في محاولة لثني نواب محافظة جنوب
سيناء في برلمان الانقلاب بمصر، عن الإصرار على عدم سحب استقالاتهم التي تقدموا بها الاثنين الماضي؛ شرعت الأجهزة التنفيذية في الاستجابة لبعض مطالبهم.
وكان أربعة نواب تقدموا باستقالة من برلمان الانقلاب، محددين سببها بعدم تعاون الجهاز التنفيذي بمحافظة
جنوب سيناء في تنفيذ مطالبهم المتعلقة بمصالح أهالي سيناء. وكشفت النائبة سارة صالح، أحد النواب الأربعة الذين تقدموا باستقالتهم، في تصريحات صحفية، عن سبب آخر للاستقالة، وهو "تغول قيادات الشرطة بالمحافظة".
واستهجنت صالح تعرض النواب الأربعة للانتقاص من كرامتهم من قبل ضباط شرطة بالمحافظة، ومعاملة مدير الأمن لهم بشكل سيئ، فضلا عن تجاهل المحافظ لمطالبهم المتعلقة بأبناء دوائرهم، محذرة من تحول جنوب سيناء إلى "
شمال سيناء جديد" بسبب الممارسات القمعية ضد الأهالي.
الخدمات مقابل سحب الاستقالات
وفي هذا السياق؛ قال الصحفي في جنوب سيناء، أيمن أبو زيد، إن "الأزمة تمت معالجتها من خلال تنفيذ بعض مطالب النواب، مقابل سحب استقالاتهم.
وعزا افتقار نواب المحافظة لسلطات النائب الحقيقي، إلى "ضعف دور البرلمان بالأساس، كونه مسيسا ومواليا للحكومة، ويخلو من المعارضة الحقيقية"، مشيرا إلى أن "ضعف البرلمان جعل موقف نوابه ضعيفا أمام السلطة الأمنية".
وأكد أبو زيد لـ"
عربي21" أن "بعض النواب لا يعرفون واجباتهم وحدود سلطاتهم، ومن المفترض أنهم يطرحون قوانين وتشريعات لحل المشاكل من جذورها، وليس تقديم خدمات فردية أو شخصية تتعلق ببعض المطالب".
نواب سيناء والعدم سواء
من جهته؛ اعتبر الباحث المتخصص في شؤون سيناء، وعضو هيئة التدريس بجامعة العريش، أحمد سالم، أن "وجود نواب بالبرلمان عن شبه جزيرة سيناء هو عبارة عن وجود ديكوري؛ من أجل إثبات أن الدولة لا تمارس إقصاء أو تمييزا ضد أبناء سيناء، في حين أنها في حقيقة الأمر همشتهم لعقود، أمنيا وسياسيا وتنمويا".
وقال لـ"
عربي21" إن "النواب لا يمارسون أي دور حقيقي على الأرض، حيث لا يوجد دستور ولا قانون مفعل، فالدولة تتعامل بقانون الطوارئ وبأحكام عرفية، ولا تحترم حقوق الإنسان، بل تنتهك حقوقه الأساسية، في ظل غياب الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، وعدم وجود أي رواية لما يجري هناك غير رواية الدولة، أو رواية الدواعش (تنظيم الدولة) عبر بياناتهم".
ولفت سالم إلى أن "سلوك الدولة الأمني في سيناء جزء من سلوكها في
مصر كلها، حيث تعمل في الاتجاه الخاطئ"، مضيفا أن "إنعاش الإرهاب لا يكمن في الخطاب الديني، وإنما في وجود المعتقلات، وحفلات التعذيب، والإرهاب الجماعي، واتباع سياسة الأرض المحروقة، والتعامل بمنطق الغابة، والقتل خارج إطار القانون، وتلفيق الروايات الرسمية، وهو ما ينذر بتفاقم المشهد للأسوأ".
يد الأمن هي العليا
من جانبه؛ قال المراقب للشأن السيناوي، أحمد خليل الوابصي، إن "السلطات الأمنية في عموم سيناء يدها أعلى من يد السلطة التشريعية التي يمثلها نواب سيناء، سواء في الشمال أو الجنوب".
وأضاف لـ"
عربي21": "يتم تحييد أهالي سيناء وممثليهم عن لعب أي دور سياسي أو خدمي، وذلك من خلال عدم تعاون الجهات المسؤولة معهم؛ نتيجة أوامر سيادية من جهة، وفساد الأجهزة التنفيذية من جهة أخرى".
وأعرب الوابصي عن مخاوفه من أن يتسبب السلوك الأمني الخاطئ بجنوب سيناء؛ في تحويلها إلى شمال سيناء جديد، مؤكدا أن "هناك نذرا توحي بأن القادم أسوأ في جنوب سيناء في حال استمرت الأجهزة السيادية في سياستها العدائية وغير المبررة ضد أهالي المحافظة.. ومن يقول غير ذلك فهو مخطئ".
لهيب الشمال ونعيم الجنوب
وفي المقابل؛ قال الإعلامي السيناوي حسام الشوربجي، إن "الوضع في جنوب سيناء يختلف عن نظيره في الشمال، وإنه من غير المرجح تفاقم الوضع الأمني هناك".
وأوضح أن "الدولة تولي اهتماما كبيرا لأمن الجنوب بشكل دقيق منذ عهد المخلوع حسني مبارك، وتشرف عليه الأجهزة السيادية، في حين أن الوضع بشمال سيناء تسوده الاضطرابات، نتيجة وجود جماعات مسلحة، واشتباكات، وتوتر أمني على الحدود مع قطاع غزة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "نواب سيناء، وخصوصا في المناطق البدوية والقبلية، عادة ما يلجأون إلى تقديم استقالاتهم إذا عجزوا عن تلبية مطالب أفراد عشيرتهم أو قبيلتهم"، لافتا إلى أن "هناك صورة ثابتة عند أبناء القبائل؛ تتمثل في أن دور النائب هو تقديم الخدمات والمساعدات لأبناء العمومة والقبيلة، وعليه أن يتراجع إن عجز عن الوفاء بذلك".