هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "جورنال دو ديمانش" الفرنسية تقريرا كشفت فيه عن عدة جوانب من شخصية ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي أضحى الحاكم الفعلي للبلاد لدرجة أنه يتولى مهمة الرد على المكالمات الهاتفية الموجهة للعاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن محمد بن سلمان بدأ يبرز على الساحة السياسية شيئا فشيئا متخفيا في ظل والده، قبل أن يتخذ ظهوره منحى علنيا خلال هذه السنة، وصل إلى حد وضع الأمير الشاب يده على السلطة.
وأفادت الصحيفة بأن ابن سلمان، البالغ من العمر 32 سنة، يبدو حاكما معتدلا بعد أن منح المرأة السعودية حقوقا أكثر من أي وقت مضى ورخص مجالات للترفيه. في المقابل، يظهر ولي العهد في صورة الحاكم القمعي، إذ يبدي استبدادا وعنادا في أسلوب حكمه، كما يعد طرفا هاما في الحرب الدائرة في اليمن، علاوة على مساهمته في تأجيج حالة من عدم الاستقرار التي تعصف بالشرق الأوسط.
اقرأ أيضا: كيف أثبت صاروخ الحوثي نحو الرياض فشل ابن سلمان باليمن؟
وأشارت الصحيفة إلى أن ابن سلمان لا زال يعاني ضررا نفسيا عميقا لازمه منذ الصغر، حيث دأب إخوته غير الأشقاء على النظر إليه بتعال، مما دفعه للعمل على تغيير ذلك بشتى الطرق. ومن بين هؤلاء الأمراء، الذين يتميزون بالتعالي وخريجي الجامعات الأجنبية نذكر؛ رائد الفضاء سلطان بن سلمان، والأمير عبد العزيز بن سلمان الذي شغل منصب نائب وزير وزارة البترول، بالإضافة إلى أمير منطقة المدينة المنورة، فيصل بن سلمان.
وتجدر الإشارة إلى أن محمد بن سلمان درس في المملكة وتحصل على إجازة في الحقوق من جامعة الملك سعود، لكن لديه شهادة أكثر أهمية، التي تتمثل في تقربه من والده. فلطالما رافق الأمير الشاب والده إلى أن تعلم كيفية إدارة الديوان الملكي السعودي، حيث كان مختصا في إدارة عمليات الزواج، والطلاق، والصراعات داخل العائلة المالكة، قبل أن يعين أميرا على منطقة الرياض.
ونقلت الصحيفة قول الأستاذ في معهد الدراسات السياسية بباريس، ستيفان لاكروا، الذي أكد أن محمد بن سلمان "كان الابن المفضل لوالده، حيث لازمه لسنوات طويلة، ورافقه في كل الاجتماعات". وأضاف لاكروا، الذي لديه عدة منشورات عن السعودية، أن "الطفل المدلل تعلم كثيرا من خلال مراقبة والده سلمان الذي جعل من العاصمة مدينة عملاقة".
وأشارت الصحيفة إلى أن ابن سلمان قد عين سنة 2011 في منصب وزير الدفاع قبل أن يزيح ابن عمه، محمد بن نايف، خلال شهر حزيران/ يونيو من سنة 2017، ليتولى محله في منصب ولاية العهد. بالإضافة إلى ذلك، نجح محمد بن سلمان في كسب رهانه، حيث أحدث ثورة في نظام الحكم بالمملكة الذي يمتد إلى 85 سنة. فقد غير النظام الملكي السعودي إلى نظام "أوتوقراطي" يكون فيه الحكم للفرد الواحد وليس للعائلة كلها.
وأكد ستيفان لاكروا أن "النظام السياسي السعودي استند على حكم السلالة المالكة، ولعبة معقدة بين فصائل مختلفة تنحدر من نسل أبناء العاهل المؤسس للسعودية الحديثة، التي تتقاسم فيما بينها قيادة الدولة ككل"، وأضاف لاكروا أن "ابن سلمان يعمل على حماية نفسه من تفجر الوضع حوله عندما يغيب والده عنه، لذلك يعمل على إعادة تنظيم الدولة والمجتمع بما يتماشى مع طموحه في اعتلاء الحكم".
اقرأ أيضا: "واشنطن بوست" تهاجم ابن سلمان وتصفه بـ"ولي عهد النفاق"
وكشفت الصحيفة أن محمد بن سلمان لم يغادر أبدا السعودية إلا في بعض الرحلات، وقد ساهم ذلك في تعزيز اطلاعه على ما يجول في خاطر المجتمع السعودي، وفي هذا الإطار، أكد مقرب من البلاط الملكي أن "ولي العهد يعي جيدا أن أبناء الطبقة المتوسطة غير مستعدين لتطبيق الديمقراطية". في المقابل، يبحث أبناء الطبقة المتوسطة من الشباب والنساء عن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، لذلك ركز ابن سلمان في ثورته على هذه الطبقة ولخص رؤيته الإصلاحية الشاملة في "رؤية 2030".
أما فيما يخص علاقة ابن سلمان بالدين، فقد أكد المقرب من البلاط الملكي أن "الأمير الشاب لا يعد شخصا ملتزما وليس صارما، بل كل ما يريده من الدين تغيير النظرة المتخلفة عن السعودية والمتمثلة في التشدد الديني، لذلك دعا إلى تركيز إسلام معتدل".
وأفادت الصحيفة بأن ابن سلمان تربطه علاقة عائلية مع حاشية ترامب وخاصة صهره كوشنر، حيث وصل الأمر إلى إطلاق الرياض على صهر الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، اسم "محمد بن كوشنر". ويدرك الجميع أن تقرب بن سلمان من كل من واشنطن وتل أبيب، يعزى أساسا لتشاركهما عداوة إيران.