هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف خبراء وسياسيون مصريون خداع الحكومة المصرية لمنظمة اليونسكو في ما يتعلق بأرقام موازنات التعليم والبحث والعلمي، والتي أعلنت المنظمة الدولية أنها تجاوزت 6.1 مليار دولار، (110 مليارات جنيه) في موازنة 2018/ 2019.
وحسب المختصين الذين تحدثوا لـ "عربي 21" فإن موازنة التعليم والبحث العلمي خلال الموازنات الأخيرة لم تتجاوز 0.1% من إجمالي الموازنة، في مخالفة لدستور 2014 الذي ألزم الحكومة بألا تقل الموازنة عن 2% من إجمالي الموازنة المصرية.
ووفقا للموازنة الرسمية للتعليم العالي والبحث العلمي والجامعات والمراكز والمعاهد البحثية المصرية عن العام المالي 2018-2019 التي اعتمدها البرلمان في تموز/ يوليو الماضي، فقد بلغ إجمالي المخصصات 41.5 مليار جنيه (2.2 مليار دولار)، منها 38.5 مليار جنيه مقسمة بين التعليم العالي والجامعات، و3 مليارات جنيه تم تخصيصها للمعاهد والمراكز البحثية.
من جانبه أعلن وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، أن بلاده تتفوق على دول مثل الصين والهند والبرازيل والمكسيك وهولندا، طبقا لتصنيف مجلة "نيتشر" الأمريكية التي صنفت مصر كثاني أفضل دولة بقائمة البحث العلمي والأوراق العلمية بعد باكستان لعام 2018.
وتأتي تصريحات الوزير بعد صدور تصنيف شنجهاي الصيني لأفضل 500 جامعة عالميا، والذي جاءت فيه جامعة القاهرة ضمن حزمة الأرقام من 401 إلى 500، تليها جامعة الإسكندرية التي جاءت ضمن حزمة الأرقام من 601 إلى 700.
وفي تعليقه على تصريحات وزير التعليم العالي بأن مصر تتقدم على دول مثل الصين والهند في البحث العلمي أكد الخبير المصري السابق بالأمم المتحدة الدكتور إبراهيم نوار، أن التسمية اللائقة للوزير بأنه وزير تخريب التعليم العالي بمصر، موضحا أن التعليم ما قبل الجامعي والجامعي وما بعد الجامعي والبحث العلمي في حالة انهيار مستمر وبلا توقف، وتعد جريمة ترتكبها الحكومة في حق المجتمع المصري.
ويضيف نوار لـ "عربي 21" أن الأخطر من تصريحات الوزير هو الخداع الذي مارسته الحكومته مع منظمة دولية بحجم اليونسكو، وهو ما يكشف تعمد الحكومة الكذب في الإحصاءات التي تقدمها للمنظمات العالمية، والتي تحمل مبالغة كبيرة لتجميل صورتها في الخارج، بينما الحقيقة أن اتهام الحكومة بالكذب والمبالغة ليس فيه أي تحامل وإنما هو مجرد كشف لحقيقة تحاول الحكومة أن تطمسها بهدف التضليل.
ويؤكد الخبير الأممي السابق أن أرقام الإنفاق على البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في مصر، المأخوذة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تبين أن قيمة ما تنفقه مصر على البحوث العلمية والتطوير يبلغ 6.1 مليار دولار، بما يعادل 110 مليارات جنيه مصري، وهو المبلغ الذي يزيد عن 5 أمثال جميع ميزانيات البحث العلمي في كل وزارات وجامعات ومعاهد مصر البحثية في العام الحالي، بما في ذلك وزارة البحث العلمي.
ويضيف نوار أن الرقم الذي أعلنته اليونسكو طبقا لما جاءها من الحكومة المصرية، يشير لتفوق مصر على دولة مثل النرويج التي تنفق 5.8 مليار دولار سنويا في نفس المجال، بالإضافة للتفوق على دول أخري مثل جنوب أفريقيا وإيرلندا والبرتغال والمجر وتايلاند، وهو بالتأكيد أمر يدعو للضحك والسخرية.
وعن أسباب خداع الحكومة للمنظمات الدولية، يوضح نوار ان الحكومة تتعمد الكذب في الأرقام التي تقدمها عن مصر للشعب المصري نفسه، وبالتالي فليس غريبا أن تقدم أرقاما كاذبة للعالم، وهو أمر ليس متعلقا بالبحث العلمي فقط، وإنما في كل المجالات الأخري.
ويدعم الباحث السياسي أسامة أمجد الرأي السابق، مؤكدا أن خداع الحكومة وتلاعبها بالأرقام المعلنة أصبح من سمات النظام الحالي، مستدلا بفضيحة حملة 100 مليون صحة التي أعلنت الحكومة أنها تتم بإنفاق حكومي وتحت رعاية رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ثم كشف البنك الدولي أنه هو الذي يتولي التمويل وليس الحكومة المصرية.
ويضيف أمجد لـ "عربي 21" أن رئيس أكاديمية البحث العلمي كشف أن الدولة خصصت لأكاديميته المعنية الأولي بالبحث العلمي 320 مليون جنيه (1.7 مليون دولار) لمشروعات البحث العلمي في 2018/ 2019، وهو أكبر رد يمكن توجيهه للمسؤولين المصريين الذين يمارسون الخداع بشكل ساذج، لا يخيل على المواطن المصري.
ويشير الباحث السياسي أن الأنظمة الفاشلة دائما تلجأ للكذب من أجل تهدئة الجماهير، وهو ما يتقنه النظام العسكري الذي يديره السيسي منذ خمس سنوات، حيث حول كل شيء لكذب وخداع، منها تحميل المواطنين مسؤولية فشله باعتبارهم السبب في الزيادة السكانية وأزمة المياه وارتفاع الأسعار.
ويوضح أمجد أن نجاح السيسي في القضاء على الرقابة البرلمانية الممثلة في البرلمان، والرقابة الشعبية الممثلة في وسائل الإعلام، جعل حكومته تواصل الكذب والخداع دون الخوف من رقيب أو ممن يفضح ممارستها، وتساءل قائلا:"لو أنه كان في البرلمان معارضة مثل برلمانات 2000 أو 2005 فهل كان يمكن لتصريحات الوزير السابقة أن تمر دون حساب؟" مجيبا "بالطبع لا".