هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أقر البرلمان التركي عقب محاولة الانقلاب الفاشلة فى تموز/يوليو 2016 تشريعا يقضي باعتبار ضحايا الانقلاب بـ "غازي" وهي رتبة اجتماعية عالية وفقا للموروث الثقافي التركي، ورتبة تمنحها الدولة لمن قدم روحه وسلامته فداء للوطن.
فكيف يتعامل المجتمع والدولة الرسمية من الرئيس الى موظف البلدية فى تركيا مع حامل لقب "الغازي" وما الذي تقدمه له ولأسرته، الشهيد منهم والمصاب، من المشاركين فى المواجهات ليلة الخامس عشر من تموز/يوليو 2016، الذين بلغ عددهم فى مجموع تركيا 265، شهيد وقرابة 2200 جريح.
"عربي21" التقت أحد حملة اللقب وهو "محمد أمين" التاجر التركي و تلميذ البروفيسور "نجم الدين أربكان" و أحد قيادات حركة الأمة (ملي جورش) و أمين الشباب بحزب السعادة بمنطقة الفاتح بمدينة اسطنبول.
يقول أمين لـ"عربي21" أنا كردي وزوجتي تركية من قبائل الايغور يعني أنا حفيد صلاح الدين الأيوبي وهي حفيدة الغازي أرطغرل، أعيش فى اسطنبول واعمل في التجارة الحرة وأعمال المقاولات.
و "أمين" أصيب ليلة الانقلاب بطلق ناري فى القدم سبب عجزا جزئيا له حيث كان من المدافعين عن مبنى بلدية اسطنبول الكبرى وشهد المكان نفسه سقوط سبعة عشر شهيدا وعشرات المصابين حيث كانوا يحاولون منع احتلال مبنى البلدية من قبل الانقلابيين واستمرت المواجهات العنيفة وقتها لساعات حتى تمكنوا من السيطرة على المبنى و طرد الانقلابيين.
يوضح "أمين" أن "الغازي مرتبة شريفة عندنا فى تركيا وهى مرتبطة بثقافتنا الإسلامية و يوم حصل الهجوم على وطننا من الانقلابيين الخونة ولم يكن للوطن جيش يحميه حيث خرج الخونة من وسط الجيش يحاولون احتلال دولتنا بسلاح الشعب فوجب علينا الخروج للدفاع عن الدين والوطن والعرض بأنفسنا وتقديم ما نملك فى سبيل ذلك وفي تلك الليلة 15 تموز وقع شهداء ومصابون فاعتبرت الدولة أن هؤلاء بمرتبة الـ"غازي" ووضعت قانون خاص لضحايا هذا اليوم دون غيرهم.
ويضيف "أمين" هو قرار من رئيس الجمهورية السيد أردوغان أصدره بعد محاولة الانقلاب وأقره البرلمان كتشريع وعندي كارت غازى باسمى من الدولة وفقا لهذا القانون إلى جانب أن هناك نقابة يرأسها ويرعاها رئيس الجمهورية وتقيم أنشطة اجتماعية وتثقيفية وتهتم بالمصابين وتقدم لهم الرعاية والمساعدة.
كارت الغازي
العبارات المدونة بخلفية الكارت
وعن ما تقدمه الدولة التركية لضحايا الانقلاب ورعايتها لهم يقول "أمين" فى حديثه لـ"عربي21" "أسرة الشهيد حصلت على تعويض قرابة 100 ألف دولار وراتب شهري حوالى 1000 دولار، ومنحة سنوية لأولاد الشهيد فى مراحل الدراسة مع منحة شهرية عبارة عن 1500 ليرة تركية شهريا لكل طالب.
اقرأ أيضا: لقطات تعرض لأول مرة لهجوم على مدنيين بانقلاب تركيا (فيديو)
وأردف "أمين" قائلا "كذلك يتم توظيف اثنين من أسرة الشهيد بالدولة ويتم علاج أولاد ووالد ووالدة الشهيد بالمجان طوال حياتهم على نفقة الدولة، و يتم تسلم أسرة الشهيد كارت مواصلات بالمجان طوال حياتهم يستعمل فى كل المواصلات العامة فى عموم تركيا مثل الأتوبيس و المتروبوس والمترو والترام والقطار والبواخر.
كارت مواصلات الخاص بالغازي
ويؤكد أنه يتم تخصيص نسبة من المساكن التي تبنيها الدولة عن طريق شركة الاسكان الاجتماعي "توكي - TOKI" إذا كانت الأسرة محتاجة لمسكن ويعطى لأسر الشهداء الأولوية فى كل المشاريع والامتيازات التي تقدمها الدولة للمواطنين و تستطيع أسرة الشهيد زيارة المتاحف والمزارات العامة وما على شاكلتها بدون مقابل.
