هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تشير تقديرات المنظمات الحقوقية المهتمة بمتابعة أوضاع حقوق الإنسان في مصر من خلال الرصد والتوثيق والحصر، إلى أن السجون المصرية منذ الانقلاب العسكري صيف عام 2013 تضم قرابة 60 ألف معتقل سياسي من الشباب ومن كافة الأطياف السياسية.
وكشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها نشرته في الخامس من أيلول/سبتمبر الماضي، أن عدد المعتقلين منذ الانقلاب العسكري عام 2013، بلغ 60 ألف شخص على الأقل.
وقال تقرير المنظمة إن هناك مئات المتخفين قسرا لعدة أشهر في وقت واحد، إلى جانب صدور أحكام أولية بالإعدام في حق مئات آخرين، إلى جانب محاكمة الآلاف من المدنيين في محاكم عسكرية.
وأضافت المنظمة أن السلطات المصرية منذ 2013 أنشأت ما لا يقل عن 19 سجنا وحبسا جديدا الهدف الرئيسي منها كان ضد جماعة الإخوان المسلمين أكبر حركة معارضة في البلاد.
ومثلت هذه الأرقام إحراجا كبيرا لقائد الانقلاب العسكري "عبد الفتاح السيسي" خاصة خلال زيارته الخارجية والتي كان آخرها ما قاله في حوار مع قناة "فرانس 24" أنه "لا وجود لمعتقلين سياسيين في مصر".
وكان "السيسي" في 25-10-2016 وأثناء فعاليات المؤتمر الوطني الأول للشباب في مدينة شرم الشيخ صرح في معرض رده على مطالبة السياسي المصري أسامة الغزالي حرب، بالعفو عن المعتقلين السياسيين، قائلا: "لا نريد احتجاز أحد من الشباب، وإنما نتخذ إجراءات قانونية محدودة للمصلحة العامة». وتابع: "من يرضى أن يرى أولاده في السجون؟!".
اقرأ أيضا: القتل والتصفيات خارج القانون هل باتت سياسة بمصر (ملف)
ودعا إلى تشكيل لجنة من الشباب لمراجعة أوضاع السجناء من الشباب وتقديم تقرير عن حالتهم تمهيدا للإفراج عنهم وفقا للقانون والدستور.
وفي الشهر التالي في 22-11-2016 واجهه مذيع قناة "Rtp" البرتغالية بعدد المعتقلين الذي تخطى أربعين ألفا، فرد عليه "السيسي" أن العدد ليس 20 ألف ولا 10 آلاف ولا 5 آلاف ولا هذه الأرقام، وقال لو واحد مظلوم يبقى دا كتير"، وأضاف السيسي أن عدد المعتقلين السياسيين في مصر 500 شخص فقط وتم دراسة 82 حالة منهم عن طريق لجنة العفو.
اللجنة التي تحدث عنها السيسي في لقائه بالقناة البرتغالية هي التي قرر تشكيلها بعد مطالبة السياسي المصري أسامة الغزالي حرب الإفراج عن الشباب المعتقلين على خلفيات سياسية وترأسها "حرب" نفسه.
"عربي21" بدورها تواصلت مع رئيس اللجنة أسامة الغزالي حرب الذي قال: "هناك عشرات ومئات من الشباب تم اعتقالهم في احتجاجات سلمية كتظاهرات تيران وصنافير بناء على قانون التظاهر وتم الحكم على بعضهم بأحكام قاسية جدا، هؤلاء هم من تعمل اللجنة على محاولة الإفراج عنهم".
وأضاف حرب "لم تخرج أعداد كثيرة بناء على ما قدمناه لرئاسة الجمهورية على الرغم من أن الطلبات كثيرة جدا وتحتاج إلى بحث ودراسة وجهد كبير".
وفي رده على سؤال "عربي21" عن حقيقة ما قاله عضو لجنة العفو طارق الخولي أن قوائم العفو لن تشمل أبدا أسماء بعينها أبرزهم أحمد ماهر، وأحمد دومة، وعلاء عبد الفتاح، قال حرب: "الخولي يصرح كثيرا لكونه عضوا في اللجنة وعضوا في البرلمان"، وأكد حرب أن مشادة وقعت بنيه وبين أحد أعضاء اللجنة بعد إضافته 10 أسماء يستحقون العفو على حد قوله.
ورفض حرب تماما وصف الخولي أنه المتحدث باسم اللجنة وقال: "لا يوجد متحدث رسمي باسم اللجنة"، مؤكدا أنه سيطلب من الخولي التوقف عن الإدلاء بتصريحات تخص اللجنة مستقبلا.
