أكد مختصون بالعلاقات
المصرية الإفريقية أن منتدى إفريقيا 2018 الذي اختتمه رئيس الانقلاب بمصر عبد
الفتاح
السيسي، لا يعكس أن لمصر دور فاعل بالقارة السمراء، مؤكدين أن السيسي يسعى
من خلال هذه المنتديات لمخاطبة افريقيا عن بعد، وهو ما يرفضه الأفارقة بشكل واضح
منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.
ويشير المختصون الذين
تحدثوا لـ"
عربي21" أن عدم قناعة النظم العسكرية المصرية التي جاءت بعد
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بأهمية إفريقيا لمصر، وتركيزهم على العلاقات
المصرية الأمريكية والروسية والخليجية، أدى لتقزيم الدور المصري، وتحوله لدور شرفي
أو بروتوكولي لا أكثر.
وكان السيسي أكد في
ختام منتدى شباب رواد الأعمال بإفريقيا، الذي تنظمه مصر للعام الثاني على التوالي
تحت شعار "إفريقيا 2018"، على أهمية الاستقرار الامني بإفريقيا من أجل
تحقيق النمو الاقتصادي المرجو لدول القارة، مؤكدا على ضرورة زيادة الاستثمارات
وتنفيذ مشروعات مشتركة وعابرة للحدود.
وحمَّل السيسي في كلمة
أخرى الزيادة السكانية بالقارة، مسؤولية تراجع معدلات النمو، منتقدا المجتمع الدولي
لعدم اهتمامه بالقارة السمراء.
وأشار إلى أن هذا
الإهمال سيكون له نتائج سلبية في المستقبل بعد أن يصل عدد سكان القارة لمليار
مواطن بحلول 2050.
وأكد السيسي أن
الاتحاد الإفريقي كقيادة قارية يستطيع أن يعمل بشكل مركزي لتحقيق مشروع عملاق بكلفة
150 مليار دولار لبناء بنية أساسية على مستوى القارة
من جانبه أكد السفير
السابق بالخارجية المصرية، الدكتور باهر الدويني، لـ"
عربي21" أن المنتدى
الذي شهدته مدينة شرم الشيخ على مدار يومين، يعد استكمالا لمنتدى شباب العالم الذي
نظمته مصر قبل أيام تحت رئاسة السيسي كذلك، موضحا أن عدم وجود مشاركة مميزة للقادة
والزعماء الأفارقة البارزين، يعكس عدم أهمية المنتدى على المستوي الرسمي السياسي
والاقتصادي.
وأوضح الدويني أن
مشروع العلاقات عن بُعد الذي يتبناه السيسي في القارة الإفريقية يعكس فشل الخارجية
المصرية، وعدم قناعتها بأهمية القارة الافريقية التي تحقق عدد من دولها معدلات نمو
متقدمة على مستوي العالم، مثل كينيا وبنين وإثيوبيا، وقبلهم جنوب إفريقيا، مع
توقعات بأن تدخل دول أخري بغرب وشرق القارة ضمن الاقتصاديات الأكثر جذبا
للاستثمارات الدولية.
وقال السفير السابق إن
مصر هي التي بحاجة للقارة السمراء، وليس العكس، مشيرا إلى أن افتقاد مصر للقوي
الناعمة في التأثير بإفريقيا، جعلها تخسر مكانتها بشكل مؤثر، وهو ما يرجع في
الأساس لوجود مصالح خاصة وضيقة للمسؤولين عن هذا الملف سواء في المخابرات العامة
أو وزارة الخارجية.
وطبقا للسفير الدويني
فإن خطاب السيسي في المنتدى الذي شهدته شرم الشيخ، هو نفس خطابه المحلي غير
المقبول داخليا، وبالتالي لن يكون مقبولا لدي الأفارقة خاصة فيما يتعلق بالزيادة
السكانية التي لا يعتبرها الأفارقة تمثل أزمة على عكس مصر.
وأضاف الباحث المتخصص
بالشؤون الإفريقية، سعد عبد القادر، لـ"
عربي21" ان غياب الاهتمام
الإعلامي للمنتدى الذي نظمه السيسي يؤكد عدم جدواه، خاصة وأن الأفارقة بحاجة
لتحركات ملموسة، وليس لمؤتمرات كلامية تستعرض الانجازات الشخصية، كما حدث بالكلمة
الافتتاحية للسيسي والذي تحدث فيها عن إنجازه في مشروع قناة السويس.
وأشار عبد القادر إلى أن
السيسي قام بزيارة ما يقرب من ثماني دول إفريقية، في غرب وشرق ووسط القاهرة، وكلها
زيارات كانت لصالح الغير، ولم تشهد مكاسب للجانب المصري في أهم قضاياه المصرية وهي
قضية سد النهضة على سبيل المثال رغم زيارة السيسي لكل من إثيوبيا والسودان عدة
مرات.
وفيما يتعلق بمقصده
بأنها كانت زيارات لصالح الغير، أكد الباحث بالشؤون الافريقية أن زيارات السيسي
لدول غرب وشرق افريقيا نهاية 2017، كانت بهدف حشد الافارقة لجانب المربع الخليجي
في الازمة مع قطر، وهو ما رد عليه رئيس القمة الإفريقية التي عقدت باثيوبيا 2017،
بأن القارة بها ما يكفيها من الازمات والمشاكل وليست بحاجة لأزمات جديدة، وهو ما
مثل فشلا كبيرا للدبلوماسية المصرية وقتها.
وأضاف عبد القادر أن
الهدف الثاني من تحركات السيسي في إفريقيا كانت لدعم الدور السعودي والإماراتي في
مواجهة التحركات الإيرانية والتركية المتنامية والمتسارعة في القارة، بينما كان
الهدف في زيارته لتشاد على سبيل المثال، دعم حليفه في ليبيا خليفة حفتر، بالاضافة
لهندسة التطبيع التشادي مع اسرائيل، ما يؤكد في النهاية أن المصالح المصرية كانت
غائبة أو لم تكن ذات أولوية في هذه التحركات على عكس ما يشيع الاعلام الرسمي
المصري.
ولفت عبد القادر إلى
وجود أدوار مشبوهة تمارسها المخابرات المصرية في إفريقيا لتحقيق مصالح خاصة على
حساب المصالح الوطنية العامة، بإنشاء شركات وهمية او محدودة بدول غرب وشرق ووسط
القارة، تحصل بموجبها على دعم مادي كبير، بينما الواقع يؤكد انه ليس لها وجود فاعل
على أرض الواقع، ولم تحقق لمصر اية اهداف ملموسة، سياسية أو اقتصادية.