وحَّد الغضب من الحكم الصادر بسجن نقيب الصحفيين
المصريين، يحيي
قلاش، وقتل سائق سيارة "الكارو"، المواطن المسيحي،
مجدي مكين، بشبهة التعذيب، في قسم شرطة الأميرية؛ صحفيي مصر ومسيحييها، ضد رئيس الانقلاب، عبدالفتاح
السيسي.
وبدا ذلك في هتافات الأولين، بسقوط حكم السيسي، ومقاطع الفيديو التي تجرأ ناشطون مسيحيون من الجنسين، على توجيهها ضد السيسي، لأول مرة، محملين إياه مسؤولية سجن الأول، وقتل الثاني، منددين بوزارة داخليته، في الحالتين.
ولوحظ أن مظاهرات الهتاف ضد السيسي، واشتعال غضب المسيحيين معا، قد تزامنا مع احتفال السيسي بعيد ميلاده الثاني والستين، يوم السبت، حيث اتسمت مظاهرات الصحفيين، واحتجاجات المسيحيين، بجرأة غير مسبوقة، واتفاق على أن السبب في الأزمتين وزارة الداخلية، وغياب العدل من قبل حكم السيسي نفسه.
وهتف الصحفيون في مظاهرتهم واحتجاجهم، السبت، بسقوط حكم السيسي، قائلين: "يسقط يسقط حكم السيسي.. علِّ الصوت أكثر وأكثر.. حبس الصحفي خط أحمر.. عاش نضال الصحفيين.. عاش نضال الصحفي المصري.. اكتب على حيط الزنزانة.. حبس الصحفي عار وخيانة.. يا اللي بتسأل إحنا مين.. إحنا شباب 25".
وزادوا في هتافاتهم: "حبسوا الصحفي وقتلوا قتيل.. عاش نضال الصحفيين"، قاصدين بالصحفي: نقيبهم يحيى قلاش، وبالقتيل: المواطن مجدي مكين.
وأضافوا: "قالوا حرية وقالوا قانون.. والصحافة في السجون.. لفق لفق في القضية هي دي عادة الداخلية".
وتابعوا الهتاف: "يسقط يسقط حكم العسكر".
وجاءت تظاهرة الصحفيين، احتجاجا على حكم محكمة جنح قصر النيل، بعابدين، السبت، بمعاقبة نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وعضوي المجلس خالد البلشي وجمال عبدالرحيم، بتهمة إيواء مطلوبين أمنيا، بالحبس عامين وكفالة 10 آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ، لاتهامهم بإيواء أشخاص صادر بحقهم أمر قضائي بالضبط والإحضار، وذلك في قضية اقتحام نقابة الصحفيين في أيار/ مايو الماضي.
ورفع المشاركون في المظاهرة لافتات كان أبرزها: "بالورقة والقلم الجاف..
الصحافة مش بتخاف"، و"الصحافة باقية.. والطغاة زائلون"، و"يادي الزفت ويادي الطين.. حبسوا نقيب الصحفيين"، و"يسقط الوزير النيجاتيف"، مرددين هتافات غاضبة من حكم المحكمة.
وتعاطفت مواطنة مصرية مع الصحفيين، ولدى مرورها بمقر النقابة، أخذت تهتف: "عاش نضال الصحفيين".
وألمحت عضو مجلس النقابة، حنان فكري، إلى ضغوط مارسها السيسي، على رؤساء تحرير الصحف القومية، من أجل منع صحفييها من إظهار تعاطفهم مع زملائهم، وبالتالي العمل على انقسام الصحفيين.
ومن جهتهم، ربط صحفيون بين حبس قلاش، وقتل مكين، فهتفوا قائلين: "حبسوا الصحفي.. وقتلوا مكين". وأضافوا: "اللي حبسوا إخواتنا عساكر.. اللي قتلوا إخواتنا عساكر.. عوِّم عوِّم في الجنيه.. بكرة الثورة تقوم يا بيه".
وانتقدت الإعلامية الموالية للسلطات، لميس الحديدي، قرار حبس النقيب وزميليه.
وقالت: "كنا نتمنى أن يطغى مشهد الإفراج عن الشباب الصحف العالمية، لكن هذا القرار جاء مع خبر آخر عن حبس أكبر رمز للصحافة في مصر".
وأضافت، في برنامجها: "لا نعترض على الحكم، لكن كان ممكن اتباع مراحل سياسية قبل اللجوء إلى القضاء، وكان ممكن جدا حل الأزمة بطرق سياسية بعيدة عن أبواب القضاء".
وتابعت: "المسارات القضائية يمكن أن تكون صحيحة، ولكن تكلفتها على البلد غالية لأن مصر ستدفع ثمن هذا الحكم من صورتها في الخارج، ومحدش يقولي إن القضاء مستقل، لأنهم في الخارج مش عارفين كدا، ومش مصدقين".
