ومخابراته
أمام الداخل والخارج، فهو يريد أن يشيع دائما أنه يواجه خطابا متشددا وغير مسؤول؛ فالأصوات
الرصينة تُربك النظام، بينما يجد ما يبرر لجرائمه وتشدده في أصوات منفعلة دائما أو
منفلته أحيانا – بقصد أو غير قصد – بحسن أو سوء نية.
وكيف ترى أثر ما قاله السيسي على فكرة المصالحة الوطنية والإفراج عن المعتقلين؟
المصالحة
الوطنية، ليست خيارا للسيسي يلتزم به أو يتحلل منه، فهي منصوص عليها في المادة 241
من الدستور الحالي، وقد يجد السيسي نفسه مُضطرا لإعمال هذا النص يوما ما، خاصة أن
هناك مجموعة من العوامل ستكون ضاغطة جدا عليه خلال الفترة المقبلة، وعلى رأسها
تداعيات أزمة كورونا التي تتزايد يوما بعد الآخر، والتي لن تجعله قادرا على
الاستمرار بنفس درجة الكبر والغطرسة السابقة، ولن يستطيع نظامه تحمل كل تبعاتها
المختلفة، وخاصة الاقتصادية منها، رغم أنه قلق كثيرا على مصيره، لأنه أكثر من أي شخص
آخر يعلم ما ارتكبه من جرائم، وبالتالي فهو يحاول شراء الوقت وتجنب التداعيات التي
قد تكون كارثية عليه.
وقد لفت نظري مؤخرا رصد دقيق نشرته صحيفة "عربي21" لمواقف السيسي المرتبكة
والمتصادمة في شأن المصالحة الوطنية؛ فالسيسي الذي قال في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر
2015 في حواره مع البي بي سي البريطانية إن الإخوان جزء من دولة مصر الديمقراطية،
والشعب هو الذي يرجع له القرار في إعطائهم دور آخر في مستقبل البلاد، وأكد على هذا
المعنى في حوار مع وكالة الأسوشيتدبرس الأمريكية، ومؤتمر الشباب 2017، هو نفسه السيسي
الذي قال كلاما معاكسا في لقاء 7 نيسان/ أبريل 2020 الأخير، وهو السيسي الذي قال في
حديث لصحيفة الشاهد الكويتية 2018 إنه لن يسمح بأي دور للإخوان مادام موجودا على رأس
السلطة.
فالسيسي
كبائع مساحيق الغسيل، يقول أحيانا ما يحتاجه المشتري، فإذا خاطب الخليج قال إن وجوده
في السلطة وبقاءه فيها يعني عدم وجود معارضيه، وإذا خاطب الغرب قال إن القرار للشعب. فما
يقوله اليوم قد يغيره غدا.
أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة قال إن خروجه من محبسه مع 14 ناشطا سياسيا من القوى المدنية لم يكن بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد.. فما هي أبعاد الإفراج عن "نافعة" ومن كانوا معه من وجهة نظرك؟
أنا
شخصيا أحترم الدكتور حسن نافعة، وأعرف الكثير عن تاريخه ومواقفه وحياده وموضوعيته وبُعده
دائما عن التحزبات السياسية والانتماءات الحزبية، لذا السؤال بالنسبة لي، ليس لماذا
خرج الدكتور حسن نافعة، لكن السؤال الأهم هو كيف لنظام شبه عاقل أن يعتقل شخصا مثل الدكتور
حسن نافعة؟
رغم الدعوات الكثيرة للإفراج عن المعتقلين داخل السجون، إلا أن النظام قام خلال الشهر الماضي باعتقال نحو 150 شخصيا- وفق مصادر حقوقية- فلماذا حدثت تلك الاعتقالات؟ وهل تتوقع الإفراج عن بعض المعتقلين قريبا؟
نعم
أتوقع الإفراج قبل بداية شهر رمضان الكريم عن عدد من المعتقلين بجانب عدد أكبر من السجناء
الجنائيين، واستمرار الاعتقالات أمر مرتبط باستمرار السيسي واستمرار منطق نظامه
في إدارة البلاد بالقهر والاستبداد والظلم ونتيجة طبيعية لغياب دولة القانون.