نشرت صحيفة "يني شفق" التركية معلومات مفصلة حول "مولود ميرت ألتنطاش"، منفذ عملية
اغتيال السفير الروسي في أنقرة، أندريه كارلوف، يوم الاثنين، حيث تشير الدلائل والمعلومات إلى صلة منفذ الهجوم بجماعة فتح الله
غولن، كما تقول الصحيفة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن ألتنطاش زاول تعليمه الثانوي في مدرسة "جمهورية الأناضول"، وبعد تخرجه من الثانوية تلقى دروسا خاصة في إحدى شعب مدارس "كورفيز الخاصة" التابعة لجماعة فتح الله غولن".
وذكرت الصحيفة أنه خلال فترة تعليمه، سكن ألتنطاش في مساكن الجماعة، وعندما لم يفلح في الحصول على مقعد جامعي، نصحه خاله، وهو معلم مدرسة مرتبط بجماعة غولن، بأن يصبح شرطيا ويكمل تعليمه في معهد للشرطة.
ووفقا للمعلومات التي أوردتها الصحيفة، فإن خال منفذ الهجوم كان قد اعتقل في السابق في إطار التحقيق مع عناصر جماعة فتح الله غولن بعد انقلاب 15 تموز/ يوليو، لكن السلطات أفرجت عنه لاحقا، قبل أن تعود وتعتقله مرة أخرى بعد حادثة اغتيال السفير.
وأشارت الصحيفة إلى أن ألتنطاش دخل معهد "روشتو أونسال" للشرطة، وتلقى فيه تعليمه بين سنتي 2012 و2014.
وتقول الصحيفة إن جماعة غولن كانت تسيطر تماما على تشكيلات الشرطة سنة 2012، وهي التي زرعت ألتنطاش في هذا المعهد، حيث تلقى دعما من شاهين إلقي، وهو رجل أعمال تابع للجماعة، ومطلوب لدى السلطات.
وكان من المنتظر أن يصبح شاهين إلقي رئيسا لبلدية آيدن الكبرى في حال نجح انقلاب 15 تموز/ يوليو، وذلك وفقا للمعلومات التي كُشفت لاحقا. وقد اعتقل والد شاهين إلقي قبل أربعة أيام فقط من اغتيال السفير الروسي.
وسلطت الصحيفة الضوء على موضوع كيفية دخول ألتنطاش إلى معهد الشرطة، حيث نقلت عن المحققين قولهم إنهم أجروا حسابات للمستوى الأكاديمي الذي حققه ألتنطاش في الفترة الإعدادية، حيث وجدوا أنه من الصعب جدا أن تؤهله هذه العلامات لدخول معهد الشرطة، وهو ما أثار مسألة إمكانية أن تكون جماعة غولن قد سربت له الأسئلة والأجوبة لاحقا.
كما أن المسؤولين الذين وضع أسماءهم كمعرفين له عندما دخل معهد الشرطة، كان قد تم إخراجهم وعزلهم من عملهم في جهاز الشرطة بسبب ارتباطهم بجماعة غولن.
ونقلت الصحيفة المعلومات التي تحدثت عن حصول مولود ميرت ألتنطاش على إذن إجازة لمدة يومين قبيل انقلاب 15 تموز/ يوليو، حيث كان يعمل حينها في ديار بكر، وأن الذي وافق على منحه هذا الإذن هو قهرمان سيزار، مدير دائرة قوات مكافحة الشغب في ديار بكر، والذي تم إلقاء القبض عليه بعد المحاولة الانقلابية كمتهم بالمشاركة فيها.
وأضافت الصحيفة أن السلطات التركية أجرت تحريات واسعة، معتمدة على تسجيلات كاميرات المراقبة وخطوط الهاتف، كما داهمت منزل منفذ اغتيال السفير الروسي، وعثرت على كتب تتحدث عن القاعدة وجماعة غولن. لكن الغريب في الأمر أن كتب القاعدة كانت جديدة ومغلفة تماما وغير مستخدمة.