احتقان مسيحي واسع بسبب قتل "مجدي مكين"
وفي سياق غير بعيد، اتسعت مشاعر الاحتقان والغضب بين المواطنين المسيحيين في مصر، من جراء قتل سائق عربة الكارو "مجدي مكين"، في قسم الشرطة، من وطأة التعذيب.
ونشر الطبيب والناشط المسيحي، الدكتور وجيه رؤوف، مقطع فيديو يتحدث فيه أمام الكاميرا، ويوجه نقدا عنيفا وغير مسبوق بحق السيسي.
فقال: "يا سيسي أنت خايف من مين.. يا أنت خايف من حد معين.. حد وراءك في الجيش.. في السلطة.. يا إما بتمثل علينا".
وأشار إلى أن السيسي بيعمل "شو إعلامي"، إذ استقبل "الست بتاعة الحلق"، و"فتاة نقل البضائع"، وكرمها"، مستدركا: "لكن ما بيشوفش مهازل ثانية في البلد بتحصل".
وأضاف: "مجدي مكين سائق عربة "كارو" احتكت سيارته بسيارة نقيب الشرطة.. ويبدو أنه لم يعط التوقير والاحترام للنقيب.. فأخذه وضربه ووضع الخازوق له.. وساخة وقلة أدب.. فيه قانون سواء كنت لواء أو مشير.. خللي عندك ضمير.. أكثر من كده بيحصل في حكم السيسي، ويبررون قتل مكين بأنه كان معه مخدرات.. لا يا باشاوات.. اللي بيتاجروا في المخدرات هم طبقة اللواءات والقضاة، والدولة بتحميهم".
وتابع وجيه رؤوف حديثه: "نحن نعيش في دولة الهاشينجاه، واخص عليكم يا حكومة فاسدة وفاشلة.. هي دي المعايير اللي ماشية في مصر.. هو صحيح السيسي ما شافش الست اللي اتعرت في المنيا.. يمكن علشان قبطية.. وعندنا جرجس بارومي .. اتحكم عليه.. هنقول قضاء شامخ ولا منبطح ولا ضاء على ما تفرج".
وشكك رؤوف في تقرير الطب الشرعي عن مكين، قائلا: "الطب الشرعي قال على ناس مقتولة إنهم منتحرون.. يعني الطب الشرعي كل سنة وأنت طيب.. طبيب مسيحي يعرف الحق في الطب الشرعي.. طلعوه معاش مبكر.. وعندنا الكاهن الكبير، وسنه 70 سنة.. بولس الرياني.. بيع من الكل.. من الكبار (يقصد مسؤولي الكنيسة) بتوعنا علشان يصفقوا للريس.. وإيهاب جواجري الذي لم يتم إطلاق اسمه على مدرسة بعد إلغاء القرار من قبل المحافظ".
وتابع: "سيادة الرئيس ما سمعش الكلام ده ولا سامع ومطنش؟ وهل هذه دولة القانون يا سيادة الرئيس؟"، مواصلا: "الفساد منتشر في عهدك".
وهاجم رؤوف السيسي لمجاملته القضاة والضباط مقارنة بالأطباء، وغيرهم. وقال: "سكوت السيسي عن الظلم يؤكد أن سيادة الرئيس بيمثل، ويضحك علينا.. يا إما خايف من حد".
وتساءل رؤوف: "هل سيادة الرئيس السيسي يخشى أحدا من رجال القوات المسلحة خلفه، أو يخشى أحدا من رجال الدولة أو يخشى دولة ما؟
وأجاب: "لو كان الرئيس السيسي بيمثل علينا يبقى كارثة، ولو خايف تبقى كارثة أكبر؛ لأن الموت في النهاية يقتل صاحبه، ويجب أن ينتصر الإنسان على الخوف في داخله لأن وقوع البلاء ولا انتظاره".
وشدد على أن مجموعة الضباط في قسم الأميرية لابد أن يُحاكموا ويُحاسبوا، مردفا: "لو سمعت أن أحدا حرق قسم الأميرية باللي فيه مش هأزعل.. قسم المفروض يتشال من على الخريطة لأنه وصمة عار.. لو جاء إرهابي من داعش وفجره هل هنزعل؟.. هل بتحاولوا تخلونا نفقد التعاطف معكم؟".
وأضاف: "قالوا 11 /11 وثورة، قلنا: لا.. مش نازلين، وهنقف معاكم.. ليه بتستقووا على الناس الغلابة.. مش هانسكت، وها نتكلم".
وفي ختام مقطعه دعا الطبيب المسيحي إلى تحقيق العدل، واختفاء الظلم، مردفا "وإلا مش هنفرح لحاجة، ومش هانصفق لحاجة.. أما السقيف والطبيل فخليه للبطالين والمسقفاتية اللي ما عندهمش ضمير".
