تزايدت حدة الخلافات بين الصحفي
أحمد السيد النجار، الذي استقال الأربعاء الماضي من رئاسة مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، كبرى الصحف الحكومية في
مصر، وبين أنصار نظام عبدالفتاح
السيسي من صحفيين وإعلاميين ونواب في برلمان الانقلاب.
وكان النجار قد أعلن في بيان له أنه استقال من منصبه بعد أكثر من ثلاث سنوات، اعتراضا على ما جاء في أولى قرارات الهيئة الوطنية للصحافة؛ بمنع رؤساء مجالس الإدارات من اتخاذ أية قرارات مالية أو إدارية خلال الفترة المقبلة دون الرجوع إليها أولا، مؤكدا رفضه البقاء في المنصب بلا صلاحيات.
وأنهى النجار بيان
الاستقالة بقوله: "لكم مؤسستكم ولي علمي واستقلال إرادتي، وانتصاري لمصلحة الوطن ولوحدة ترابه من تيران وصنافير إلى السلوم"، في إشارة واضحة إلى أن التضييق عليه سببه موقفه من جزيرتي تيران وصنافير.
وأعلنت الهيئة الوطنية للصحافة قبول استقالة النجار فور إعلانها بإجماع الأصوات، والتي جاءت قبل ساعات من عقد الهيئة أول اجتماعاتها، بعد تشكيلها بقرار جمهوري من قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
"كلاب تعوي"
وكثيرا ما انتقد النجار النظام في مقالاته، وخاصة في الأشهر الأخيرة، واتخذ مواقف مغايرة لما هو معتاد من الصحفيين الحكوميين، كان أبرزها رفضه تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
ودافع النجار عن الأزهر في مواجهة الحملة الشرسة التي يشنها إعلام النظام ضده، حيث كتب يقول: "احترموا قيمة وقامة الأزهر وشيخه الكريم، فالأزهر مركز للعالم الإسلامي، وهو جزء من قوة مصر المعنوية في العالم".
وكانت وسائل إعلام مؤيدة للنظام قد شنت حملة على النجار طوال الأيام التالية لاستقالته، مؤكدة وجود العديد من الاتهامات والبلاغات ضده بالفساد، وارتكاب مخالفات إدارية عديدة خلال فترة رئاسته "الأهرام".
وفي رد على اتهامات أنصار النظام له بالفساد المالي والإداري خلال فترة رئاسته للأهرام؛ قال النجار في تصريحات صحفية، الجمعة، إن "كل هذه شائعات وأكاذيب، لن أرد عليها سوى ببيت الشعر الشهير؛ لو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا.. لأصبح الصخر مثقالا بدينار".
وأضاف النجار: "لا أستطيع أن أجزم أن الخصومة السياسية مع النظام هي السبب في مثل هذه الاتهامات، وأطالب من لديه أي دليل ضدي بأن يتقدم به فورا لجهات التحقيق"، مؤكدا أن المجموعة التي تتهمه بهذه الاتهامات "إذا كانت محسوبة على النظام؛ فهذا عار حقيقي عليه".
رفض لتدخلات هيئة الصحافة
وتعليقا على استقالة النجار؛ استبعد الكاتب الصحفي المقرب من النظام، صلاح عيسى، أن تكون استقالة النجار لها أبعاد سياسية أو علاقة بموقفه المعارض لاتفاقية تيران وصنافير، مضيفا أن "النجار أعلن معارضته لقرار ترسيم الحدود مع السعودية منذ شهور طويلة، ومع ذلك ظل في منصبه، ولم يستطع أحد أن يطيح به، حتى تقدم هو من تلقاء نفسه باستقالته".
وقال لـ"
عربي21" إن "سبب الاستقالة أوضحه النجار نفسه في بيان الاستقالة المسببة، وذكر أنه رفض تدخل الهيئة الوطنية للصحافة في قراراته".
وتوقع عيسى حدوث تغيرات كبيرة في منظومة الصحافة المصرية خلال الأيام المقبلة، بعد إلغاء المجلس الأعلى للصحافة، والاستعاضة عنه بالهيئة الوطنية التي أصبحت المالك الفعلي للصحف القومية، والجهة المسؤولة عن وضع معايير جديدة لتأسيس الصحف الخاصة ومنحها التراخيص القانونية، في محاولة لإنقاذ الصحافة الورقية من الاندثار بسبب الأزمة الاقتصادية.
النظام لا يطيق المعارضة
من جهته؛ قال الناشط الحقوقي محمد زارع، إن "النظام الحاكم ومؤيديه؛ طالبوا أكثر من مرة بإقالة النجار بسبب موقفه الوطني الرافض لتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية".
وأضاف زارع لـ"
عربي21" أن "تغيير الأوضاع الصحفية، وإنشاء الهيئة الوطنية للصحافة؛ كان سببا آخر لاستقالة النجار، وكان من الواضح أنه سيتم الإطاحة به مع تغيير رؤساء الصحف القومية"، مؤكدا وجود "شخصنة لبعض الأمور داخل الهيئة الوطنية للصحافة"، وأن "بعض أعضائها يصفي حسابات سياسية مع خصومه".
وأوضح أن "النية كانت مبيتة للإطاحة بالنجار من منصبه، لكنه بادر بتقديم استقالته حتى لا يضع نفسه أو تاريخه في موقف حرج"، لافتا إلى أن النجار أشار في استقالته إلى "وجود تدخل واضح في عمله من قبل الهيئة".
وحول اتهامات الفساد التي لاحقته؛ قال زارع إن "اللوبي الذي تحركه أجهزة الأمن داخل الأهرام؛ هو من يقدم البلاغات ضد النجار، ويتهمه بإهدار أموال المؤسسة"، مؤكدا أن "الهدف من هذه البلاغات الكيدية هو تشويه صورته، حيث لم يعتد النظام أن يعارضه أحد يعمل في صحيفة حكومية مثل الأهرام مثلما فعل النجار في موقفه من تيران وصنافير".