قال مارك لينش أستاذ العلوم السياسية والباحث في معهد كارنيغي إن صمت القادة
العرب على قرار الرئيس الأمريكي بحظر دخول رعايا 7 دول مسلمة كان وجها من وجوه السياسة الواقعية الكلاسيكية واحتفاء بتباين سياساته على الأقل حتى الآن مع سياسات باراك أوباما.
وأوضح لينش أن القادة العرب تغاضوا عن قرار
ترامب لتقاطعهم معه في "معاداة إيران والانشغال بخطر الإسلاميين على الرغم من أن تعريف هذا الخطر فضفاض وغير محدد".
ولفت إلى أن دولا عربية رفضت التعليق على قرار ترامب وانتقاده بعدما استثناهم مثل الأردن والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى مفضلة مثل المغرب وتونس رغم كثرة أعداد الجهاديين المتحدرين من مثل هذه الدول الذين يقاتلون في نزاعات خارجية.
وشدد على أن غضب المواطنين العرب في الشرق الأوسط ونظرهم بعين حمراء إلى قرار ترامب كانت على طرف نقيض مع صمت القادة العرب ووقوف عدد منهم موقف المتفرج لا بل المؤيد في بعض الأحيان للحظر.
ولفت الباحث إلى أن الانقسامات السياسية المحلية خففت من حدة الرد على الحظر فيما أيد خصوم الإخوان المسلمين قرار ترامب أملا في تنفيذ توجهه بحظر الجماعة وتصنيفها إرهابية مشيرا إلى أن حظر دخول الإيرانيين الشيعة أثلج كذلك قلوب الأصوات السنية المذهبية.
واعتبر الباحث أن صمت معظم القادة بشأن قرار ترامب جاء بمثابة صدمة حادة لكن مكالمات حكام عرب مثل الملك السعودي سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد لم تتناول سوى ملف إيران وسوريا و"الإخوان المسلمين" فيما لم تشر البيانات الإعلامية الأمريكية والعربية إلى أن المناقشات تناولت الحظر على المهاجرين.
ورأى أن الحكام العرب وعلى الرغم من "قلقهم من مواقف ترامب المنحازة انحيازا صارخا وبائنا إلى إسرائيل ويخشون أن تُحرجهم مواقفه هذه بيد أنهم ل ايبادرون إلى ما قد يُعكِّر صفو تعاونهم معه ضد أعداء مشتركين".
وأضاف: "الأنظمة العربية ستصطدم حتما تقريبا مع ترامب حول كل شيء من سوريا وايران إلى العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية لكنها لا ترى أن مسألة الهجرة تستحق النزاع حولها أو الوقوف عندها".
واعتبر أن المواقف العربية الحالية من قرار ترامب تعيد إلى الذاكرة الأمور إلى ما كانت عليه قبل عقد من الزمن حين كان القادة العرب يميلون للاستخفاف بما تستسيغه شعوبهم ومثاله ما كان يفعله حسني مبارك في تشديد الحصار على غزة والعلاقات القوية مع إسرائيل بخلاف رغبة شطر واسع من المصريين.
وشدد على أن الانتفاضات العربية كسرت لوقت قصير هذه المقاربة غير الشعبية للسياسة الخارجية واضطرت الأنظمة إلى حساب كلفة التحديات الشعبية المحتملة.
لكنه رأى أن عودة الأنظمة الآن إلى تجاهل الغضب الشعبي ضد ترامب هو "دليل يعتد به إلى حسبان قادة عرب كثر أن خطر الثورات الشعبية طُويت صفحته وأن في وسعهم العودة إلى ما عهدوه قبل الانتفاضات".
وقال الباحث إن شعور الأنظمة العربية بأنها بلغت شط الأمان هو إلى حد بعيد من بنات الوهم وسيتبدد بفعل الاستياء الاقتصادي والسياسي المتراكم وضعف عوائد
القمع".
وأشار إلى أن تأهب الأنظمة المستبدة الجديدة وانقضاضها من غير رحمة على المعارضة وقمع كل بوادر الاحتجاج سيجعل ترامب يعوِّل على قدرتها بمقاليد شعوبها والسيطرة عليها لكن هذا سيفاقم المشكلة وحسب.
وختم بالقول إن احتجاجات المطارات على قرار ترامب سلطت الضوء على الوجه الخيّر لأمريكا وهو يتصدى للبيت الأبيض العدواني لكن في الوقت ذاته لم يتأخر مؤيدو الأنظمة العربية عن تكرار نظرات المؤامرة المألوفة لدى الأمريكيين المحافظين بالسؤال عن علاقة الإخوان المسلمين بتنظيم هذه الاحتجاجات والتي أظهر حجمها وتنوعها وتعاطفها مع المهاجرين في إبراز آراء أكثر إيجابية بأمريكا لم تظهر منذ وقت طويل.