قال القيادي السابق في
جبهة الإنقاذ المصرية،
مجدي حمدان، إن فرض حالة الطوارئ في مصر لن يحقق الأمن والاستقرار، مطالبا بضرورة إعادة النظر في المنظومة الأمنية وإصلاحها.
وأضاف في حوار خاص لـ"
عربي21" إن "الطوارئ فرضت على المواطن، ولم تفرض على الإرهابي الذي لا يعبأ بتفجير نفسه وقتما وأينما شاء"، محذرا من أن "حالة الطوارئ ستقوض الاقتصاد المصري المنهار".
وانتقد حمدان الهجوم الممنهج ضد مؤسسة الأزهر وشيخها أحمد الطيب، متسائلا: "ما علاقة شيخ الأزهر بالإرهاب؟ هناك حرب شرسة تدبر ضد الأزهر، وخاصة منذ رفض إقرار الطلاق الشفهي".
وأقر بأن ما كانت تمارسه المعارضة في عهد الرئيس محمد مرسي "لم يعد بالإمكان ممارسته الآن"، مؤكدا أن "مساحة الحرية التي تشكلت خلالها جبهة الإنقاذ (...) لم تعد موجودة في الوقت الراهن".
وإلى نص الحوار..
كيف ترى عودة حالة الطوارئ إلى مصر، والتي استمرت طوال حقبة "مبارك" وألغتها ثورة 25 يناير؟
بدلا من تطبيق حالة الطوارئ؛ كان الأولى الإعلان عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية، التي ينم إعلانها عن الطوارئ عن فشل الوزير في جلب الأمن، فالطوارئ فرضت على المواطن، ولم تفرض على الإرهابي الذي لا يعبأ بتفجير نفسه في أي وقت وأي مكان.
إذا كان ثمة تقصير أمني؛ فإلى من توجه أجهزة الأمن جهودها؟
هناك تقصير أمني سمح بحدوث تفجيري طنطا والإسكندرية الأخيرين، وسقوط عشرات القتلى والمصابين، وسبب هذا التقصير أن جهود الأمن موجهة بشكل مباشر ضد المعارضين السياسيين، ومن يجلس خلف صفحات التواصل الاجتماعي.. لكن هل لدى السلطات الأمنية دراية بما يحدث في الشارع المصري؟ بالطبع لا، فهناك غفلة عن حالات الخروج عن القانون، والبلطجة، والسرقة، والتحرش.
كيف ترى انعكاس حالة الطوارئ على الأمن والاقتصاد؟
حالة الطوارئ سترسم صورة سلبية عن البلاد، وستؤدي إلى حالة انحدار اقتصادي كبير؛ يتمثل في تراجع الاستثمار، وعزوف المستثمرين.
وفي اعتقادي؛ فإن فرض حالة الطوارئ ليس حلا للعنف والإرهاب، وإنما الحل يكمن في تغيير منهجية ومنظومة الأمن، وإعادة تنظيم عمل الجهاز الأمني.
هل هناك رابط بين فرض حالة الطوارئ، وبين مناقشة تيران وصنافير في البرلمان، والاستعداد لانتخابات 2018؟
كل هذه الأمور محتملة، وأعتقد أن حالة الطوارئ لم تطبق لتقصير أمني، وإنما طبقت لأمور أخرى، والله أعلم بما في النيات.
إن مصر تحتاج إلى تغيير شامل وكامل يمحو كل الأفكار القديمة، ولا أعتقد أن يقوم النظام الحالي بهذا الدور، فإدارته ومنهجيته لا يوحيان بأنه سيكون هناك أي تغيير.
ولقد كان نظام مبارك، رغم خروجنا عليه، وعدم اتفاقنا معه، يتمتع بحنكة سياسية ودبلوماسية في إدارة شؤون البلاد، بدليل أن الإخوان حصلوا على عشرات المقاعد في برلمان 2000 و2005.
ما رأيك في ما يتردد في الإعلام المصري عن تحميل الأزهر وشيخه مسؤولية التفجيرات والإرهاب في مصر؟
ما علاقة شيخ الأزهر بالإرهاب؟ هناك حرب شرسة تدبر ضد الأزهر، وخاصة منذ رفض إقرار الطلاق الشفهي، ومع لك فلن يخالف العلماء ضمائرهم من أجل إرضاء الحاكم.
والأزهر يحاكم من أنصاف العقول، الذين يشنون حربا ممنهجة على شيخ الأزهر. وفي حين أننا نرى الملحدين على الشاشات؛ فإنه لا يفتح لشيخ الأزهر المجال كي يدافع عن الإسلام.