وعن كواليس تشكل اللجنة قال حرب: "إن الرئيس أصدر قرارا بتشكيلها بعد مطالبتي له في مؤتمر شرم الشيخ بالإفراج عن الشباب المحتجز بغير وجه حق وتضم في عضويتها كلا من طارق الخولي، ومحمد عبد العزيز، وكريم السقا".
أما عن نشوى الحوفي العضو السابق باللجنة فقال حرب: "أنا شخصيا اعترضت على وجودها بسبب صلاتها وتعاملها مع الأمن فخرجت من اللجنة".
وأوضح حرب أن "قوائم العفو الدورية التي يتم الإعلان عنها لا علاقة لها تماما بما يصدر عن اللجنة وهي تتضمن الجنائيين ومن قضى نصف العقوبة وعدد قليل ممن تقدمهم لجنة العفو من السياسين".
اللجنة منذ تشكيلها في 2016 حتى اليوم لم تساهم في إخراج أحد من الشباب المعتقلين بغير وجه حق وهو ما أكده حرب بقوله: "الأعداد التي خرجت من السجون عن طريق اللجنة ضئيلة ومحدودة جدا وليست كما كنا نأمل"، رافضا التصريح بأي عدد "حتى لا أسبب إحراجا للسلطة" على حد قوله .
اقرأ أيضا: الاختفاء القسري يطال 7 نساء بمصر.. هل هي سياسة ممنهجة؟
وأكد حرب أن اللجنة لا تنظر في ملفات أي من الإسلاميين أو المحسوبين عليهم كحزب الوسط ومصر القوية وبالأخص الإخوان المسلمين "لأن تاريخهم في العنف معروف وكلمة إرهاب دخلت القاموس المصري مصاحبة لهم في ثلاثينيات القرن الماضي وهم من قتلوا النقراشي، لذا لا يتم النظر في إمكانية العفو عنهم"، فيما أوضح حرب أن "تهمة الانتماء لجماعة إرهابية مطاطة وأحد التهم الكلاسيكية للدولة المصرية وتطال كثيرين ليس لهم علاقة بالإخوان".
ويفسر موقف حرب والخولي من الاسلاميين ما قاله الاعلامي المؤيد لنظام الانقلاب العسكري أحمد موسى حيث برر موسى موقفه قائلا "مفيش إخواني بيتوب "
الناشط الحقوقي المصري هيثم أبوخليل أكد بدوره لـ"عربي21" أن النظام المصري يحتجز أكثر من 60 ألف معارض سياسي منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013 وقال: "إن أيا من أهالي المعتقلين يعمل كل ما بوسعه لأجل إخراج ذويه بأي طريقة لكن الحقيقة المؤكدة أن السيسي قاتل والقاتل لا يملك العفو".
مصدر خاص بـ"عربي21" سبق اعتقاله على خلفيات سياسية رفض الكشف عن اسمه قال: "طارق الخولي، اتضرب في وسط البلد، من قبل مجموعة من الشباب بتوع فيسبوك، بعد تصريحه إن مافيش حد من شباب الثورة هيخرج في قوائم العفو، وإنه هيعمل على إنهم ما يخرجوش أصلا،".
وتابع "طارق نشوى الحوفي اللي معاه في اللجنه قالوا بوضوح إن ماهر وعادل ودومة وعلاء مش هيشوفوا الشارع".
وأضاف المصدر: "طارق كمان في حديثه مع ناس كانت حواليه من المنشقين عن 6 أبريل، واللي راحوا معاه في قعدة شفيق، قالوا إن مهمتهم إنهم يفحصوا القوائم ويأشروا على أي حد موجود أو ليه علاقة بـ6 أبريل أو الاشتراكيين الثوريين أو الدستور، أو ليه نشاط معارض للمجلس العسكري، بحيث إن يتم حذفه من قوائم العفو".
وقال المصدر إنه شاهد عيان على "تحركات في السجون بحيث إن فيه أسماء جنائيين يتحطوا في قوائم العفو مقابل فلوس، أول قائمة كان فيها جنائيين".
المتحدث باسم 6 أبريل " خالد اسماعيل" قال لـ"عربي21" في إجابة عن سؤال كيف ترى لجنة العفو الرئاسي؟ إن اللجنة "تعمل بجد من أجل استبعاد النشطاء السياسيين من العفو، وإنها لجنة أمنية بحتة، ولا يمكن أن تفعل شيئا، ولكننا لا نرفض أن يكون هناك شيئ من أجل الإفراج عن كل الشباب، أما قادة الحركة فهم يتحملون ولا يعبأون بشيئ غير أن يروا كل الشباب في أحضان أهاليهم، رغم قسوة الظروف التي يعيشون فيها".
وأضاف: "كل اللجان الحقوقية والمنظمات أعطت السيسي مباشرة أسماء شباب الثورة وقال ماشي، ورغم ذلك كان بيعمل على تجنيبها".