ونقلت الصحيفة شهادات سكان الحي الذي تقطن فيه عائلة منفذ عملية الاغتيال، والذين أشاروا إلى أن العائلة منغلقة على نفسها، وأنهم لم يشاهدوا مولود ألتنطاش كثيرا، وجل ما يعرفونه عنه أنه يعمل في جهاز الشرطة في شرقي البلاد. كما قال زملاء مولود ألتنطاش الذين كانوا معه في الثانوية، إنه كان نشيطا ولم يكن يؤذي أحدا، لكنه انغلق على نفسه منذ انضمامه لمعهد الشرطة وأصبح لا يتكلم كثيرا.
وعن التفاصيل التي سبقت عملية الاغتيال، أشارت الصحيفة إلى أن التحريات توصلت إلى معلومات جديدة، حيث تبين أن ألتنطاش قد اتصل يوم 14 كانون الأول/ ديسمبر؛ بأحد الفنادق القريبة جدا من المكان الذي كان سيُقام به معرض الصور بمشاركة السفير الروسي، وحجز غرفة رقم 214 لمدة ليلة واحدة بتاريخ 19 كانون الأول/ ديسمبر.
وقد حضر إلى الفندق يومها، وقام بعملية استكشاف لموقع معرض الصور، ثم خرج من الفندق في تمام الساعة 17:26 مساء، ودخل إلى المعرض بعد إظهار بطاقة الشرطة، وهو ما برر وجود سلاح معه استخدمه لاحقا في قتل السفير بـ11 رصاصة، استقرت تسعة منها في جسد السفير، فيما اخترقت اثنتان جسده وخرجت منه.
ووفقا للصحيفة، فإن هذا يعني أن القاتل كان يعلم قبل أسبوع على الأقل بأنّ السفير الروسي سوف يشارك في معرض الصور، ولذلك يجري الآن التحقيق والتحري حول كيفية حصول ألتنطاش على هذه المعلومة، التي من الممكن أن يكون مصدرها أحد منظمي المعرض، أو من الأشخاص المقربين من السفير أندريه كارلوف.
وأشارت الصحيفة إلى أن أسماء من جماعة غولن؛ نشرت على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد دقائق فقط من تنفيذ عملية الاغتيال، دلائل تشير إلى انتماء ألتنطاش لجبهة النصرة بهدف صرف الأنظار عن الجماعة، حيث نشر أحدهم أن منفذ الهجوم خريج ثانوية دينية ومقرب من العدالة والتنمية، وربما انضم لجبهة النصرة. بينما نشر آخر بعد دقائق من وقوع العملية أن "الورقة التي نشرت حول أخذه إذن من قبل مسؤول من جماعة غولن هي ورقة مزيفة، والقاتل هو أحد عناصر جبهة النصرة". كما قال أحد المطلوبين للسلطات بسبب انتمائه لجماعة غولن، إن "المنفذ لا يمكن أن يكون من تنظيم الدولة أو حزب العمال الكردستاني، وإنما مؤيد لجبهة النصرة، حيث قام بهذه العملية انتقاما مما قامت به
روسيا في سوريا".
وذكرت الصحيفة أن السلطات التركية ألقت القبض على أفراد عائلة ألتنطاش ومجموعة من زملائه الذين كانوا معه في المدرسة وفي معهد الشرطة، من أجل التحقيق معهم وكشف معلومات جديدة حوله.
وأشارت الصحيفة إلى التساؤلات التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تدور حول أسباب قتل منفذ عملية الاغتيال بدلا من القبض عليه حيا لاستجوابه. ووفقا لمصدر أمني، فإن السلطات التركية سعت إلى الوصول سريعا للسفير الروسي في محاولة منها لإسعافه وإنقاذ حياته، ولم يكن بوسعها الانتظار حتى نفاد رصاصات منفذ الهجوم، وعندما رفض تسليم نفسه، تم تصفيته لنقل السفير إلى المستشفى ليفارق هناك الحياة.