هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا أعده بورزو دراغاهي، يقول فيه
إنه عندما أرادت قوات أمن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن ترسل رسالة إلى ناشط
في حقوق الإنسان، لمنعه عن الاستمرار في التحقيق في مقتل طالب الدراسات العليا
الإيطالي، فإنها استهدفت زوجته أمل فتحي.
ويقول دراغاهي إن "أمل فتحي كانت تعيش يوما صعبا، حيث تحرش رجال
بها جنسيا وخلال ساعات، فقد لمس سائق السيارة الممثلة وعارضة الأزياء البالغة من
العمر 33 عاما، وبعد ساعات من ذلك وضع حارس بنك يده على عضوه الخاص، وأخذ يطلق
تعليقات بذيئة، وبين الحادثين عانت من مسؤولين وقحين في البنك وهي تحاول الحصول
على بديل لبطاقتها الائتمانية".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى
أنه بعد عودة أمل إلى البيت، فإنها كانت قد عانت بما فيه الكفاية، وفتحت صفحتها
على "فيسبوك" وعبرت عن غضبها، ربما مستلهمة حركة "مي تو/ وأنا
أيضا"، في فيديو وضعته يوم 9 أيار/ مايو، ونفثت فيه عن غضبها بسبب ما تعرضت
له من تحرش جنسي، وعن الحياة في مصر بشكل عام.
ويذكر
الموقع أنها شتمت مصر بعبارات قبيحة، وكل شيء يحمل اسم مصر، وأشارت إلى رجل الشرطة
الذي وضع يده على عضوه الخاص وتحدث إليها بعبارات قذرة.
ويلفت
الكاتب إلى أنه في غضون 36 ساعة اعتقلت أمل وزوجها الناشط محمد لطفي وابنهما
البالغ من العمر عامين، وتم جرهم في منتصف الليل من شقتهم، وأفرج عن لطفي وابنه
بعد ساعات من التحقيق، أما أمل فاحتجزت في سجن للنساء سيئ السمعة، ووجهت لها تهمة
الانتماء لجماعة إرهابية، والتحريض على أعمال إرهابية من خلال الإنترنت، ونشر
أخبار كاذبة، "أضرت بالنظام العام والأمن القومي".
ويورد
التقرير أن الكثيرين أعربوا عن أن أملهم في أن تكون إعادة انتخاب السيسي مرة ثانية
في شهر آذار/ مارس، كافية لأن تعطيه الثقة، ليخفف حملات القمع التي مضى عليها خمسة
أعوام ضد المعارضين له، مستدركا بأن اعتقال فتحي، التي لا علاقة لها بالسياسة،
يظهر أن المجال ضيق جدا للمعارضة في مصر.
ويفيد
الموقع بأن الكثيرين يشكون بأن اعتقالها كان يقصد منه رسالة لزوجها لطفي والذين
يساعدونه في التحقيق في مقتل الباحث جوليو ريجيني، الذي اختطف عشية الذكرى الخامسة
للثورة المصرية في عام 2016، وعذب حتى الموت على يد قوات الأمن المصرية، كما يشك
الكثيرون، وهي الحالة التي تلقي بظلالها على العلاقة بين القاهرة والغرب، لافتا
إلى أنه في إشارة أخرى على تشديد السلطات من حملات القمع، فإن هيثم محمدين اعتقل
يوم الجمعة؛ بتهمة الوقوف وراء الاحتجاجات العفوية ضد رفع بطاقات قطارات المترو.
وينقل
دراغاهي عن الباحث المقيم في القاهرة لصالح معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط
تيموتي كالداس، قوله: "أي شخص لا يزال يأمل في قيام السيسي بتخفيف قمعه
السياسي في فترته الثانية، فإن عليه أن يتخلى عن هذا الوهم"، ويضيف كالداس:
"سياسة الدولة القائمة على عدم التسامح مع معارضيها تطبق بشكل كامل".
وبحسب
التقرير، فإن مصر تعد من أصعب الأماكن في العالم من ناحية التعامل مع المرأة
العاملة في الأماكن العامة، حيث يتعرضن للتحرش جسديا ولفظيا، خاصة في المدن
الكبرى، مثل القاهرة والإسكندرية، مشيرا إلى أنه بحسب دراسة للأمم المتحدة، نشرت
نتائجها عام 2013، فإن غالبية النساء المصريات عبرن عن تعرضهن لتصرفات غير لائقة
من الرجال.
