هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع صيف القاهرة الحارق تمتد صفوف كبار السن
والمتقاعدين منذ الثامنة صباحا من داخل مبنى مكتب بوستة منيا القمح بمحافظة الشرقية خارج المبنى عدة
أمتار، للحصول على معاشهم الشهري بحده الأدنى 750 جنيها، وفجأة
صاح أحد كبار السن لاعنا قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي ونظامه و"اليوم
الأسود الذي رأته فيه مصر"، ليوافقه معظم من بالطابور على كلامه.
تلك الواقعة، التي شهدها مراسل
"عربي21"، بجانب متابعته حالة غضب الشباب والنساء بطابور استخراج
الوثائق الرسمية من مكتب سجل مدني منيا القمح، بسبب ما يفرضه النظام من رسوم
وأوراق على تقدم التلاميذ للمدارس بمراحلها.
تلك الوقائع ومثيلاتها بمواقف ركوب السيارات
والسرفيس؛ تكشف حجم الغضب من النظام، وتؤكد تراجع شعبيته في الشارع وخاصة في ظل
السياسات الاقتصادية القاسية على الفقراء ومحدودي الدخل.
وتأتي حالة الغضب تلك بالتزامن مع حديث نائب مرشد
جماعة الإخوان المسلمين عن زيادة شعبية الجماعة مقابل انحدار شعبية السيسي، حيث
قال لتليفزيون "وطن"، مساء الأربعاء، إن "تقارير ارتفاع
شعبية الإخوان بالشارع حقيقية ولا مقارنة بين الجماعة والانقلابي السيسي".
وقائع غضب المصريين وتصريح منير، تستدعي التساؤل
حول كيفية استفادة المعارضة بأطيافها من تراجع شعبية السيسي؟
مؤتمر يجمع كل الأطياف
وفي إجابته قال رئيس المنظمة المصرية الأمريكية
للحرية والعدالة هاني القاضي إنه "بعد تراجع شعبية السيسي على جميع الأصعدة؛
أصبح الوقت مناسبا لتحرك القوى المعارضة للانقلاب بالخارج علي الأقل"، مضيفا: "وجب على أنصار الشرعية أن يتجمعوا على كلمة رجل واحد لمناهضة الانقلاب كخطوة
أولى، ينضم لها بعد ذلك مناهضو الانقلاب بجميع طوائفهم وتوجهاتهم إن أرادوا".
المعارض المصري بالخارج، طرح فكرة "تنظيم مؤتمر كبير يضم أنصار الشرعية، وعودة حق
الشعب في تحديد مصيره، وعودة الدكتور محمد مرسي، يضم الحقوقيين والإعلاميين والسياسيين في كل أنحاء العالم والبرلمان الشرعي والتحالفات والاتحادات والمجلس الثوري والشباب
والقضاة بالخارج والإخوان المسلمين ومندوبو الجمعيات المناهضة للانقلاب".
القاضي، أوضح أن المؤتمر يناقش التحديات التي
تواجه الثورة الآن، وكيفية الخروج من الأزمة الحالية ووضع آليات مجابهة الانقلاب
بصورة موحدة ومتوافق عليها بين الفصائل، وتشكيل لجنة لمتابعة الخطة المتفق عليها
وتنفيذها"، متوقعا أن "يُحدث هذا تحركا إيجابيا على طريق العمل الثوري
ضد الانقلاب"، محذرا من "ضياع الفرصة وأن هذا المؤتمر وقته الأمثل الآن".
الخطاب الإعلامي
ويرى الكاتب الصحفي قطب العربي، أن "تراجع
شعبية السيسي يصبّ بالتأكيد في خانة المعارضة، حتى وإن لم ينضم الناقمون على
السيسي للمعارضة رسميا، إذ يكفي أنهم خرجوا من الكتلة الداعمة له، كما أنهم أصبحوا
يمثلون حاضنة شعبية لأي عمل مناهض لنظامه".
