صحافة دولية

ناشونال إنترست: هل يخدم عداء إيران مصالح أمريكا بالمنطقة؟

ناشونال إنترست: مصالح أمريكا لن تخدم بدعم طرف في المنطقة على حساب آخر- جيتي
ناشونال إنترست: مصالح أمريكا لن تخدم بدعم طرف في المنطقة على حساب آخر- جيتي

نشر موقع "ناشونال إنترست" مقالا للزميل في مؤسسة "ديفنس برايورتز" دانييل آر. ديبيتريس، تحت عنوان "لا تصدقوا ضجيج الحرب مع إيران".

 

ويقول ديبيتريس في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن نشر مقاتلة بي52 في منطقة الخليج، وتزايد المخاوف من قيام المليشيات الموالية لإيران بعمليات ضد الولايات المتحدة وأصدقائها في المنطقة، يعني أن البلدين يقفان على بعد خطوة من حرب شاملة تندلع بسبب سوء في التقدير، وهي بالضرورة حرب لا يريدها أي منهما.

 

ويرى الكاتب أن "صعود كل من مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو، اللذين قضيا مسيرتهما المهنية وهما يدعوان إلى تغيير النظام الإيراني، ساعد على إثارة حالة غير ضرورية من التصعيد، في وقت يفضل فيه الرئيس دونالد ترامب التفاوض". 

 

ويجد ديبيتريس أن "خطورة الوضع الحالي هي نتاج للسياسة الأمريكية تجاه إيران، التي عانت طوال العقود الماضية من أخطاء، فالدفع ذو الآثار العكسية باتجاه الحرب مع إيران، للتخلص من أسلحتها غير المرغوبة، قائم على أساس لا تدعمه الحقيقة حول قوة إيران في المنطقة، وموقعها الاستراتيجي، وقراءة غير جيدة لما يمكن للعقوبات أو الضغط العسكري تحقيقه".

 

ويفيد الكاتب بأنه "مع ذلك، فإن نخبة صناع السياسة الخارجية في واشنطن تريد خداع الشعب الأمريكي حول الشرق الأوسط، وفي الحقيقة فإن المؤسسة في واشنطن لم تتكيف مع الواقع الاستراتيجي في المنطقة، فأعضاء المؤسسة يبالغون في تقدير أهمية المنطقة، ويفرطون في تعريف المصالح الأمريكية، هذا إن قاموا بتحديدها أصلا، وبالنسبة لهم فإن المنطقة مهمة من الناحية السياسية والاقتصادية نظرا لوفرة احتياطات النفط".

 

ويلفت ديبيتريس إلى أن "المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ضيقة للغاية، وتقوم على تجنب أي توقف لتدفق النفط، ومنع ظهور هيمنة إقليمية، والتخلص من التهديدات المعادية للولايات المتحدة، وهي أهداف قابلة للتحقيق ولا تحتاج أمريكا إلا القليل لتنجزها".

 

ويبين الكاتب أن "سوق الطاقة العالمي أصبحت متنوعة، وتغطي مصادر بديلة، ووسعت الولايات المتحدة من إنتاجها للنفط الخام، فالولايات المتحدة هي أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، فحققت رقما قياسيا في النفط الذي قدمته للمستهلك في أثناء شهر شباط/ فبراير، بلغ 3.2 ملايين برميل في اليوم، ولم يعد الاستيراد من الشرق الأوسط ضروريا، وما يعنيه هذا الأمر هو أن منطقة الخليج لم تعد الموضوع الجيوسياسي للسياسة الأمريكية، كما كانت في الماضي".

 

وينوه ديبيتريس إلى أن "الأمر الثاني هو ميل المؤسسة لتحميل إيران مشكلات الشرق الأوسط كلها، فواشنطن تقول إن طهران هي أكبر داعم للإرهاب في العالم، وتقوم بتمويل ودعم جماعات في لبنان والعراق واليمن وقطاع غزة، ومع أن هذا الكلام صحيح، وظل جزءا من استراتيجية الأمن القومي الإيراني، التي تهدف إلى زعزعة منافسيها وإجبارهم على إنفاق المال والمصادر الأخرى للرد، إلا أن هذا لا يعد تهديدا للولايات المتحدة". 

 

ويذكر الكاتب أن "هذا كان هو الواقع منذ 40 عاما، بالإضافة إلى أن إيران ليست الوحيدة المتورطة في أعمال شائنة، فهناك السعودية والإمارات العربية ومصر، التي قامت بأعمال خبيثة في العالم العربي".

 

ويشير ديبيتريس إلى أن "مصر قامت وعلى مدى السنين بإرسال الدعم العسكري والاقتصادي للجنرال حفتر، الذي شن حربا على الحكومة المعترف بها دوليا، وقام باستبدالها بنظام فردي يقوده، وتحت إدارة محمد بن سلمان ارتكبت السعودية سلسلة من الجرائم، التي تسببت بتعاسة الملايين، فهو من اختطف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وهو من شن حرب اليمن التي دمرت بنية البلد الفقيرة، وجوع الملايين من السكان، وتسبب ببؤسهم، وقام بمحاصرة دولة قطر؛ في محاولة لتحويل الدولة الصغيرة إلى دويلة تابعة".

 

ويقول الكاتب: "في المحصلة، فإن تحميل شرور المنطقة كلها على إيران هو جدال تبسيطي، فإيران هي واحدة من عدة أنظمة تعيث الفوضى والعنف في الشرق الأوسط".

 

ويلفت ديبيتريس إلى أن "الأمر الثالث هو أن الولايات المتحدة تعتقد أنها ستجبر إيران، من خلال فرض نظام عقوبات قاس، على تغيير سلوكها، فالضغوط القصوى التي فرضتها إدارة ترامب ليست جديدة، فمنذ الثورة الإسلامية عام 1979، وأزمة الرهائن الأمريكيين، فرضت واشنطن عقوبات مشددة على إيران، وباستثناءات قليلة حلت العقوبات والعزلة مكان الدبلوماسية، ومن هنا فإن الضغوط الجديدة التي تمارسها إدارة ترامب هي استمرار للوضع القائم، إلا أن الرزمة الجديدة من العقوبات تدفع إيران إلى الزاوية، وقد تنتج في النهاية حربا أو أزمة". 

 

ويقول الكاتب إن "إيران، مثل بقية الدول في المنطقة، أظهرت أنها لن تخضع للضغوط الخارجية، وسيرد الإيرانيون بتحد وليس باستسلام، ولن تقبل الولايات المتحدة دولة تفرض عليها مطالب، ويجب ألا نفاجأ من الموقف الإيراني الرافض، فطهران استطاعت الصمود في حرب الثماني سنوات مع العراق، الذي كان متفوقا عليها من الناحية العسكرية ويحظى بدعم من الغرب، في وقت كانت فيه إيران معزولة وتواجه حظرا لاستيراد السلاح".  

 

ويعتقد ديبيتريس أن "العدوانية الأمريكية ضد إيران لن تؤدي إلى تغيير سلوكها، بل ستؤدي إلى معاداة ضد أمريكا، وبهذه الطريقة تبدأ الحروب".

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "يجب على إدارة ترامب في هذه الحالة التركيز، في المدى القريب، على التخفيف من حدة التصعيد، قبل أن يقود إلى حرب كارثية جديدة في الشرق الأوسط، ولن تتحقق مصالح الأمن القومي الأمريكية من خلال دعم طرف في منطقة مزدحمة باللاعبين الأشرار، وفي النهاية يجب التركيز على ما هو مهم لأمريكا، بدلا من التركيز على حل مشكلات المنطقة".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)