ملفات وتقارير

تطور جديد بملف سفينة الأسلحة "كاثرين" يكشف تضارب 4 روايات مصرية

تداول نشطاء مقطعا مصورا لعبور سفينة حربية إسرائيلية عبر قناة السويس- إكس
تداول نشطاء مقطعا مصورا لعبور سفينة حربية إسرائيلية عبر قناة السويس- إكس
تطور جديد بقضية سفينة الأسلحة "إم في كاثرين" (MV Kathrin)، التي يتهم نشطاء مصريون، سلطات بلادهم باستقبالها الأسبوع الماضي، وتفريغ شحنتها العسكرية على رصيف عسكري بميناء الإسكندرية على البحر المتوسط، وتحميلها بسفينة حربية إسرائيلية، في ملف يشغل داعمي المقاومة الفلسطينية وقابله تضارب مثير في أربعة تصريحات رسمية للسلطات المصرية.

القصة، بدأت برصد عبر الإنترنت وتصوير للسفينة الألمانية "كاثرين"، وهي ترسو بالميناء المصري الأكبر (شمال غرب)، يوم 28 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بينما تفرغ شحنة عسكرية، بتسهيلات من مكتب شحن مصري، ثم تحميل سفينة أخرى لذات الحمولة، ما فجر غضبا شعبيا واسعا ضد رئيس النظام عبد الفتاح السيسي.


ذلك الغضب تبعه اتهامات للسلطات المصرية بخيانة المقاومة الفلسطينية ودعم الكيان المحتل الذي يشن منذ 7 آب/ أغسطس الماضي، حرب إبادة دموية على قطاع غزة أودت بحياة أكثر من 42 ألف فلسطيني وتشريد نحو 2.3 مليون من أهل القطاع، لتمتد نيرانها إلى لبنان.

ومبكرا، وفي مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كشفت "منظمة العفو الدولية" أن "أم في كاثرين"، التي ترفع العلم البرتغالي يُعتقد أنها تحمل متفجرات متجهة لإسرائيل، مطالبة سلوفينيا والجبل الأسود بمنعها من أن ترسو بموانئهما.

ولفتت المنظمة إلى أنه "وفقا لحكومة ناميبيا، وخارجية البرتغال، فإنّ الشحنة تشمل متفجرات متجهة لإسرائيل"، ورفضت ويندهوك دخول مينائها في آب/ أغسطس الماضي، موضحة أنها انطلقت 21 تموز/ يوليو الماضي، من ميناء هاي فونغ الفيتنامي، وبها 8 حاويات متفجرات "آر دي إكس هيكسوجن".

اظهار أخبار متعلقة


وفي أحدث بياناتها، قالت المنظمة: "سمحت حكومة مصر للسفينة بالرسو والتفريغ بميناء الإسكندرية الاثنين الماضي، رغم خطر أن تساهم الشحنة بارتكاب جرائم حرب في غزة".

ما الجديد؟
والجديد، هو تداول نشطاء، مقطعا مصورا لعبور سفينة حربية إسرائيلية، ترفع علمي الكيان المحتل ومصر، عبر قناة السويس، وذلك بعد ساعات من بيان أصدرته "هيئة قناة السويس" المصرية يبرر ذلك المرور ويقول إن مصر ملتزمة باتفاقات دولية تكفل حرية الملاحة البحرية حتى للسفن الحربية.


مراقبون ربطوا بين قصة السفينة "كاثرين" ومقاطع تفريغ حمولتها بميناء الإسكندرية، وتحميلها على تلك السفينة الحربية الإسرائيلية ومرورها بقناة السويس، وتضارب أربعة بيانات رسمية مصرية حول الأمر.

ففي الوقت الذي أكدت فيه وزارة النقل رسو "كاثرين" بميناء الإسكندرية وتفريغها شحنة عسكرية لمصر، نفى المتحدث العسكري، ومصدر مسؤول، في بيانين منفصلين الأمر بشكل كلي.

وزارة النقل التي يرأسها ضابط الجيش السابق الفريق كامل الوزير، نفت سماح مصر لسفينة ألمانية بالرسو بميناء الإسكندرية، لكن البيان ذاته أكد استقبال السفينة بذات الميناء، وبشحنة عسكرية لصالح وزارة الإنتاج الحربي.

وقال إن السفينة كاثرين برتغالية الجنسية وترفع العلم الألماني ورست بميناء الإسكندرية لتفريغ شحنة لوزارة الإنتاج الحربي، وأنها طلبت المغادرة لميناء "حيدر باشا" التركي.

اظهار أخبار متعلقة



ووفق مراقبين، يتعارض بيان وزارة النقل، مع بيان صادر عن "مصدر رفيع المستوى"، لفضائية "القاهرة" الإخبارية المحلية الخميس الماضي، ينفي استقبال الميناء نهائيا للسفينة، معتبرا أن ما تردد حول استقبال سفينة تحمل مواد عسكرية لصالح إسرائيل، هو "كذب".