العربي، أضاف
لـ"عربي21"، قائلا: "ولنا أن نتذكر أن الأيام التالية
للانقلاب حيث كانت شعبية السيسي أعلى من الوقت الحالي كانت مظاهرات مناهضي
الانقلاب تتعرض للأذى والملاحقة منهم؛ أما الآن فلا يعترضها أحد بل إنها تلقى
تعاطفا بالمناطق الشعبية التي تجري فيها رغم محدودية أعدادها".
وقال إنه "يمكن للمعارضة تطوير خطابها
السياسي والإعلامي لاستقطاب الفئات الغاضبة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية
بعد الارتفاعات المتصاعدة للأسعار مؤخرا"، مضيفا: "كما ينبغي للمعارضة استثمار هذه الروح لإعادة اللحمة للمجتمع بعد أن فرقته سلطة
الانقلاب"، موضحا أن "الوقت مناسب لمصالحة مجتمعية واسعة بين الفئات
المنقسمة والتي كان بعضها يؤيد الانقلاب وبعضها يرفضه".
"لا شعبية له وانكشف زيفه"
وأكد البرلماني السابق طارق مرسي، أن السيسي، لم تكن له شعبية منذ اليوم الأول للانقلاب؛ لكن كانت هناك كتلة صلبة ترى أن مصالحها
مع نظامه، وبعضهم من فسدة الحزب الوطني وفلول نظام مبارك، اجتمعوا على السيسي ليس
ثقة بقدراته ولا اقتناعا بشخصه، لكن خوفا على مصالحهم وفسادهم لو استمر حكم
الإخوان".
عضو مجلس الشوري، أضاف لـ"عربي21": "وعلى ذات النسق أولئك المختلفين مع الإخوان فكريا أو عقائديا استفاد منهم
الانقلاب والعسكر؛ وحسبه البعض شعبية للسيسي"، مبينا: "أضف إلى ذلك قطعان
البسطاء والجوعى الذين خرجوا لقاء مبالغ زهيدة، وأولئك المخدوعين ممن أثرت فيها
ضلالات الإعلام وأوهمتهم بوعود السيسي الأولى".
وأكد مرسي: "الآن لا أقول تراجعت شعبيته؛
ولكن أؤكد أنه بعد أن ظهر وجهه القبيح وانفضت عنه شبكة المصالح ولم تعد مساحيق
إعلامه المضلل تستطيع غواية الناس حتى البسطاء منهم؛ فقد أجمع الشعب على كراهيته
وتمني زواله".
وخاطب المعارض المصري بالخارج المتمسكين بمبادئ
ثورة يناير، والثوار الأحرار وكل من يتمسك بالعيش والحرية والكرامة
الإنسانية والعدالة الاجتماعية أن يعلموا أن "عليهم واجبا تجاه الشعب الذي
يعاني جوعا، وتجاه الوطن الذي ينهار بسرعة الصاروخ".
وقال مرسي، إن الثوار "أمامهم فرصة بانكشاف
الزيف وسقوط الأقنعة واجتماع كراهية الشعب للانقلاب والسيسي وجنرالاته وأركان
الانقلاب"، مضيفا: "ولذا فإن واجب النخبة أن تجتمع على كلمة سواء، وتجهز
مشروعا سياسيا واقتصاديا، وتقدم برنامجا واضحا ورؤية حقيقية لما بعد الانقلاب، ومن
ثم تُعِد طليعة نزيهة تُحِسن خطاب الشعب وترتقي معه بخطوات وآليات تصاعدية لدحر
الانقلاب".
وحذر بقوله: "إن لم تفعل النخبة ذلك فسيتعداها
الشعب وسيركلها التاريخ، وعلى النخبة أن تكون ثورية بحق أو لا تكون فتعتذر للشعب
وتؤي إلى الظل وليبحث الشعب عن طليعة جادة بدلا من أولئك الذين يستهلكون الوقت
ويمنحون الانقلاب عمراً فوق عمره".