ولكن شيخ الأزهر في مأمن، فالمادة السابعة من الدستور تكفل له الحماية، وتقرر أنه لا يجوز عزله من منصبه.
كيف ترى تعاطي البرلمان والإعلام مع الأزمات الحالية؟
البرلمان الحالي لا يعبر إلا عن نفسه، وقد تغير اسمه من مجلس الشعب إلى مجلس النواب، لينوب عن السلطة التنفيذية والحكومة، ولا ينوب عن الشعب أو يعبر عنه.
أما الإعلام؛ فلديه أجندة حكومية ينفذها، ويخضع إلى إملاءات يطرحها يوميا على شاشاته، والبرامج الوحيدة التي تحظى بالمتابعة هي برامج الطبخ، وغير ذلك ليس بإعلام، وإنما هو أداة من أدوات تغييب الناس.
كانت المعارضة في عهد الرئيس الشرعي محمد مرسي تتداعى لكل حادث وخطب.. أين هي الآن؟
المعارضة لا وجود لها بمصر في الوقت الراهن، فالأحزاب تلاشت بعد انتخابات الرئاسة في عام 2014، والدولة ساهمت في تهميش هذا الدور من خلال الضغوطات المباشرة، فهي ترسل رسالة بشكل قاطع بأنها لا تريد أن يكون هناك أي شكل من أشكال المعارضة أو الحياة السياسية الحزبية في البلاد، حتى غدت مصر بعيدة كل البعد عن الديمقراطية.
وأعتقد أن مساحة الحرية التي تشكلت خلالها جبهة الإنقاذ، أو ساعدت على قيامها في ظل الإعلان الدستوري الذي أعلنه الدكتور مرسي؛ هذه المساحة من الحركة والحرية لم تعد موجودة في الوقت الراهن، وأي تحركات الآن تتم محاصرتها بقانون التظاهر، أو قانون الكيانات الإرهابية، فإما أن توضع في السجن، أو تصبح قيد الإقامة الجبرية.
أضف إلى ذلك أنه منذ عدم الاعتداد بالحياة الحزبية؛ غادر كل السياسيين مصر، أو أغلقوا صفحاتهم على مواقع التواصل، خشية الملاحقات الأمنية، فلا وجود في البلاد لحقوق ولا حريات، وتطبيق قانون الطوارئ بالشكل الراهن أمر بعيد عن العدالة والقوانين.
هل تتوقع حدوث مصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين نظام الانقلاب؟
المصالحة واردة، فخارطة الطريق في بندها الأخير نصت على وجود لجنة عليا للمصالحة الوطنية في مصر، ولم تحدد الإخوان فقط، فهناك حالة استقطاب حادة، والمصالحة لا بد أن تشمل الجميع، فالمادة 241 من الدستور تلزم البرلمان بوجود قوانين للعدالة الانتقالية، وبالتالي إذا لم يقم بتطبيق المادة الدستورية فإنه سيكون مهددا بالبطلان.
و"الإخوان" لا يرتدون شارات معينة، والدعوة لمحوهم درب من الخيال؛ فالجماعة تحتوي على أكثر من مليون ونصف المليون عضو في مصر وحدها، وحزبها به أكثر من 150 ألف عضو، ومعظم البيوت المصرية فيها أعضاء من الإخوان، وأذكر أنني عاشرت أحد الأشخاص لفترة طويلة، ولم أعرف أنه إخواني إلا بعد الثورة.
لماذا يدعم الغرب نظام السيسي بالرغم من مآخذه عليه؟
أعتقد أن الغرب لديه أجندة معينة يريد تنفيذها في الشرق الأوسط، وأمريكا بالذات ترى أن أفضل من ينفذ هذه الأجندة بصنع حالة من الكنترول في المنطقة؛ هو الرئيس عبدالفتاح السيسي.
هل تعتقد أن النظام والحكومة بمقدورهما ترويض الشعب وجعله يتحمل الإجراءات الاقتصادية الصعبة؟
لا أعتقد، وأرى أن الشعب المصري لديه قدرة محددة على الاحتمال، وسيأتي وقت ما ينفجر فيه إناء الضغط، ولن تقدر حينئذ أي قوة على مواجهة هذا التيار، فالشعب المصري ليس لديه محددات للخروج، أو معايير للثروة، أو قوة تستطيع كبح جماحه إذا أراد الخروج.