الى جانب مطاعم البلدية وقاعات الاحتفالات وبعض الخدمات التى تقوم عليها البلديات أو تعطى تراخيصها البلديات فى عموم تركيا يتم خصم 20 بالمائة من قيمة الفاتورة بمجرد إبراز كارت الغازي.
وبخلاف هذه المزايا المادية يؤكد "أمين" أن الدولة تعطي أسرة الشهيد والمصاب نيشان سيتم تسليمه قريبا ، أما بخصوص عائلات الشهداء يضيف أمين "ليس لدي معلومة عن البرامج التى يتم ادراجهم فيها من الدولة لكن المصابين وأسرهم دعتهم البلدية أكثر من مرة ببرامج ترفيهية وثقافية وحضرت بعضها وأنا وأولادي حضرنا ماراثون اسطنبول الأخير وتم تكريم الأولاد وتسلموا جوائز من رئيس البلدية".
ويتابع "أمين" أن طبيعة ومضمون الأنشطة الثقافية "الكثير منها محاضرات وأفلام وعروض ومسابقات تدعم فكرة حب الدين والوطن والحفاظ عليه والتضحية من أجله وكل هذا من منطلق إسلامي وطني وغالبا الأب الذي استشهد على طريق الحق والدعوة سيلحق بنفس الطريق أبنائه بالتأكيد والقرآن يقول ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )".
وبنفس ما يحصل عليه الشهيد واسرته لكن مع خلاف التعويض، يتحصل المصاب قدر الضرر والمعاش أيضا يكون بناء على التقرير الطبي ونسبة العجز علما أن كل من دخل إلى المستشفى بسبب المواجهات حتى لو جرح بسيط يتم معاملته غازي إلى جانب الإعفاء الجمركي على الاستخدام الشخصي للسيارات والأجهزة من الخارج وفقا لما أوضحه "أمين" لـ "عربي21" .
محمد أمين الى جوار الرئيس أردوغان فى إحتفالات ذكرى الانقلاب العسكري
ويوضح "أمين" الإجراءات التي يتم بها توثيق ومعرفة الغازي الحقيقي من المدعي حيث أن الأحداث وقعت فى توقيت معين من الساعة الثامنة مساء حتى صباح اليوم التالي بالتالي من ذهبوا إلى المستشفيات فى هذا التوقيت تم تسجيل دخولهم وصورتهم كاميرات المراقبة كما ان الإصابة برصاص الجيش معروفة عن غيرها ويمكن تمييزها والأهم أن هناك الشهود الذين كانوا إلى جانب فى المواجهات وحملوه إلى المستشفى وحتى سيرة الشخص بين الناس بأخلاقه.
اقرأ أيضا: تركيا.. من انقلابات أسكتت الأذان إلى ابتهالات أفشلتها
ويشير "أمين"إلى أنه "حدث أن ادعى بعض الناس أنهم أبطال ومصابون فى المواجهات لكي يحصلوا على لقب غازي وهم كانوا فى بيوتهم وقت الخطر والتهديد الحقيقي الذي تعرض له الوطن ولم يشاركوا فى رد العدوان وبعضهم استطاع عن طريق بعض الحيل الحصول على اللقب وانكشفوا فقامت الدولة باسترداد قيمة ما تربحوه وزيادة وتم ادارجهم فى الدوائر الحكومي تحت كود محتال يعنى لديه كارت أيضا مثل الغازي لكن مكتوب فيه نصاب بدلا من غازي يسمى بالتركية "سهتكار-Sahtekâr".
واصب شاهين والي مدينة إسطنبول فى زيارة لأمين أثناء تلقيه العلاج بالمستشفى
يذكر أن ثقافة التضحية والفداء والجهاد والشهادة والغزو والفتح وحماية الوطن والدين والدفاع عنهم، غلبت على الثقافة العامة المستمدة فى أغلبها من المفاهيم الإسلامية في الدولة العثمانية قديما، وكان السلاطين والملوك يسمون بالغازى و تعني فى اللغة العربية والتركية كذلك القاصد، المقتحم، المُحارِب،السَّائر إلى القتال المجاهد في سبيل الله.
وحتى اليوم يعتبر الأتراك أن كل من خاض حربا أو مواجهة من أجل الوطن التركي يسمى "غازي" وهو نفس المفهوم الذى أصدر بموجبه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قراره باعتبار المصابين من ضحايا المواجهات مع الانقلابيين "غازي" "Gazi" وأقره البرلمان.
محمد أمين يحكى للجزيرة لحظة اصابته فى المواجهات