هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للمحاضر في معهد الدوحة للدراسات العليا، محمد المصري، تحت عنوان "لعبة محمد علي: لماذا لا يستطيع السيسي مقاومة اللعب معه؟"، يقول فيها إن المقاول الذي يعيش في منفى اختياري قد أجبر السيسي على الدفاع عن نفسه، وقدم له عدة مفاجآت.
ويشير المصري في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أشرطة المقاول التي نشرها على موقعه في "فيسبوك" قد أشعلت حركة احتجاج ناشئة في مصر، لافتا إلى أنه أعطى أول لقاءاته الحصرية لموقع "ميدل إيست آي"، الذي يعكس التغيرات المتحركة في مصر منذ عدة سنوات.
ويقول الكاتب: "إن كانت المقابلة تعكس حاجة محمد علي للحديث مع الإعلام التقليدي، لتوصيل قضيته السياسية، إلا أنها تقدم تفسيرات أخرى للقضايا التي عرضها من خلال أشرطة الفيديو، التي شاهدها الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعرب محمد علي في المقابلة عن نيته للإطاحة بالسيسي عن السلطة، وكشف عن طبيعة التهديدات التي تلقاها من الحكومة المصرية، والسبب الذي دفعه للحديث بصراحة عن الفساد بعد عمل 15 عاما مع الجيش المصري".
ويذكر الكاتب ان المقابلة نشرت في اليوم ذاته الذي بث فيه محمد علي شريطه الأخير، وبعد يومين من خطاب السيسي في ذكرى حرب "السادس من تشرين الأول/ أكتوبر".
ويعلق المصري قائلا: "لو نظرنا إلى المقابلة والشريط وخطاب السيسي معا فنجد أنها تعبر عن طبيعة (اللعبة) التي أشار إليها المقاول، التي يلعبها مع السيسي، وتشير اللعبة، كما يقول محمد علي، إلى أنها محاولة لجر السيسي إلى الطريق ذاتها المتاحة للمعارضين المنفيين، وإجباره على اتخاذ موقف الدفاع وجره نحو مفاجآت".
ويجد الكاتب أن "السيسي يلعب عن قصد اللعبة مع محمد علي، وفي أكثر من خطاب عام تناول السيسي اتهامات الفساد دون ذكر اسم المقاول، وعادة ما تكون تعليقاته ليست في النص وخارجة عن السياق وبطريقة دفاعية".
ويلفت المصري إلى أن السيسي، وعلى مدى أسابيع مضت، استخدم منبر مؤتمر الشباب، للتأكيد بدلا من نفي معظم اتهامات محمد علي الشاجبة له بالفساد، فاعترف بوضوح أنه بنى قصورا رئاسية فارهة وسط معاناة المصريين من الفقر، وتحدى محمد علي الرئيس للحديث عن دوره في إطالة مشكلة السد مع إثيوبيا، وقد استخدم السيسي عدة دقائق من خطابه في ذكرى أكتوبر يوم الأحد للحديث عن اتهامات المقاول له، وقال إنه تعامل مع الأزمة بقوة.
وينوه الكاتب إلى أن السيسي لام المصريين على الفرص الضائعة، وحملهم مسؤولية التداعيات السلبية كلها، وأشار إلى أنه لم يفعل أمرا يجعله يستحق اللوم، مشيرا إلى أن السيسي تجاهل دوره الرئيسي في محادثات السد والتأكيدات التي قال فيها إن حصة مصر من مياه النيل لن تتأثر، ففي عام 2015 قال السيسي للمصريين إن عليهم ألا يخافوا "والأمور كلها جيدة"، وفي عام 2017، قال: "أؤكد أن لا أحد سيمس حصة مصر"، إلا أن خطاب السيسي يوم الأحد كشفت عن أمر مهم، ولسبب أبعد من دفاع السيسي عن سياسته من السد، وبدا ليس خائفا من المشروع الإثيوبي، بل من التظاهرات المعادية لحكمه.
ويفيد المصري بأن السيسي اعترف بأنه يتابع ما يقال عنه في منابر التواصل الاجتماعي المصرية، وأشار إلى أنه يشعر بالقلق إزاء التعليقات الناقدة له، وحث المصريين "للتعامل مع الوضع بطريقة هادئة"، وقال إن السياسة يجب أن تعالج بالحوار والهدوء، لافتا إلى أن السيسي انتقد تظاهرات عام 2011 التي قادت للإطاحة بسلفه حسني مبارك، بل إنه أشار إلى أن هذه الثورة كانت سببا في أزمة المياه التي تعاني منها مصر اليوم.
