القول بوقوع حرب بين أمريكا وإيران، أو عدم وقوعها، ليس سوى نوع من التنجيم. فحدث بهذا الحجم، وما ينطوي عليه من مخاطر، يجعله خارج إمكانيات التنبؤ لخزانات الفكر بأدواتها العادية.
من المرجح أن تكمتل الثورات في العقد القادم وتحقّق أهدافها، فمن المستحيل أن تقبل المجتمعات العربية العودة للوراء، كما أن الأنظمة خسرت جزءا كبيرا من طاقتها، ولن تعود قادرة على خوض جولات صراع جديدة، وباتت خياراتها بين تقديم التنازل والسقوط.
استقالة بوتفليقة، قد تكون خطوة إيجابية، إذا تم استثمارها لصالح الحراك والدفع بمطالبه لتغيير العملية السياسية الفاسدة برمتها، بأشخاصها وأساليب إدارتها، وقد تكون لعبة للإطاحة بالحراك ودفنه.
في ذروة حالة الحزن التي خيمت على مجتمعاتنا، جراء المذبحة التي ارتكبها أحد العنصريين في نيوزيلندا، وبينما كان عنصريو الغرب يجهدون في تبرئة نفسهم من الحادثة، أو على الأقل يتخفّون بعيدا عن الإعلام وتجاهل الحدث، أطلت رؤوس عربية تعلن تأييدها للقاتل، وتعتبر أنه يمثلها، بل وتطلب المزيد من هذه الأفعال.
هؤلاء المعتقلون هم ضحية مجتمعات لا تفي بوعودها، هم شباب جرى توريطهم من قبل مجتمعات رفعت شعارات كبرى عن الحرية والخلاص من العبودية، لكنها في لحظة حاسمة تراجعت عن شعاراتها وأحلامها.
انهيار مؤسسات القضاء في العالم العربي كان واحدة من الانهيارات المروعة، بل يمكن القول انكشاف انهيارها؛ لأنها لم تكن صالحة إلا في الخيال الذي يفترض أن القضاء هو العدل والحق، ذلك أنه كما الدبلوماسية والجيش والشرطة وأجهزة الأمن؛ يستحيل عبورها إلا لمن توافق عليه أجهزة العصابات العربية وتثق به.
ورغم كل النكبات التي حلت بالسوريين، إلا أن مقاومتهم للنظام الأسدي ما زالت مستمرة وبأشكال عديدة. ولعل المقاومة البازغة في الجنوب والمسماة "المقاومة الشعبية"، هي أحد تلك الأشكال التي تبقي جرح هذا النظام نازفا إلى حين موته، حيث تحقّق هذه المقاومة نجاحات نوعية في استنزاف الأسد
في الوقت نفسه، لم يعد ثمّة حلول ممكنة للشعوب العربية، ضاقت كل الخيارات، فلا الهجرة باتت ممكنة، ولا السكوت عن موت الأبناء جوعا بات محتملا. لم تعد الأسواق تولد فرص عمل، ولا الحقول تنتج ما يشبع البطون، وزحف الصدأ على خطوط المصانع والورش، ولم تعد الموانئ صالحة للسفر.
المعلن، حتى اللحظة أن عملية إعادة الإعمار ربما تتكلف بين 400 مليار دولار وتريليون دولار، وهذه المساحة الهائلة بين الرقمين هي مساحة لتبيض أموال الفساد والجريمة، وكذلك للاستثمار في أنماط تجارات كثيرة،
استطاعت الأنظمة والنخب المتسلطة وضع الجيوش عائقاً في وجه خلاص الشعوب العربية من الإذلال والإفقار، وحوّلتها إلى آلة غبية لا ترحم، ووضعتها في عهدة أجهزة المخابرات تنظمها وتضبطها وتشذبها وتصنع لها عقائد كاذبة وأعداء؛ هما دائماً الشعب والحرية
يغلق الشمال أبوابه؛ يعلنها صراحة أنه لم يعد بحاجة للخدمات الرخيصة التي يقدمها القادمون من الجنوب، في ظل أزمة اقتصادية مديدة تهدّد بسقوط العديد من هذه الدول من خانة الأغنياء والمترفين
ليس هناك أمل بأن يكون لدى الأنظمة العرب مشاريع غير القمع والنهب والتبعية والذل للخارج. من ينظر لأحوال مصر وسوريا، يكتشف على الفور خريطة مشروع الأنظمة في المستقبل. من هنا يمكن القول وبثقة، إن الربيع العربي هو المشروع الشرعي والوحيد الباقي والقادم