قال
الفنان المصري وجدي العربي، إن
العسكر منذ استولوا على السلطة في مصر وهم يعتمدون بشكل أساسي على الفن من أجل السيطرة على مشاعر وعقول ووجدان وتوجهات الشعب المصري، مستغلين زيادة نسبة الأمية بين أبنائه، لتمكنهم من السيطرة على المجتمع، وتقديس العسكر، وتمجيد الاستبداد بقوالب فنية متعددة.
وفي حوار خاص مع "
عربي21" أبدى العربي استغرابه من الفنانين الذين كانوا يتشدقون بالكلام عن الحرية والديمقراطية والعدالة، ثم انقلبوا على مبادئهم ووقفوا إلى جانب الانقلاب الدموي على الرئيس الشرعي
محمد مرسي.
وعلل العربي مواقف الفنانين الانقلابيين، بالإضافة إلى رموز الأزهر والكنيسة والرياضة والجامعات والسياسة، بأن مخابرات العسكر قد تمتلك لهم سيديهات فاضحة تهددهم بها، مستدركا بأنه لا يمكنه أن يثبت ذلك ما لم يسمع بأذنيه، أو يرى بعينيه.
وإلى الحوار..
كيف يرى الفنان وجدي العربي استراتيجية استخدام العسكر للفن والفنانين لخدمة أطماعهم واستبدادهم في مصر والعالم العربي؟
هذا يحدث بشكل مخطط ومدروس منذ زمن طويل، فهو مصاحب لظهور الفن الحديث من مسرح وسينما وراديو وتلفزيون، وكلنا نرى كيف تتم صناعة الأفلام بحيث تخدم السلطة في كل أوضاعها، بل ويتم تطويع الممثل والممثلة المصريين لخدمة وتمجيد صورة العسكر في غالبية أفلامهم، إن لم يكن جميعها، وقد رأينا بعض الحقائق المتمثلة في الارتباط الوثيق بين العسكر وحياة المراقص والخمور، وكان أكبر تجسيد لهذا الأمر في فيلم "رد قلبي".
ومن المفجع أنك تجد غالبية الشعب المصري مغيبة، نظرا لاستغلال ارتفاع نسبة الأمية بينهم، ولكن للأسف تجد أيضا بعض الفنانين المصريين مغيبين عن رؤية الواقع الحقيقي للعسكر، بدلا من أن يكونوا أصحاب الرؤية الواعية والمبصِّرة للشعب بهذه الحقيقة؛ ذلك أنهم شربوا من كأس خداع العسكر لهم، وما زال كثيرون منخدعين بالعسكر، ولكن هذا لا ينفي أن ما حدث في الثالث من يوليو وما أعقبها من مذابح؛ أيقظ وعي بعض الفنانين والكثير من الشعب، وفطنوا لإجرام العسكر وخيانة قادتهم.
هل لديك تفسير للانقلاب المفاجئ لدى كثير من الفنانين والفنانات الذين وقفوا مع العسكر بعد الانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي؟
بلا شك أن هذه مواقف محيرة، ولا يوجد لها سوى تفسير واحد من اثنين، وهو أن هؤلاء الفنانين والفنانات إما مأخوذ عليهم سيديهات جنسية، أو أنهم يرفضون الديمقراطية والحرية عموما، فضلا عن رفضهم لوجود التيار الإسلامي، أو أي تيار مختلف معهم فكريا أو سياسيا. وللأسف الشديد؛ فإن هذين السببين يوصلان إلى نفس النتيجة، سواء وقوع هؤلاء الفنانين تحت تهديد سيديهات العسكر، أم التطرف الأيديولوجي.
وأرى أنه كان الأولى بهؤلاء الفنانين أن يقفوا إلى جانب الدفاع عن الحرية والديمقراطية والحق في التعبير عن الرأي، ولكن هذا للأسف لم يحدث، بل حدث العكس.