ويعلق الكاتب قائلا إن "تعليقاته عن الثورة تعد مهمة؛ لأنها كانت لحظة مهمة، ونظر إليها بطريقة إيجابية وبطولية، ولأن تعليقاته تمثل استمرارا للراوية المضادة، التي بدأ بتشكيلها بعدما أصبح رئيسا، وفي خطاب يوم الأحد قدم السيسي ما يمكن اعتباره أكبر شجب للثورة، قائلا: (لو لم تحدث 2011 لتوصلنا لاتفاق متبادل المنفعة عن السد، لكن عندما عرضت الأمة نفسها كان من الممكن عمل أي شيء ضار)".
ويجد المصري أن تعليقاته هذه كانت تعبيرا عن القلق من التظاهرات المضادة له، مشيرا إلى أنه ربط ما بين تظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر والهجمات الإرهابية في سيناء، ما يعني ان الاحتجاجات والعمليات الإرهابية هي شيء واحد "هما شيء واحد"، وحث المصريين على "الوحدة"، وحذرهم من "الاحتجاجات ضد الأمة".
ويرى الكاتب إن "هذه التعليقات هي إشارة واضحة إلى احتجاجات الشهر الماضي، التي فاجأت النظام، وأدت إلى حملة اعتقالات وقمع وتعذيب، ومن الملاحظ أنه حاول تفسير الاحتجاجات بأنها هجوم على الشعب، وهو ما يتماشى مع سرد النظام، مشيرا إلى أن المعارضة له تعد خيانة، و(لو لم تتنبهوا سيحدث ما هو أكثر لكم)".
ويجد المصري أن ما هو مهم أن تصريحات السيسي حذرت بشكل واضح من ثورة جديدة، وهو ما يعبر عن اعترافات سابقة، ففي كانون الثاني/ يناير 2018، قال في خطاب متلفز محذرا: "ما حدث قبل سبع أو ثماني سنوات لن يحدث مرة أخرى في مصر"، وقال في خريف عام 2018: "2011 كانت معالجة خاطئة لأغراض غير صحيحة".
ويعتقد الكاتب أن "اتهامات محمد علي أثرت بشكل واضح على النظام، فلم يجبر السيسي وإعلامه لتخصيص وقت كبير لمواجهة اتهامات المقاول فقط، بل إن النظام شعر بالحاجة للرد عليها بطريقة ملموسة، وتبنى السيسي استراتيجية من شقين تقوم على التنازل والاستفزاز/ الترهيب، ومن التنازلات كان تخفيض سعر الوقود، وفي الوقت ذاته رد بيد حديدية على الاحتجاجات، واعتقل أكثر من 2300 شخص، بينهم أطفال وناشطو حقوق إنسان وصحافيون وساسة".
وينوه المصري إلى أنه في الوقت ذاته فإن محمد علي عدل من أساليبه لتتناسب مع واقع الظروف على الأرض، فأشرطة الفيديو الأولى تحدثت عن نهاية للنظام، لكنه يقول الآن إنه يلعب لعبة طويلة مع السيسي، التي ستنتهي بعزله حتى لو اقتضى النصر أشهرا، مشيرا إلى أن نبرته تجاه الإخوان المسلمين تغيرت في الفترة الأخيرة عن الأشرطة الأولى، التي اعترف بها بعدم تعاطفه مع الإسلاميين، بل إنه ذهب أبعد للقول إنه يجب منعهم من المشاركة.
ويفيد الكاتب بأن علي قدم في الأشرطة الأخيرة نبرة جديدة تعاطف فيها مع الرئيس الراحل محمد مرسي، ومدح الإخوان والحركة الإسلامية بشكل عام، وفيها قال إن الإخوان ليسوا حركة إرهابية، وأن أعضاءها هم جزء مهم من المجتمع المصري، و"يبدو أن التغير في اللهجة مرتبط بالاعتقاد بأن حركته لن تنجح دون دعم الإخوان لها".
ويقول المصري إن "السياسة المصرية بدت قبل أسابيع ميتة، ودفنت تحت تراب الأنظمة الديكتاتورية وأسوأ انتهاكات لحقوق الإنسان في العالم، وتوقعت قلة تظاهرات حاشدة ضد السيسي، الذي فاز في انتخابات هزلية وعدل الدستور ليواصل الحكم".
ويرى الكاتب أن محمد علي نجح بجلب تنوع من المصريين تحت رايته، مشيرا إلى أن المصريين كلهم الذين اختلفوا خلال السنوات الماضية توحدوا تحت ظل راية معاداة السيسي.
ويقول المصري إن السيسي يعلم أن شعبيته تتراجع وأن ملايين المصريين يمقتونه، ويعلم أنه لا يستطيع منع محمد علي من بث أشرطة فيديو، أو منع المصريين من مشاهدتها.
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "ستتواصل اللعبة أحب السيسي ذلك أم كرهه، ونعلم أنه لعب ولسنوات لعبة ديكتاتورية هجومية، وسنعرف خلال الأسابيع المقبلة إن كان دفاعه ضد المعارضة الشعبية قوي بما فيه الكفاية أم لا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)