ناشطة مسيحية: أيامك يا سيسي ألعن من مبارك
وفي سياق متصل، خرجت الناشطة المسيحية إيمان صليب، بمقطع فيديو نشرته على موقع "يوتيوب"، وانتقدت فيه بضراوة، حكم السيسي، واصفة الشرطة المصرية في عهد السيسي بأنها أسوأ منها في عهد مبارك، ومذكرة بتعرية امرأة مسيحية بالمنيا دون أن يزورها السيسي.
وخاطبت السيسي بالقول: "لما احتجت للمسيحيين في أمريكا أدوا أوامرهم، واتعمل لك استقبال برغم أنك ما تستأهلش".
وأضافت: "مجدي مكين سائق "الكارو"، وكان ممكن تُنسى قضيته لولا اكتشافها مع أنك كرمت الفتاة.. طيب واللي مات ده وعائلته.. دول اتهددوا بالتليفون.. ده خالد سعيد تاني.. كن عادلا.. كن للفقير والغني.. الغلابة بيموتوا وأنت نايم نعسان".
ووصفت التعذيب الذي تعرض له مكين بأنه "لم يحدث في عهد الاحتلال العثماني، ولكنه حصل في عهد الفتح العربي السيساوي"، وفق قولها.
وتابعت: "هي دي الداخلية بتاعتك؟.. بنجاح ترامب ما عندكش حجة.. لكن أنت ليك.. ناس وناس.. ومصر ممكن تكون في القمة لو أنت رجل عاقل".
وخاطبت السيسي، قائلة: "الحادثة دي لو ما خذتش فيها قرار هتهز الدنيا كلها.. وما تعملش فيها "عبده العبيط".. واعمل حاجة المرة دي".
تحميل السيسي مسؤولية ضياع حق "مكين"
إلى ذلك، ناشدت فايزة عبده خليل، زوجة مجدي مكين، السيسي، باسترجاع حق زوجها المتوفى بالقانون.
وقالت، في مداخلة هاتفية لبرنامج "على مسؤوليتي"، عبر فضائية "صدى البلد" مساء السبت: "زوجي بيعمل باليومية، وكان رزقي على الله، والقانون سيعيد لي حق زوجي، حسبي الله ونعم الوكيل في اللي عمل فيه كده، وأنا أناشد الرئيس السيسي، ونحن بنحبه وانتخبناه، ياريت يرجع حق مجدي وبالقانون".
ونشر القس بسنتى جرجس، أحد كهنة المهجر، تعليقا حول الحادثة، عبر موقع "فيسبوك"، قائلا: "الحكاية لم تنته بعد.. الباشا يحتمي في (كتافات)، وقطع من نحاس، بشهود زور شهدوا يوما ضد نابوت الغلبان، هم اليوم يشهدون ضد غلبان يقود الكارو سارحا على رزقه يبيع السمك، مات الغلبان، ولَم تنته الحكاية بعد".
وكان وفد أعضاء مجلس نواب ما بعد الانقلاب، المشارك في تقديم العزاء لأسرة مكين، أكدوا حرصهم على متابعة سير التحقيقات، مشددين على اهتمام السيسي بمتابعة القضية بنفسه.
ومن جهتها، قالت الكنيسة في بيان صحفى أصدرته، إن مكين تُوفي في قسم شرطة الأميرية، متأثرا بالآلام التى نتجت عن التعذيب البشع الذى تعرض له.
وأضافت الكنيسة: "زيارة وفد الكنيسة لأسرة المتوفى جاءت لتأكيد تعاطف الجميع معها، على اعتبار المتوفى مصريا تمت إهانته من قِبَل أحد أجهزة الدولة، ولنعلن رفضنا للإفراط في استخدام القوة، ولنؤكد قيمة الحياة، وحق الإنسان فيها".
وأضاف البيان: "لعل هذا الحادث يكون بمنزلة وقفة لمراجعة ما يحدث من تعذيب في أقسام الشرطة، وإننا نعمل على حماية ثقة الشعب في جهاز الشرطة".
ووجه يسري عطية، أحد أقارب مكين، رسالة للسيسي، قائلا: "اعتبر مجدي ابنك.. عاوزين حقه، ده حصل له تهتك وكدمات في جميع أنحاء جسمه، وانداس عليه بالأحذية وضرب بالعصيان".
وأضاف عطية، في مداخلة، عبر برنامج " بتوقيت مصر"، على قناة "التليفزيون العربي"، أن مجدي مكين تم تعذيبه بطريقة بشعة لا يقبلها أحد على نفسه، موضحا أنه سائق عربة كارو، ويبلغ من العمر 52 عاما.
وأضاف: "العربة حكت في سيارة ميكروباص تابعة للشرطة، فنزل منها 11 فرد أمن، وشتموا مجدي بأمه فرد الشتيمة "، متسائلا: "هل دي جزاء رد الإساءة فقط".
ومن جهته، اعتبر الحقوقي وعضو مجلس النواب سابقا، زياد العليمي، واقعة تعذيب مجدي مكين في قسم شرطة "الأميرية"، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، لأنه لا توجد منظومة عدالة في مصر، وفق قوله.