هل ترى أن ذلك قاصر على المجتمع الفني؟
كلا، وإن كان موقف المجتمع الفني هو الأبرز، باعتباره السلاح الفتاك الذي يسيطر به العسكر على عقل ومشاعر ووجدان وفكر ووعي الشعب المصري، من خلال الأعمال الفنية المتنوعة من أغان ودراما ومسلسلات وأفلام ومسرح وغيره.
ولكننا رأينا هذا الموقف المخزي الخاضع لدولة العسكر من جميع المستويات في المجتمع المصري، فباعت القيادات الدينية للأزهر والكنيسة دينها بدنيا العسكر، ووقع الشيء نفسه من رموز رياضية وجامعية، ناهيك عن الرموز الإعلامية والعمالية والقضاة الموالين للعسكر، وكأنهم كلهم ممسوك عليهم أشياء، كما رأينا في قصة فيديو فضيحة عبدالحليم قنديل الذي فجر في خصومته مع الرئيس الشرعي محمد مرسي، وما عنتيل المحلة الذي كشفوا فضائحه لملايين المصريين مع زوجات ضباط وقضاة ببعيد عن المشهد.
ولكني كفنان أنظر إلى هذه الأمور من منظورات عدة، ولا يمكن أن أستوثق من شيء إلا إذا سمعته بنفسي، أو رأيته بعيني، إلا أن الحيرة تملؤني من أمثال عبد الحليم قنديل، وهم بالمئات، وأتساءل: ما الذي دفعكم لهذا الفجور ضد خصومكم السياسيين؟ ولماذا تستميتون في خدمة العسكر؟ ما السر في ذلك؟
وماذا عنك كفنان كنت مرافقا للرئيس مرسي ومناصرا له على الدوام.. كيف تعامل معك العسكر؟
بعد الانقلاب مباشرة؛ كان الموقف يعتمد على الترقب، وأنا كنت رافضا لانقلاب السيسي من أول يوم، وبعد فترة عرض علي العسكر عبر أذنابه البقاء داخل مصر، وأن أتحدث في التلفزيون الرسمي للدولة وأقول فيه "إنني مع الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي وأؤيده بشدة، ولكن المرحلة الحالية في مصر تستوجب أن نقف جميعا خلف رئيس السلطة الحالية وقائد المرحلة؛ لأن الدولة بحاجة إلى وحدة الجميع".
وعلى الفور؛ جمعت أسرتي واستشرت أولادي في القاهرة؛ ماذا أفعل في هذا الأمر المعروض علي؟ فقالوا لي افعل ما تريده، ولكن إذا استجبت لهم فلا علاقة لك بنا؛ لأننا لن نعترف بهذا الانقلاب، فأخذت موقفا حاسما ورفضت هذا العرض، حتى حصلت مداهمة لي، ولكني بفضل الله تمكنت من الخروج من مصر ثابتا بفضل الله على موقفي الداعم للشرعية وللرئيس مرسي.
هناك من يتحدث عن استخدام الانقلابيين للدعاة الجدد لتحقيق أهدافهم، من أمثال عمرو خالد ومصطفى حسني ومعز مسعود والحبيب الجفري.. ما رأيك؟
أذكر أنني كنت عند عمرو خالد في بيته نتناول العشاء مع زوجتينا، ورن هاتفه النقال، فاستأذن ربع ساعة، وعاد يضرب كفا بكف، وقال لي: "تخيل حضرتك عندي ندوة يوم الخميس في إحدى الجامعات، والطلبة حصلوا على تصريح أمني، ويأتي إلي الآن العقيد فلان من أمن الدولة؛ يقول لي إننا لن نمنعك من الذهاب ولن نلغي الندوة، ولكن يوم الندوة لا تذهب! وبذلك يشوه صورة الضيف ومنظمي الندوة معا، بينما تظل ساحة الأمن بريئة. وللأسف أن عمرو خالد التزم بكلام الأمن.. وهو منذ بدايته وهو تحت السيطرة الأمنية، والناس لا يدرون ذلك حتى تفاجأوا بهم أثناء الانقلاب.
إن كل هؤلاء الدعاة كشفهم الله لأنهم لم يكونوا ذوي نية صادقة، فأراد الله أن يفضحهم على رؤوس الأشهاد.