هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يلقي فراغ منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا بظلاله على محادثات "جنيف والقاهرة"، بمساراتها الثلاثة، السياسي، والعسكري، والاقتصادي، والتي انبثقت عن مؤتمر برلين في التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي، وسط تساؤلات عن مصير تلك المحادثات التي كان يرعاها المبعوث السابق غسان سلامة بهدف التوصل لتسوية للأزمة الليبية.
وقبل نحو أسبوع، أعلن سلامة الذي تولى منصبه الأممي في يونيو/ حزيران 2017 خلفا لـ"مارتن كوبلر"، أنه طلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إعفاءه من منصبه لـ"ظروف صحية".
ورغم أن هذه المسارات لم تفض إلى نتائج ملموسة على الأرض، إلا أن استقالة سلامة زادت مشهد الأزمة الليبية تعقيدا.
مسارات غير متماسكة
وفي تعليقه، قال المحلل السياسي محمد شوبار، إن محادثات جنيف ستبقى رهينة بتسمية مبعوث أممي خلفا لغسان سلامة، مشددا على أن ما تقوم به فرنسا وألمانيا، (زيارة اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى باريس وبرلين) هي محاولة لإنعاش مخرجات مؤتمر برلين التي لم تحظ بإجماع الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي نظرا للموقف السلبي لروسيا حيال تلك المخرجات، مشددا على أن حالة الانقسام التي يشهدها مجلس الأمن تجعل عملية الاستقرار في ليبيا عملية مؤجلة.
وفي حديث لـ"عربي21" قدم شوبار كشف حساب "سلبي" للمبعوث السابق قائلا، "سلامة كان أداة لتنفيذ مشروع لإجهاض المسار الديمقراطي في ليبيا، فدوره لم يكن دورا محايدا بين أطراف النزاع، بأ إنه حاول في كثير من المناسبات الاحجام عن التعامل مع المؤسسات الشرعية المنبثقة عن الاتفاق السياسي(اتفاق الصخيرات).
وتابع بالقول: "البعثة الأممية رهينة للاعبين كبار يسيطرون على مجلس الأمن، باعتبار أن كل قرارتها لن تكن نافذة".
من جهته، قال المحلل والأكاديمي الليبي، فيصل الشريف، إن هناك حالة من الخشية في الأوساط الليبية من انهيار المسارات الثلاثة للأزمة الليبية والتي كانت تدار برعاية مباشرة من المبعوث السابق غسان سلامة، لكن هذه المسارات لم تكن متماسكة، في ظل غياب أي بوادر ايجابية لنجاحها.
اقرأ أيضا: هذه الأسباب وراء استقالة سلامة من منصبه الأممي في ليبيا
وأضاف في حديث لقناة فبراير تابعته "عربي21" أن المسارات الثلاثة التي تقودها الأمم المتحدة (جنيف والقاهرة)، محكومة بالفشل، بفعل تعدد الأطراف اللاعبة في الأزمة الليبية وتضارب المصالح، إضافة إلى عدم احترام قرارات الأمم المتحدة بخصوص ليبيا.
وشدد الشريف على أن غياب سلامة لن يؤثر سلبا أو إيجابا على مسارات جنيف، على اعتبار أن الحل الحقيقي ليس أمميا، أو بيد الاتحاد الأوروبي، بل عبر مقاربة حقيقية بين الدول التي تملك زمام الأمور في ليبيا، والتي تمسك بزمام الأمور فيها، مشددا على أن الحل للأزمة الليبية يكمن في انخراط هذه الدول في اتفاق ملزم، تشارك فيه دول كبيرة وفاعلة، وهي أمريكا وروسيا وتركيا.
خيبة أمل
بدوه، قال الكاتب الصحفي الليبي، محمد الكبير، إن استقالة غسان سلامة جاءت بعد خيبة أمله من المجتمع الدولي، فبعد مؤتمر برلين ظن أنه سيحظى بدعم دولي كاف لحل الأزمة، لكنه شعر بالخذلان.
وأضاف: "قرار مجلس الأمن لم يتم احترامه، فالأسلحة ما زالت تتدفق إلى ليبيا دون أي رد فعل دولي، رغم التزام الدول المعنية بما ورد في اتفاق برلين، ولذلك فإن سلامة شعر بإحباط واقتنع أن مهمته باتت مستحيلة، إلى جانب الوضع الصحي له، ما دفعه إلى إعلان استقالته". بحسب حديث لقناة فبراير تابعته "عربي21".
اقرأ أيضا: موقع أمريكي: هذه أبعاد الفوضى الدولية الجديدة في ليبيا
وبالنسبة لمصير محادثات جنيف، قال: "إما أن تمضي بها السيدة "ستيفاني ويليامز" التي تشغل منذ شهر تموز/ يوليو 2018 منصب نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، أو تبقى في حالة جمود إلى حين تعيين مبعوث جديد" وتابع: "وهنا لا نعرف ما الذي سيقوم به المبعوث الجديد، هل سيستمر بنفس النهج، أم سيغير خطة تحركه في الملف الليبي، وإلى حين ذلك، سيبقى الوضع على مستواه من التوتر في ليبيا".
استقالة مفاجئة
وتوقع الكبير، أن يستغرق تعيين مبعوث جديد وقتا طويلا، وفي هذا الإطار شدد على أن استقالة سلامة كانت مفاجئة، وقبل أن تنتهي مدته المقررة، ما يعني أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش لم يكن جاهزا لهذه الخطوة، خاصة أنه لا يستطيع أن يقرر لوحده تعيين مبعوث جديد.
وتابع: "لابد أن توافق الدول الكبرى على المبعوث الجديد، فضلا عن دعوات أطلقها الاتحاد الأفريقي لتعيين مبعوث مشترك أفريقي أممي خلفا لغسان سلامة".