نشرت صحيفة "سلايت" الناطقة بالفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن تداعيات
اغتيال السفير الروسي على أنقرة، أندريه كارلوف، والمخاوف من أن يكون هذا الحدث بمثابة "النقطة التي أفاضت الكأس" لإعلان حرب بين
تركيا وروسيا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن رصاصة واحدة تلقاها ولي العهد النمساوي من طالب صربي، تسببت في إشعال حرب عالمية بين سنتي 1914 و1918، عندما كانت أطراف النزاع في أوروبا آنذاك "تسير على صفيح ساخن".
لكن الصحيفة قالت إن هذا لا يعني بالضرورة أن تساهم حادثة مقتل السفير الروسي في أنقرة في تحويل مسار
العلاقات بين البلدين إلى مواجهة مسلحة، فليست هذه المرة الأولى التي دخل فيها الطرفان في مناوشات ساخنة، ولا تبدو الأخيرة. ففي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2015، أسقط الجانب التركي طائرة روسية اخترقت الأجواء التركية؛ الأمر الذي دفع بموسكو إلى فرض عقوبات اقتصادية على أنقرة.
وفي نفس السياق، وخلال أواخر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2016، قتل أربعة جنود أتراك في مدينة الباب، الواقعة في شمالي حلب في سوريا، نتيجة للقصف الذي شنته طائرة حربية. وقد علقت الصحف الحكومية التركية، على رأسها صحيفة "يني عقد"، على هذه الحادثة متسائلة عمن المتسبب في تعميق الخلاف بين البلدين.
وأضافت الصحيفة أن هذه الحوادث ساهمت في السابق في فتور العلاقات بين كل من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين. لكن، شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين تحولا دراماتيكيا عندما اعتذر رسميا الرئيس التركي عن مقتل الطيار الروسي. وعلى الرغم من أن هذا الاعتذار لم يكن موجها لحكومة الكرملين بل لعائلة الطيار الروسي، إلا أن هذه المبادرة التركية ساهمت في تحسن العلاقات بين الرئيسين.
وأوردت الصحيفة أنه في ظل محاولة تحسين العلاقات الروسية التركية، يُقتل السفير الروسي في حادثة وصفت بالانتقامية لحلب، حسب ما صرخ به منفذ العملية البالغ من العمر 23 سنة، وهو عنصر في الشرطة الخاصة منذ ثلاث سنوات.
وأفادت الصحيفة أنه ما زالت عباراته تترجم في كل صحف العالم لعدة لغات، حيث صرخ بعد قتله للسفير الروسي قائلا؛ "الله أكبر، لا تنسوا حلب ولا تنسوا سوريا، يجب أن يدفع المسؤولون عن هذه الجرائم الثمن غاليا". وأضاف قائلا: "نحن أقسمنا على الولاء لنبينا ومناصرة الجهاد".
وكان السفير الروسي، يحضر معرضا ثقافيا تحت عنوان: "
روسيا في أعين الأتراك" قبل أن يتلقى رصاصات أصابته بجراح خطيرة أدت لوفاته خلال دقائق.
وتجدر الإشارة إلى أن منفذ العملية قد دخل للمعرض مبرزا بطاقة انتمائه للشرطة التركية. وبحسب ما جاء في الصحف تركية حكومية، فإنه تحوم شكوك حول وجود روابط بين المنفذ وجبهة النصرة (المنشقة عن تنظيم القاعدة) في حلب، مع العلم أن هذه العملية جاءت في الوقت الذي تظاهر فيه الأتراك على مدى عدة أيام، تضامنا مع حلب.
ورغم الاغتيال، فإن موسكو وأنقرة أكدتا أن مقتل السفير الروسي لن يعرقل الاجتماع في موسكو بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران، من أجل التوصل إلى حل للأزمة السورية من شأنه أن يحدد مستقبل الرئيس بشار الأسد.
وأكدت الصحيفة أن تركيا تفضل رحيل النظام السوري نهائيا، على الرغم من أنه قبل انطلاق ثورات الربيع العربي، كانت تربط الرئيس أردوغان مع جاره السوري علاقات طيبة. ومع نهاية سنة 2011، عمل أردوغان على دعم المعارضة السورية لإقامة نظام جديد في سوريا تحت قيادة سنية.
لكن تعقدت المسألة بعد دخول الأكراد على الخط وتدخل روسيا عسكريا في الحرب السورية. أما داخليا، فقد تفاجأ أردوغان بخسارة حزبه السياسي، حزب العدالة والتنمية، الأغلبية في الانتخابات البرلمانية سنة 2015، أعقبه محاولة الانقلاب العسكري الفاشل.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الروسي يطمح لفرض حلوله
الدبلوماسية ليقدم نفسه كسيد للحرب السورية، من خلال التعاون مع تركيا، التي تدعم المعارضة السورية، والذي يراه بوتين أمرا مهما. أما بالنسبة لأردوغان، فهو يهدف بالأساس إلى إضعاف الوحدات الكردية المسلحة باختلافاتها، والنجاح في هذا الأمر هو رهين التفاوض مع روسيا، خاصة بعد أن تدهورت العلاقات نسبيا بين أنقرة وحلفائها الغربيين التقليدين.