هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار قرار النائب
العام المصري المستشار حمادة الصاوي، بتعيين نجله ونجل شقيق رئيس نظام الانقلاب
العسكري عبد الفتاح السيسي، ونجل النائب العام الأسبق هشام بركات، بالمكتب الفني
للنائب العام لنيابة أمن الدولة العليا، الكثير من علامات الاستفهام حول ملف
التوريث والفساد في التعيينات والترقيات داخل السلطة القضائية.
وبحسب قضاة سابقين
وباحثين بالملف القضائي تحدثوا لـ"عربي 21، فإن 20% من أعضاء الهيئات
القضائية، يشكلون "تنظيما طليعيا" يخضع لسيطرة النظام الحاكم لتنفيذ
أهدافه، ومعظمهم تتم مكافأتهم بتعيين أبنائهم في المناصب المختلفة، وهو ما انعكس
بالسلب على استقلال القضاء في السنوات الأخيرة.
وكان ثاني قرار للنائب
العام المستشار حمادة الصاوي الذي عينه السيسي قبل أسبوعين، تعيين عبد الرحمن نجل
شقيق رئيس نظام الانقلاب عبد الفتاح السيسي المستشار أحمد سعيد السيسي نائب رئيس
محكمة النقض، وتعيين نجله أحمد حمادة الصاوي، وتعيين محمد نجل النائب العام الأسبق
المستشار هشام بركات، بالمكتب الفني للنائب العام لنيابة أمن الدولة العليا.
وفي ردها على
الانتقادات التي صاحبت القرار، نشرت الصحف المصرية المقربة من النظام المصري بيانا
موحدا صادرا بشكل غير رسمي عن مكتب النائب العام، أكدت فيه أن المستشارين الثلاثة
يعملون بالفعل بنيابات أمن الدولة منذ 3 سنوات، وأن قرار تعيينهم بالمكتب الفني، لم
يحدث جديدا بوضعهم الوظيفي الذي كانوا يقومون به.
إقرأ أيضا: ملاحقة ورثته.. آخر قرارات القضاء المصري بحق الرئيس مرسي
وبحسب مصادر قضائية،
فإن آخر تعيينات في النيابة العامة، جرت في شباط/ فبراير 2019، لدفعة خريجي كليات
الحقوق والشريعة والقانون لسنة 2015، شهدت تعيين 120 من أبناء القضاء بنسبة 35%،
من إجمالي الذين تم تعيينهم، بالإضافة لتعيين 7 من الضباط وأبناء القيادات الأمنية
بوزارة الداخلية، ويحكم المستشارون العاملون من أبناء القضاة السيطرة، على 75 مقعدا
بمحاكم الاستئناف، و11 مقعدا بمحكمة النقض، ومثلها في الحركة الداخلية للنيابة
العامة.
وشهدت الحركة التي
سبقتها عام 2016، لدفعة 2014، تعيين 47 من أبناء القضاة من 185 بالنيابة، بنسبة
26%، بالإضافة لـ15 من ضباط الشرطة الذين تقدموا للعمل بالنيابة، وآخرين من أبناء
القيادات الحالية والسابقة بالداخلية.
تنظيم طليعي
من جانبه يؤكد المنسق
العام السابق لقضاة من أجل مصر، المستشار وليد شرابي لـ"عربي21" أن سلك
القضاء يتحكم فيه تنظيم طليعي يضم 2000 قاض، يمثلون 20% تقريبا من إجمالي الهيئة
القضائية، وهو تنظيم معروف بالاسم لدى الجهات الأمنية، التي تسيطر عليه بشكل كبير،
ويتم تعيينهم بالمناصب العليا، للتحكم بمفاصل القضاء.
وأشار شرابي إلى أن "النسبة
الباقية وهم 80% قضاة صالحون، ولكنهم لن يحصلوا على أي فرصة للترقي، لأنهم لن
يكونوا طوع أمر النظام العسكري، الذي يُجيد استخدام أوراقه جيدا داخل مؤسسات
الدولة مثل القضاء والبرلمان والإعلام لفرض سيطرته وتنفيذ مخططه الديكتاتوري
والدموي ضد المصريين".
ولفت إلى أن نظام السيسي
يقوم "بصناعة سلطة قضائية جديدة قوامها الأساسي الفساد، وهو ما يهدد مستقبل
مصر، وليس القضاء فقط، لأنها تخلت طواعية عن استقلالها، وسلمت نفسها أو
محمد شرين فهمي أو محمد ناجي شحاتة، ليسوا وحدهم الفاسدين، وإنما رئيس وقضاة محكمة
النقض، الذين يرفضون الطعن على هذه الأحكام، هم أكثر منهم إجراما وفسادا".
وأضاف شرابي: "رئيس
محكمة النقض والنائب العام ورؤساء الهيئات القضائية والمحكمة الدستورية، يتم
تعيينهم مباشرة بقرار من السيسي، بعد كتابة عشرات التقارير عنهم، من الأمن الوطني
والأمن العام والرقابة الإدارية والمخابرات العامة، ما جعل وجودهم في النهاية
لتنفيذ توجهات النظام وأوامره، وإلا تعرضوا للعقاب".
ويوضح المنسق السابق
لقضاة من أجل مصر، أن القضاء به كفاءات كثيرة، ولكن يتم تهميشها بشكل متعمد من
المسؤولين، لأنهم ليسوا من المحاسيب، وهؤلاء هم القوام الأساسي للقضاء المصري،
وأغلبهم وكلاء ورؤساء النيابات في الصعيد والأرياف.
رأس الحربة
ومن جانبه أكد الباحث
المتخصص في الشأن القضائي محمد يعقوب لـ"عربي21" أن ما يقرب من 100 قاض،
و20 عائلة هم أصحاب النفوذ والسيطرة بالهيئات القضائية المختلفة، ويتم استخدامهم
للتحكم بمفاصل القضاء، مثل التفتيش القضائي، والمكاتب الفنية ونيابة أمن الدولة
العليا، والنيابات الكلية بالمحافظات الرئيسية، والمحامون العامون في القطاعات
الهامة.
ويضرب الباحث القضائي
مثالا بقاضي الإعدامات محمد شرين فهمي، الذي كان والده ضابط شرطة، قامت الجماعات
الإسلامية بتصفيته في التسعينيات، وهو الآن المشرف على الإدارة الجنائية لدوائر
الإرهاب، التي تحاكم معارضي النظام، كما أن شعبان الشامي الذي أصدر حكما بالإعدام
على الرئيس الراحل محمد مرسي، تمت مكافأته بتعيينه مساعدا لوزير العدل للطب الشرعي.