قالت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، إن قرار
ترامب المعادي للمهاجرين، الذي بلغ صداه
إيران، في الوقت الذي تتجهز فيه جل الأطراف السياسية الإيرانية لخوض غمار
الانتخابات الرئاسية، أعطى للمحافظين لاستغلاله للتقرب من الشعب الإيراني.
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أن مرسوم ترامب الجديد المعادي للمهاجرين، قد استثنى هذه المرة العراق، في حين أن الملياردير الأمريكي، لم يغير نظرته تجاه الجارة إيران، فهو لا يزال يعتبرها جهة مصدرة وممولة للإرهاب في العالم. والجدير بالذكر أن مرسوم ترامب الجديد لا يشمل الإيرانيين المتمتعين بتأشيرات أو بإقامة دائمة، بالإضافة إلى الأمريكيين من أصول إيرانية. ومن هذا المنطلق، بإمكان هؤلاء السفر بحرية نحو الولايات المتحدة.
وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة تصريحات مجيد، أحد الإيرانيين المتضررين من هذا المرسوم، إذ قال: "هذا لا يغير شيئا بالنسبة لي". وفي الأثناء، يأمل هذا الإيراني، الذي يعمل طبيب أشعة في الولايات المتحدة، في العودة سريعا إلى طهران للمشاركة في الاحتفال برأس السنة الفارسية، أو كما يطلق عليه اسم "عيد النَّوْرُوزُ"، الذي يصادف يوم 20 آذار/ مارس الجاري.
وأكد مجيد أن "أول المتضررين بصفة كبيرة من مرسوم ترامب، هم بلا شك رجال السياسة في إيران، الذين لن يستطيعوا إرسال أبنائهم للولايات المتحدة بعد الآن... أما بالنسبة للذين يعملون على الحفاظ على مصالح واشنطن، فسيجدون عدة طرق للدخول إلى التراب الأمريكي".
ومن جانب آخر، أفاد مجيد، صاحب الثلاثين سنة: "لا يجب أن نتخذ أحكاما مسبقة، لنتريث إلى حين تطبيق مرسوم ترامب الجديد على أرض الواقع". وأضاف مجيد أن "الكثير من الإيرانيين يعتقدون بأن ترامب عدو للشعب الإيراني".
وبينت الصحيفة أنه، ومنذ سنتين تقريبا، خرج الإيرانيون إلى الشوارع للتعبير عن سعادتهم بتوقيع الاتفاق النووي، الذي وصف بالتاريخي. فضلا عن ذلك، رحب الإيرانيون، آنذاك، بعودة إيران للساحة الدولية، خصوصا مع انتعاش العلاقات الدبلوماسية، مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي السياق ذاته، أكدت الصحيفة أن شهر العسل بين كل من واشنطن وطهران لم يدم طويلا، حيث شهدت العلاقات بين الدولتين توترا حادا منذ تنصيب ترامب رسميا في البيت الأبيض. فقد أعادت تصريحات ترامب المستفزة تجاه إيران إلى الأذهان تلك السنوات المظلمة التي عرفت فيها العلاقات الإيرانية الأمريكية منعرجا خطيرا في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، والرئيس الإيراني المحافظ السابق، أحمدي نجاد، غداة قيام إيران بتجارب صاروخية.
وأوردت الصحيفة وجهة نظر حسين، وهو مواطن إيراني يشغل منصب مهندس في أحد الشركات المحلية، حيث أقر بأن مرسوم ترامب الجديد "قد أحبط مساعي الشق الإصلاحي وخدم مصلحة المحافظين". وأضاف حسين أن "ترامب قد شوه كثيرا صورة واشنطن في أعين الشعب الإيراني، خصوصا بعد قراره الأخير، مع العلم أن هذه الصورة قد تغيرت إلى حد ما في أذهاننا".
وأردف حسين: "لم يتبق للإصلاحيين خيار آخر سوى محاذاة المحافظين، الذين يضمرون العداوة والبغضاء لواشنطن ويرفضون أي شكل من أشكال التطبيع معها".
وتحدثت الصحيفة عن بعض الجوانب التاريخية التي اتسمت بها العلاقات الأمريكية الإيرانية. في الواقع، وتحديدا بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001، اجتاحت الولايات المتحدة أفغانستان بالتعاون مع ولاية الفقيه، حيث قدمت إيران، في ذلك الوقت، معلومات استخباراتية ثمينة للأمريكيين خلال مطاردتهم لمقاتلي حركة طالبان، التي كانت بمثابة عدو مشترك بالنسبة للبلدين. وبعد مرور سنة تقريبا، أدرج جورج بوش إيران، التي كان يحكمها خلال تلك الفترة الرئيس الإصلاحي، محمد خاتمي، على قائمة "محور الشر".
وأضافت الصحيفة أن طهران وافقت، خلال سنة 2003، على تعليق برنامجها النووي في اتفاق أبرمته مع دول أوروبية، وهي بالأساس فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، على أن تلتزم هذه الدول بموجب هذا الاتفاق بتقديم جملة من التنازلات لصالح طهران. ولكن، ونظرا للضغوط التي مارستها الولايات المتحدة، لم تطبق القارة العجوز كامل وعودها مع طهران، مما تسبب في إضعاف الشق الإصلاحي في البلاد، وفتح في الوقت نفسه الأبواب على مصراعيها أمام المحافظين للسيطرة على مقاليد الحكم، وتأكد ذلك بعد تولي أحمدي نجاد للرئاسة في سنة 2005.
وفي الختام، أفادت الصحيفة أن عدة مواطنين إيرانيين يرون أنه من الأجدر الاتحاد من أجل انتخاب من يتمتع بالمؤهلات اللازمة والقدرة الكافية على دفع البلاد نحو التقدم.