نشرت مجلة "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا للكاتب سكوت بيترسون، يقول فيه إن أمريكا وتركيا في جانب واحد على الورق بخصوص الحرب على
تنظيم الدولة.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه "في ساحة المعركة، حيث يقترب الهجوم الرئيسي لإخراج تنظيم الدولة من عاصمته
الرقة في
سوريا، فإن هناك اختلافا كبيرا بين هذين الحليفين في الناتو في اختيارهما لطريقة القيام بالمهمة، وهي قضية ستسيطر على لقاء وزير الخارجية الأمريكي ريكس
تيلرسون بالرئيس التركي رجب طيب
أردوغان يوم الخميس".
ويشير الكاتب إلى أن الإحباط يزيد عند الجانبين، حيث يدعم كل منهما مجموعات مختلفة تنوب عنه في الهجوم على الرقة، لافتا إلى أن المحللين يرون أن التوتر بين أمريكا وتركيا هو أعمق من مجرد خلاف حول سوريا، ويتفاقم مع اختفاء الآمل في أنقرة من أن خلافة دونالد ترامب لأوباما ستجلب معها نظرة جديدة تقود إلى تحسن جذري في العلاقات الثنائية.
وتذكر المجلة أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية، كانا يتوقعان تعاطفا أكبر من إدارة ترامب، بعد سنوات من الاحتكاك المتزايد مع إدارة أوباما بخصوص انزلاق أردوغان نحو الديكتاتورية وحقوق الإنسان، وتحالف أمريكا مع المقاتلين الأكراد في سوريا.
وينقل التقرير عن الزميل في معهد "أتلانتيك كاونسيل" في واشنطن، آرون ستين، قوله: "تتبع الولايات المتحدة سياسة تبغضها
تركيا، بغض النظر عمن يوصل الرسالة.. ولا أستطيع رؤية مصالح مشتركة، فقد ابتعدنا كثيرا عن بعضنا".
ويلفت بيترسون إلى أن خيار واشنطن لقيادة هجوم الرقة هو قوات سوريا الديمقراطية، وهي عبارة عن مظلة تقودها وحدات حماية الشعب الكردية، مستدركا بأن تركيا تصر على أن تقوم القوات غير الكردية التي تدعمها هي بمعالجة موضوع الرقة، وتتهم كلا من أمريكا وروسيا بدعم مجموعة "إرهابية" مصرة على إقامة دويلة كردية متحالفة مع أكراد تركيا الانفصاليين.
وتفيد المجلة بأن تركيا تطالب أمريكا بقطع علاقاتها مع قوات سوريا الديمقراطية ولجان المقاومة الشعبية، وإلا فلن تشارك في هجوم الرقة، الذي يتوقع أن يبدأ بعيد انتهاء تركيا من التصويت في الاستفتاء في تاريخ 16 نيسان/ أبريل.
ويقول ستين، مؤلف "السياسة الخارجية الجديدة لتركيا"، بأن لقاء تيلرسون مع أردوغان سيكون: "الرقة، والرقة، ثم الرقة"، مشيرا إلى أن الأمريكيين يتوقعون ألا تسير الأمور بشكل جيد، ويضيف ستين: "لا أظن أن هناك مجالا حقيقيا للمناورة حتى تسقط الرقة، وتبدأ وتيرة المعركة بالتباطؤ.. وبعدها يمكن محاولة إعادتها على المستوى الجيوستراتيجي الأوسع، والقول بأن العلاقة التكتيكية مع أكراد سوريا قد انتهت، فلنعمل معا لمحاربة التهديد الأعرض".
ويذهب التقرير إلى أن "سوريا قد تكون أكبر نقطة خلاف، لكنها ليست إلا واحدة من قائمة مظلوميات تركية، تسببت بزيادة التوتر بين أمريكا وتركيا في السنوات الأخيرة، وتتضمن اعتقال مسؤول كبير في أكبر البنوك التي تملكها الدولة في تركيا يوم الاثنين في مطار (جي أف كي) بتهمة تسهيل تجنب العقوبات التي تفرضها أمريكا على إيران، بالإضافة إلى أن تركيا غاضبة؛ لأن واشنطن لم تسلمها فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا، الذي تتهمه تركيا بالوقوف خلف الانقلاب الفاشل".
وينوه الكاتب إلى أن البعض في تركيا اعتقد بأن حديث ترامب الحازم بخصوص تنظيم الدولة، ووعده بالالتزام بمحاربة التنظيم في سوريا والعراق، ونظرته التجارية، ستجعله قريبا من أردوغان، وأن ينتج عن ذلك أرضية مشتركة.
وتبين المجلة أن هذا التقارب لم يحصل إلى الآن، بالرغم من محاولة أمريكا تحسين العلاقات من خلال عدد من الاجتماعات عالية المستوى مع المسؤولين الأتراك، بما في ذلك زيارة من مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة جوزيف دنفورد.
وبحسب التقرير، فإنه تم اطلاع الجنرال الأمريكي في أواسط شباط/ فبراير، على القوات العربية السورية التي تدربها تركيا، محاولة إقناع أمريكا باستخدام تلك القوات في معركة الرقة، بحسب ما قاله المحلل المقيم في أنقرة ميتهان ضمير، إلا أن موقف أمريكا بقي هو مساعدة قوات سوريا الديمقراطية، وهو ما كان محبطا للجانب التركي.
ويقول ضمير للمجلة: "ستشرك أمريكا تركيا بطريقة أو بأخرى في هذه اللعبة؛ لأنه ودون تركيا ليس من السهل القيام بهذه العملية مع قوات سوريا الديمقراطية أو غيرها.. لكن المشكلة هي أن تركيا تقول بأنه من المستحيل أن تتدخل ما دامت القوات الكردية داخلة في المعادلة".
ويبين بيترسون أنه "اعتبارا لحساسية الوضع السياسي الداخلي، فإن أمريكا تؤجل بداية هجوم الرقة إلى ما بعد إجراء الاستفتاء في وسط نيسان/ أبريل، وقد يعرض تيلرسون المساعدة في إعادة بناء أجزاء من شمال سوريا، التي احتلتها تركيا خلال عملية عبر الحدود، وأطلقت عليها عملية درع الفرات، لكن ليست هناك مؤشرات إلى أن البنتاغون ستدير ظهرها للمليشيات الكردية التي أثبتت نجاعتها في الحرب ضد تنظيم الدولة".
وتشير المجلة إلى أن أردوغان انتقد أمريكا يوم الاثنين، قائلا: "لا نعد التعامل مع منظمة إرهابية مناسبا إذا ما وضعنا في الاعتبار شراكتنا الاستراتيجية والتحالف مع الناتو".
وينقل التقرير عن العميد الجنرال التركي المتقاعد خلدون سولمازترك، قوله لإذاعة صوت أمريكا التركية: "أظن أن الجانب العسكري من العلاقة التركية الأمريكية مغلق، ولا يبدو أنه سيكون هناك انفراج"،
وأضاف سولمازترك أن زيارة تيلرسون ستخدم في محاولة إبقاء العلاقات السياسية تحت السيطرة، ولن تحدث تقدما في المجال العسكري، "فمن الواضح أن المصالح الأمريكية والمصالح التركية لا تلتقي عندما تتعلق المسألة بسوريا والشرق الأوسط"، وأعرب عن قلقه البالغ بخصوص مستقبل العلاقات التركية الأمريكية.
وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى أن المحللين يرون أن الفرصة ضئيلة أمام تحول الخلاف الأمريكي التركي إلى تحول تركي عن التحالف الغربي، خاصة أن روسيا أيضا تحالفت مع الأكراد في سوريا.