نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية تقريرا؛ سلطت من خلاله الضوء على الاتفاق المبرم بين كل من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي والنظام السوري وحليفه الروسي.
وتقول إن هذا الاتفاق يخدم مصلحة النظام، حيث إن الوحدات الأكراد في
سوريا لن تقف في وجه انتشار قوات بشار الأسد على مشارف مدينة منبج.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المليشيات الكردية لم تفكر كثيرا عندما اختارت أن تضع يدها في يد الأسد. فالأكراد غير مستعدين للتخلي عن شبر واحد من المناطق التي يسيطرون عليها لصالح أنقرة، أو لصالح حليفها الجيش السوري الحر.
وأوقفت قوات من الجيش التركي والجيش السوري الحر أي تقدم لوحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، مما أجبر الأكراد، بعد ذلك، على تغيير وجهتهم في محاولة منهم للتقرب من النظام السوري.
وذكرت الصحيفة أن توقيع المليشيات الكردية السورية لاتفاقات "تكتيكية" مع النظام، ليست وليدة اللحظة. فقد تعهدت
الوحدات الكردية سابقا لقوات النظام بحماية مداخل مدينتي الحسكة والقامشلي التي يسيطر عليها النظام، بالإضافة إلى المشاركة في حماية مطار القامشلي من الداخل.
أما بالنسبة للاتفاق الجديد المبرم يوم 2 آذار/ مارس الماضي، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث إن الوحدات الكردية فتحت الأبواب أمام النظام لاستعادة عدة بلدات واقعة على مشارف مدينة منبج، ذات الأغلبية العربية من السكان.
وفي هذا السياق، ذكر أحد مستشاري المجلس العسكري الكردي في منبج، قائلا: "لقد توصلنا إلى اتفاق مع روسيا لنترك مهمة مراقبة الحدود الكبرى للدولة السورية، فضلا عن حدود المناطق المشرفة على البلدات التي سيطر عليها الجيش التركي وحلفاؤه فيما يعرف بعملية "
درع الفرات"، بيد قوات النظام.
وتجدر الإشارة إلى أن الجيش التركي يقاتل من جهة ضد تنظيم الدولة، ويطارد من جهة أخرى الانفصاليين الأكراد.
من جانب آخر، يظل هاجس استعادة مدينة الرقة من يد تنظيم الدولة، الشغل الشاغل لكل الأطراف المتدخلة في الأزمة السورية، وعلى رأسها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى على غرار فرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى روسيا وحليفها النظام السوري، وبدرجة أقل
تركيا.
وفي هذا الإطار، بينت الصحيفة أن واشنطن وحلفاءها يثقون بقدرات الوحدات الكردية، التي تشرف واشنطن على دعمها وتسليحها وتدريبها. كما لا بد من التنويه بفضل الطيران الأمريكي الذي ساهم في دعم الوحدات الكردية خلال سيطرتها على مدينة منبج، قبيل انطلاق عملية "درع الفرات" المدعومة من تركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن دور روسيا، في حال إعلان معركة لاستعادة مدينة الرقة، سوف يظل على حاله. وهذا الدور يتضمن بلا شك مواصلة الوقوف إلى جانب النظام، دون تجاهل الأكراد. أما بالنسبة لأنقرة، فإن شغلها الشاغل في الوقت الراهن يتمثل في وضع حد لتقدم الوحدات الكردية، التي تعتبرها تركيا ذراعا لحزب العمال الكردستاني.
وأفادت الصحيفة أن وحدات حماية الشعب الكردية تعلم جيدا أنها لا تقوى على محاربة الجيش التركي. في المقابل، ترى هذه الوحدات في تحالفها مع النظام السوري وسيلة لتبعد عن نفسها خطر النظام من جهة، والجيش التركي من جهة أخرى، خاصة أن أنقرة لن تجازف بالدخول في مواجهة مباشرة ضد النظام السوري المدعوم من كل من موسكو وطهران. بمعنى آخر، فإن الغاية الوحيدة من اتفاق الأكراد مع النظام، تتمثل في الحصول على الحماية الروسية والإيرانية.
في المقابل، يظل الدور الأمريكي في الصراع السوري يشوبه الغموض. فواشنطن تدعم تارة الوحدات الكردية، وتقف طورا إلى جانب الجيش السوري الحر المدعوم من أنقرة. وفي الوقت نفسه، يحافظ الأمريكيون على علاقاتهم بالأتراك، الذين لا زالوا على أهبة الاستعداد لضرب الوحدات الكردية المسلحة بيد من حديد.
وأكدت الصحيفة أن أهداف حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من المشاركة في معركة الرقة، تتمثل أولا في القضاء على تنظيم الدولة الذي يشكل بالنسبة للأكراد عائقا أمام وجودهم في سوريا. أما السبب الثاني، فيتمثل في إرضاء الحليف الأمريكي على الرغم من أنهم غير مستعدين لتقديم مقاتليهم كبش فداء من أجل تحرير مدينة عربية.
وتنقل الصحيفة عن أحد المراقبين الفرنسيين والدوليين للصحيفة، أن "الأكراد غير مستعدين بتاتا للموت من أجل تحرير مدينة عربية، كما هو الحال بالنسبة للمقاتلين العرب الذين ليسوا على استعداد للموت أو حتى القتال تحت إمرة قادة أكراد".