ويذكر الموقع أن السلطات المصرية أصدرت قانونا في الآونة الأخيرة
لمعاقبة المتحرشين بالسياح، وأرسلت الحكومة شرطة سرية من أجل معاقبة من يقوم
بالتحرش، مستدركا بأن قصة فتحي تكشف عن محدودية ما يتسامح معه النظام، والمدى الذي
يذهب إليه لتكميم أفواه النقاد.
ويبين الكاتب أنه بعد يومين من نشر أمل الفيديو، فإن لطفي وزوجته
سمعا طرقا شديدا على الباب في الساعة الثانية والنصف صباحا، حيث يقول لطفي إن
زوجته نزلت من الفراش وهي تتعثر في مشيها، ونظرت من ثقب الباب لمعرفة من يقوم
بالطرق، ورأت عددا من الرجال بالزي الأسود، وبعضهم يرتدي الأقنعة، ويحملون البنادق
الرشاشة، وارتدت ملابسها ولبس زوجها بنطاله على عجل قبل فتح الباب، وناشدا رجال
الأمن الذين تدفقوا على شقتهما في الطابق الثالث في حي المعادي ألا يعبثوا بالبيت
بطريقة تزعج الطفل النائم، لكنهم لم يستجيبوا وفتشوا في الأوراق والممتلكات
الشخصية.
ويكشف
التقرير عن أن أعلى الضباط رتبة عسكرية قام بسحب كرسي من غرفة الطعام وجلس عليه،
لافتا إلى أنه منذ أن نشرت أمل الفيديو، فإن الإعلام المؤيد لنظام السيسي قام
بتشويه صورتها، وبأنها عضو في الحركة اليسارية 6 إبريل، التي قادت التظاهرات في
عام 2011 وأطاحت بحسني مبارك.
ويورد الموقع نقلا عن الضابط، قوله لها: "يا أمل.. تعرفين ماذا
فعلت لقد أغضبت المستويات العليا"، فيما وصف لطفي زوجته بأنها ليست مهتمة
كثيرا في السياسة، وهي واحدة من المصريين الذين بدأوا في الاهتمام في شؤون بلدهم
بعد ثورة ميدان التحرير، التي تحولت لمرارة بعدما قام الجيش بانقلاب على الرئيس
الإسلامي عام 2013، ويقول لطفي إنها حاولت التوضيح للضابط بأنها كانت غاضبة عندما
وضعت الشريط، قائلة: "تم التحرش بي مرتين، وعانيت من يوم سيئ".
وينقل دراغاهي عن الضابط، قوله إن لديهم أمرا بالقبض عليها، لكنهم
اعتقلوا لطفي وابنه، مشيرا إلى أن لطفي أقنع عناصر الأمن بأن يسمحوا له بإحضار
"آي باد" معه لإشغال الطفل عن السجن، واستطاع الاتصال بمحاميه، الذي وصل
إلى مركز الشرطة.
ويفيد
التقرير بأن التهم الموجهة لزوجته كانت قاسية، وبينها وضع فيديو على
"فيسبوك" فسره الأمن على أنه دعوة للإطاحة بالنظام المصري، مشيرا إلى
أنه تم نقل أمل بعد ذلك إلى سجن القناطر قرب القاهرة، وزارها لطفي يوم الخميس، حيث
يقول: "كانت تبكي كثيرا وغضبت لأنني لم أحضر الولد معي".
ويستدرك الموقع بأنه على خلاف الناشطين، فإن فتحي لم تعتقل ولا مرة،
بل إنها لم تدخل مركز شرطة في حياتها، ويقول لطفي، الذي عمل مع منظمة "أمنستي
إنترناشونال"، ويدير الآن المنظمة غير الحكومية اللجنة المصرية للحقوق
والحريات، إنه قد لا يتحمل الضغط، ويعتقد أن اعتقال زوجته رسالة لإسكاته.
وينوه
الكاتب إلى أن هذا الاعتقال حصل على اهتمام منظمات حقوق الإنسان الدولية
والبرلمانيين الأوروبيين، وجاء قبل زيارة لمحققين إيطاليين يريدون فحص صور
التقطتها كاميرات رقابة ولها علاقة باختفاء ريجيني.
ويختم
"ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى قول لطفي: "لم يجدوا طريقة
لاستفزازي، ولهذا استخدموا زوجتي حتى يجدوا طريقة.. هدفهم ببساطة هو اعتقالها
ومعاقبتها وتقييد يدي، ولاحقوا عائلتي على أمل الحصول على معلومات عني وعن عملي".