بيان المصدر الرفيع، ذهب للقول إنها محاولة لتشويه دور مصر بدعم فلسطين، وهو ما أكد عليه بيان المتحدث العسكري للقوات المسلحة، نافيا وجود أي تعاون مع إسرائيل، دون أن يشير إلى ما يثار بشأن سفينة الأسلحة، فيما لم يتطرق لما أكدته وزارة النقل من أن الشحنة خاصة بوزارة الإنتاج الحربي.



ليأتي البيان الرابع، السبت، من هيئة قناة السويس، ردا على مقطع مرور السفينة الحربية الإسرائيلية بالقناة، مبررا ذلك بالتزامها باتفاقية "القسطنطينية 1888"، حول المرور من القناة للسفن التجارية والحربية دون تمييز لجنسيتها.



وتقدم محامون مصريون، ببلاغ للنائب العام المصري، حول الواقعة مرفقين ما لديهم من معلومات حول ما تحمله من مواد متفجرة للجيش الإسرائيلي، مؤكدين أن دخول الشحنات یُظھر مصر كدولة تساند حرب إبادة الفلسطينيين ولبنان.

سياسيون تحدثوا لـ"عربي21"، عن رؤيتهم حول ما تكشفه البيانات الرسمية ومرور السفينة الحربية الإسرائيلية بقناة السويس، من تضارب للسلطات بشأن السفينة "كاثرين"، وما يمثله ذلك من "خيانة" لقضية فلسطين يتوافق مع ما جاء بكتاب "الحرب" للصحفي الأمريكي بوب وودورد، الشهر الماضي عن تورط مسؤولين عرب بينهم رئيس مخابرات مصر المقال عباس كامل، في التحريض ضد المقاومة.

بيانات كاذبة
بداية، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير الدكتور عبد الله الأشعل: "الموضوع يبدو منه أن الحكم يأتمر بأمر أمريكا وبناء على توصيات إسرائيل، بقضية تقلل من قيمة مصر ومكانتها وأدوارها وتاريخها بالصراع مع الاحتلال".

المرشح الرئاسي المصري الأسبق، أضاف لـ"عربي21": "بالتالي لا تصدق أي بيانات تصدر بنفي الأمر، لأنه من الطبيعي أن يبقى ضد المقاومة، لأن المقاومة تحارب إسرائيل الداعم الأكبر له دوليا بل وسر وجوده بالسلطة".

وأكد أن "حكاما عربا وخاصة بدول مجاورة للكيان هم حكام وظيفيون أتوا لخدمة الاحتلال فقط؛ وإذا زالت إسرائيل مع انتصار المقاومة وهذا مؤكد بأمر الله، فإن أمريكا ستتراجع للصفوف الخلفية، والحكام العرب أغلبهم سيغادرون ولن يكون لهم وظيفة أخرى، وتنقطع صلتهم بواشنطن لعدم وجود إسرائيل".

وتوقع الأشعل أن "تتفكك خلال 5 سنوات على الأكثر"، داعيا العرب إلى "الوقوف لتفكيك إسرائيل، والحكام العرب للتفاهم مع الغرب على تهجير اللصوص من أراضينا العربية والعودة لبلدانهم الأصلية"، بحسب تعبيره.

اظهار أخبار متعلقة



وتابع: "انكشفت اللعبة تماما، والتواطؤ العربي جعل إسرائيل تقوم وجعلها تتوحش"، ملمحا إلى أنه "بالنسبة لمصر فالسلطة قد تخون مصر ذاتها، ومصر مصلحتها بزوال إسرائيل، وأمنها القومي يتأثر بفلسطين، ولجيشها أمجاد بمعركة (عين جالوت) ضد التتار بالقرن الـ13 الميلادي، في منطقة جنين".

وختم بالقول: "أي حاكم وطني لا بد أن يدعم المقاومة وأي حاكم خائن يدعم إسرائيل، وهذه هي القاعدة، ولا يجب أن نتوه ببيانات كاذبة".

ثلاث مراحل
وفي رؤيته، قال السياسي والإعلامي المصري الدكتور حمزة زوبع: "غير متوقع ومن سوء الفهم والتقدير توقع وقوف نظام الحكم ضد إسرائيل، ومن غير المتوقع ومن السذاجة بمكان أن يقف على الحياد بحربها على غزة، بل إن المتوقع أن يساعد الحكم في مصر إسرائيل".

المتحدث السابق باسم حزب "الحرية والعدالة" المصري الحاكم سابقا، أضاف لـ"عربي21": "هناك 3 مراحل مررنا بها سابقا، الأولى أنه من غير المتوقع أن يقف الحكم بمصر ضد إسرائيل، وهذا حدث، والثانية كنا نتوقع أنه لن يقف ضدها ولا معها ويقف على الحياد، وهي مرحلة انتهت، لذا لا تتوقع أن يتردد في دعم إسرائيل".

