اتهم محللون تحدثت إليهم "عربي21"؛ النظام السوري بالوقوف وراء التفجير الذي استهدف نقطة تجمع الحافلات التي كانت تقل الخارجين من بلدتي
كفريا والفوعة، في منطقة الراشدين غرب
حلب، عصر يوم السبت.
وأدى انفجار سيارة مفخخة، وفق فرق الخوذ البيضا (الدفاع المدني)، إلى مقتل 125 شخصا على الأقل، وجرح العشرات، من المدنيين وعناصر الفصائل السورية التي كانت ترافق الحافلات التي نقلت الخارجين من البلدتين المواليتين للنظام في ريف حلب، ضمن اتفاق يقضي أيضا بخروج مواطني مدينتي الزبداني ومضايا في ريف دمشق.
وحسب مصادر كانت موجودة في مكان الانفجار، فإن سيارة محملة بمواد غذائية للأطفال، قدمت من مناطق النظام عبر طريق حلب- الراموسة متجاوزة نقاط المعارضة دون تفتيش، انفجرت وسط مكان تجمع الحافلات، التي كانت تقل أهالي البلدتين المواليتين للنظام، ضمن ما يعرف باتفاق المدن الأربع.
ويرى المحلل العسكري، العميد أحمد رحال، أن كل المعطيات التي تصل تباعا من مكان التفجير، تشير بوضوح إلى مسؤولية النظام السوري المباشرة عن التفجير.
ويضيف رحال لـ"عربي21"؛ أن النظام السوري يحاول عرقلة تنفيذ الاتفاق، بعد أن أذعن لرغبات إيران وحزب الله، ونفّذ صفقة قد تضعف من صورته أمام حاضنته الشعبية؛ التي تنظر إلى الاتفاق على أنه عملية تهجير قسري دون فائدة.
وقال إن المعطيات أكدت أن السيارة التي انفجرت كانت من ضمن السيارات الثلاث التابعة للهلال الأحمر، التي دخلت من مناطق النظام بحلب، معتبرا أن النظام أراد أن يصرف الإعلام عن مجزرة خان شيخون الذي نفذها بالسلاح الكيماوي.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي خليل المقداد، إن النظام السوري يضرب أكثر من "عصفور" بهذا التفجير، "فهو سيتهم المعارضة أولا، ليقول للعالم هذه هي الفصائل التي ستسقطوني بسببها، وكذلك سيستخدم هذا التفجير لتجييش الأقليات".
ورغم أن غالبية ضحايا التفجير هم من المدنيين الشيعة الموالين للنظام، لم يستبعد المقداد في حديث لـ"عربي21"، أن تكون "إيران شريكة للنظام في هذه العملية؛ لأن سقوط الأسد يعني سقوط مشروعها الذي تنفذه بأدوات عربية شيعية".
وقال: إيران مستعدة لأن تقاتل العرب بآخر شيعي عربي، ولا يهمها القتلى طالما هم من خارج إيران، وهي تميّز بين الشيعة على أساس العرق"، وفق قوله.
بالمقابل، لم يستبعد المقداد وقوف جهات أخرى يهمها عرقلة تنفيذ الاتفاق وراء عملية التفجير، لافتا إلى أنه "من السابق لأوانه توجيه التهم لغير النظام".
من جهته، يعتبر الكاتب الصحفي إبراهيم العلوش، أن النظام يهدف من التفجير إلى حرف البوصلة الإعلامية العالمية عن مجزرة الكيماوي، التي أضرت به كثيرا.
ويضيف لـ"عربي21"، أن النظام مضطر للمغامرة، ويدرك تماما أنه بمغامرته قد يؤجج غضب إيران، على اعتبار أن القتلى من الشيعة، لكن في الوقت نفسه يدرك أن عواقب اللعب مع إيران، أقل بكثير من اللعب مع روسيا.
بدوره، لم ينف نائب رئيس الكتلة الوطنية الديمقراطية في
سوريا، سمير الهواش، أن تكون السيارة المفخخة قد دخلت من مناطق النظام، وقال: "أنا أعرف النظام فأنا من الداخل، لكن أيضا يوجد في مناطق النظام من ينفذ أجندات لا تخدم أهداف النظام"، على حد قوله.
وحمّل الهواش، في اتصال أجرته معه "عربي21" من بيروت، مسؤولية التفجير إلى الأطراف التي ليست لها مصلحة بالحل والتقارب فيما بين السوريين، متسائلا: "هل إيران والسعودية الآن لهما المصلحة في التوصل إلى حل؟".
ويضيف: "عندما اقترب الحل نُفذت مجزرة خان شيخون، والآن تأتينا مجزرة الراشدين، وأعتقد أن مجازر أخرى سنشهدها في الفترة المقبلة، فأطراف الصراع فقدت دورها ووجودها على الأرض بوجود الأطراف الخارجية الفاعلة"، وفق تقديره.
وفي السياق أيضا، أدانت حركة أحرار الشام التفجير، واصفة إياه بـ"العمل الجبان الذي يخالف تعاليم الدين الإسلامي الحنيف".
وقالت الحركة في بيان وصلت إلى "عربي21" نسخة منه: "هذا العمل أريد منه الإساءة إلى سمعة الثوار، وهو لا يخدم إلا المصلحة الطائفية للنظام المجرم، للتغطية على إجرامه في خان شيخون والغوطة، بحسب البيان.
وشددت الحركة على استعدادها للتعاون مع أي جهة دولية مستقلة، للمساعدة في التحقيق الفوري الذي بدأته للكشف عن الجهة المتورطة.
من جانبها، اتهمت وكالة أنباء النظام السوري "سانا"، من أسمتهم "الإرهابيين" بإدخال سيارة مفخخة إلى مكان تجمع الحافلات، وتفجيرها وسط جموع من الأطفال، بغية قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال.