هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لبيراسيون" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الخلافات الدائرة بين اليسار البريطاني والإسرائيلي، التي وصلت إلى حد إدانة حزب العمل الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو علنا، مواقف رئيس حزب العمال البريطاني جيريمي كوربين المناهضة للصهيونية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن المشكلة برمتها تتمثل في أن جيريمي كوربين لم يتوقف على
امتداد عقود، عن المشاركة في أنشطة مؤيدة للفلسطينيين، كما ظهر رئيس حزب العمال
البريطاني في عدة مناسبات برفقة أشخاص متهمين بمعاداة السامية، بالإضافة إلى
ناشطين محسوبين على حركة حماس وتلاحقهم تهم متعلقة بالإرهاب.
وأفادت الصحيفة بأن "موقف كوربين من حل الصراع
الفلسطيني الإسرائيلي لا يزال غامضا وغير واضح، وسنة 2016، كشف كوربين عن موقفه
الرسمي من القرار الأممي المتعلق بالاعتراف "بحق إسرائيل في تأسيس دولة على
الحدود الأصلية عام 1948".
وذكرت أن "كوربين معروف بميوله إلى الجانب
المشرق من التاريخ البريطاني، ومتداول عنه أنه معاد للإمبريالية ومقاوم للأفكار
المريضة"، مشيرة إلى أن الاتهامات التي تطارد كوربين بشأن معاداة السامية
وعلاقته بشخصيات متهمة بالإرهاب، قد دبرها أتباع اللوبي المؤيد لإسرائيل وفئة من
حزب العمال البريطاني التي تدين بالفكر "البليري" نسبة لتوني بلير،
ويبدو أن هؤلاء يعملون على تحويل سياسة مكافحة معاداة السامية إلى عملية
"ابتزاز".
اقرأ أيضا: رسالة من نواب كنيست عرب للغارديان تحدد موقفهم من كوربين
وأشارت الصحيفة إلى أن قضية كوربين اتخذت منعطفا
دوليا في منتصف شهر آب/ أغسطس، بعد أن تدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، في الموضوع خلال حوار أجراه مع صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وسنة 2014، نشرت هذه الصحيفة صورا لجيريمي كوربين،
خلال زيارته إلى تونس، وهو يضع إكليلا من الزهور تخليدا لذكرى فدائيين فلسطينيين
شاركوا في صراع "أيلول الأسود"، وقد أدين هؤلاء الفلسطينيون سابقا بقتل
رياضيين إسرائيليين خلال مشاركتهم في الألعاب الأولمبية التي أقيمت في مدينة ميونخ
سنة 1972.
ونوهت الصحيفة إلى أن بنيامين نتنياهو طالب من خلال
تغريدة على تويتر كلا من "أحزاب اليسار واليمين وباقي الأحزاب الأخرى في
المملكة المتحدة بإدانة كوربين؛ لأنه أحيا ذكرى ما وصفهم بالمسؤولين عن مجزرة ميونخ
والمتهمين بتشبيه إسرائيل بالدولة النازية".
ومن جهته، استنكر كوربين القمع الذي قابلت به الدولة
العبرية الفلسطينيين خلال مظاهرات "مسيرة العودة" في غزة التي خلفت
قرابة 170 شهيدا.
ونقلت الصحيفة عن مدير مكتب السياسة الخارجية السابق
في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، شاني مور، قوله إن "تدخل بنيامين نتنياهو
يكشف أن إسرائيل بدأت تستشيط غضبا من موقف كوربين"، مضيفا أنه "منذ
السبعينيات كان لإسرائيل معارضون إلى جانب اليسار البريطاني، ينتابهم هاجس الدولة
العبرية، وقد وصل بهم الأمر إلى حد شيطنة إسرائيل".
اقرأ أيضا: صحيفة إسرائيلية تحرّض على مسلمي بريطانيا وتهاجم كوربين
وأضاف هذا المسؤول الإسرائيلي السابق "ولكن في
الوقت الراهن، نرى معارضين لإسرائيل يدينون بأيديولوجيا متلونة بنظرية المؤامرة
وهم على مشارف أبواب السلطة في بلد (المملكة المتحدة) يكتسي أهمية دبلوماسية
بالنسبة لإسرائيل"، وفي ربيع 2018، قطع حزب العمل الإسرائيلي كل صلة تربطه
بحزب العمال البريطاني.
وأكدت الصحيفة أن بنيامين نتنياهو تعامل بأسلوبين
مختلفين مع كل من يتهجم على إسرائيل، ففي حين هاجم جيريمي كوربين، دافع نتنياهو عن
رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان على الرغم من مواقفه المعادية للسامية، مقابل
دعم هذا الأخير له على الساحة الدولية.
وفي هذا السياق، أشار شاني مور إلى أنه "ينتشر
في أوروبا اليوم سياسيون يحبون اليهود لكن يكرهون إسرائيل، كما يوجد سياسيون آخرون
يحبون إسرائيل ويكرهون اليهود".
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن السياسي الإسرائيلي
الوحيد الذي لم ينتقد جيريمي كوربين هو جدعون ليفي، الذي يعتبر من أحد رموز اليسار
في إسرائيل والمؤيد لفكرة إنشاء دولة بقوميتين، وقد أكد ليفي أن "الزمن الذي
كنا نصنف فيه الشخص المعادي للسامية على أنه كاره لليهود قد ولى، أما الآن فإن
المعادي للسامية هو الشخص الذي يكرهه اليهود".