ولفت إلى أنه "سيجد من الصيغ ما يبرر ذلك، ومنها مثلا تبريره مرور السفينة الحربية الإسرائيلية بالقناة، وبينما نتكلم عن استقباله (كاثرين) بالإسكندرية نكتشف مرور الفرقاطة الحربية".

ويعتقد زوبع، أن "(كاثرين) قصة أكبر من ذلك، ونتذكر أنه سابقا أوقف الأمريكان سفينة محملة بالسلاح لروسيا من شرق آسيا واكتشفوا أن السيسي يبيع ذخيرة لموسكو، والقصة هنا مشابهة، حيث قالت وزارة النقل إنه تم تفريغ الشحنة لصالح وزارة الإنتاج الحربي، ما يعني أنه أدخل السفينة للتفريغ وسيعيد شحن ما بها من سلاح لأخرى".

وأكد أنه "لذلك لا بد من وضع الأمور الثلاثة السابقة بالحسبان، ونستبعد أن يقف النظام ضد إسرائيل، ونستبعد وقوفه على الحياد، ولا نستبعد أبدا أنه يدعمها اقتصاديا وعسكريا، ويؤدي دورا لها لأنها بحالة شح شديدة للذخيرة، وقد لا نتفاجأ بأن هذه الذخيرة قادمة من دول عربية، حتى تأتي الذخيرة من أمريكا التي لا تلبي مصانعها كل الطلب الإسرائيلي".

وأشار إلى حاجة "إسرائيل" الشديدة للسلاح، مبينا أنه "حتى النظام الدفاعي الأمريكي (ثاد) ليس لديها منه إلا 7 فقط، ولما احتاجت تم نقل نظام أو 2 لها من الخليج، ورغم ذلك تخترق المقاومة هذه النظم وتصل قذائفها حيفا ويافا وتل أبيب".

ويعتقد السياسي المصري، أن "المشكلة هنا في إحسان الظن بهذه الأنظمة"، مضيفا: "وأنقل لك عن شخصية فلسطينية قوله إنهم كانوا يتمنون بهذه اللحظات العصيبة أن يقف الحكم في مصر على الحياد، لا أن يدعم المقاومة، فقط الحياد".

وقال إن "نظام الحكم ليس بيديه أن يقف على الحياد، وليس بيديه رفاهية التردد في دعم إسرائيل، وليس هو فقط بل كل حكومات المنطقة والخليج ما عدا دولة أو اثنتين، وأغلبهم يدعم الكيان".

ولفت إلى أن "هناك أموالا خليجية يتم دفعها الآن لدول بشرق آسيا وأفريقيا للاعتراف بإسرائيل، وتشاد، مثلا، دُفع لها 5 مليارات دولار؛ ما قد يزعج السيسي أن مليارات الخليج تذهب هنا وهناك دون نصيبه، وإسرائيل ما أسعدها بهذا".

وعاد للتأكيد على أنه "ليس الحكم في مصر وحده الذي يبيع فلسطين أو يساند إسرائيل، فالآن هناك نظام عربي يشبه تلك النظم التي حكمت قبل دخول التتار بغداد عام 1258، إذ قدموا لهولاكو الأموال والدعم وما قبل منهم إلا الدم، ثم أتى سيف الدين قطز، ليغير المعادلة عام 1260 لتقوم مملكة وحكم جديد للمماليك 250 سنة".

وأوضح أنه "بالتالي أدوار المسؤولين العرب لا تحتاج كتاب (الحرب) ليكشفها، حيث أن كتبا قديمة بها حديث أخطر، مثلا حول علاقة آل سعود بآل بوش، والبيت السعودي، ومذكرات هيلاري كلينتون، وباراك أوباما، وجون كيري، وعندما تعرف أن بندر بن سلطان سفير السعودية السابق بأمريكا ورئيس المخابرات السعودية لاحقا، وابنته سفيرة بأمريكا وابنه في بريطانيا، له صورة شهيرة مع بوش الابن، ويسأله: متى تغزون العراق؟".

وأشار إلى أن "السعودية دفعت 60 مليار دولار دعما للحرب ضد إيران (1980- 1988)، ومستعدة لدفع مثلهم للحرب لدعم إسرائيل، وبقراءة التاريخ الإسلامي تبقى فقط الفئة التي تتمسك بدينها كما الآن بفلسطين ولبنان تدافع، وكل من منظوره".

وختم بالقول: "لست محتاجا لرصد تضارب البيانات الرسمية المصرية بشأن السفينة (كاثرين)، فقد يخرج أحدهم غدا ليقول: نعم استقبلنا السفينة، وبيننا معاهدات، وهذا بيزنس (..)".

التعليقات (0)