أيام قليلة تفصل العالم عن انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية، حيث شهدت ما يمكن وصفه بأنه أسوأ الحملات الانتخابية في تاريخ أمريكا الحديث، من حيث وجود المرشح للمثير للجدل، ورجل المال والاقتصاد "
دونالد ترامب" مرشحا عن الحزب الجمهوري، وهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة مرشحة الحزب الديموقراطي.
دعاية في مستوطنات الضفة الغربية
الانتخابات الأمريكية لا تنحصر ساحات الدعاية الانتخابية في أراضيها، بل تجاوزت ذلك لتصل إلى دولة الاحتلال
الإسرائيلي بمختلف المناطق، خصوصا في شوارع الضفة الغربية التي يستخدمها المستوطنون الإسرائيليون.
دعاية انتخابية لترامب في "إسرائيل"
ويقدر عدد الإسرائيليين الحاملين للجنسية الأمريكية الذين يعيشون في دولة الاحتلال بـ200 ألف شخص، وحسب الصحيفة، فإن غالبيتهم العظمى ستصوت لصالح ترامب، على عكس اليهود الذين يعيشون في أمريكا، حيث أنهم يميلون لصالح الحزب الديمقراطي.
واستضاف الحزب الجمهوري اجتماعا انتخابيا غير اعتيادي في إسرائيل، حيث نُظم باللغة العبرية للمرة الأولى لتحفيز الإسرائيليين ممن يحملون الجنسية الأمريكية على انتخاب مرشح الحزب.
وللتدليل على أهمية الحملة الانتخابية في دولة الاحتلال، ضربت الصحيفة الإسرائيلية مثالا على ذلك بقولها: "في انتخابات عام 2000 عندما هزم جورج دبليو بوش المرشح آل غور، فإن ذلك تم بفارق 537 صوتا فقط في ولاية فلوريدا".
خيارات بين السيء والأسوأ
من جهته أوضح "المحلل السياسي والمتخصص بالشؤون الأمريكية" الدكتور سمير عوض، وهو أمريكي من أصل
فلسطيني في حديث مع "
عربي21" أن الفرق بين ترامب وهيلاري، هو أن الأول أكثر يمينية في مواقفه تجاه إسرائيل.
واستدرك عوض قائلا: "ولكن هيلاري أيضا ذهبت في مواقفها المناصرة لإسرائيل إلى أقصى درجة ممكنة، فهي ملتزمة بسياسة المؤسسة الأمريكية بالحفاظ على حليفها الإستراتيجي الإسرائيلي، وأبرز مثال على ذلك تصريحاتها بمؤتمر إيباك".
وحول تفضيل الإسرائيلين لترامب، قال عوض، إن ذلك نابع من ميوله لليمين المحافظ، إضافة لوعوداته بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
ترامب يتعهد بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس
ويعترف عوض بأن الانتخابات الأمريكية بالنسبة للقضية الفلسطينية، وكأنها خيار "السيء والأسوأ، فحتى هذه اللحظة لا نعلم من هو الأكثر سوءا لفلسطين".
وأشار عوض للمرشح الديموقراطي الخاسر "ساندرز" بأنه كان أفضل الخيارات المعقولة للفلسطينيين.
وتحدث عوض عن مشكلة الناخب العربي-الأمريكي الذي لا يوجد له مرشح معين لدعمه، حيث لا توجد فائدة "مثلا من تقارب
هيلاري كلينتون لهذا الناخب، مقابل خسارتها لناخبيها الآخرين".
وقال عوض إن "إحدى أهم مشكلات الناخبين العرب عموما هي أنهم منقسمون على أنفسهم، إضافة لعقدة ما يسمى بالإرهاب، فالناخب العربي عموما، والفلسطيني خصوصا يخشى من اتهامه بأنه إرهابي، لذلك يحاول قدر الإمكان تجنب ذلك، حتى لا يصبح تحت المراقبة، فالقضية الفلسطينية ليست من مصلحة أي شخص للعمل عليها".
لهذه الأسباب صوَّتُّ لهيلاري
من جهته قال المستشار الإداري، سام بحور، وهو أمريكي من أصل فلسطيني في حديث مع "عربي21" أن الحزب الجمهوري منذ زمن لديه فروع حزبية في المستوطنات الإسرائيلية، وهو يقوم بتنظيم السكان المستوطنين بشكل كبير، بينما على الطرف المقابل، فإنه لا يوجد أي تنظيم من قبل الفلسطينيين للعملية الانتخابية، لعدة أسباب أهمها عدم الاهتمام الشخصي بذلك.
وأضاف بحور أن "الناخب الفلسطيني لم يرَ في المرشحين للانتخابات الأمريكية من هو قريب إليه في طرح قضية فلسطين، بل على العكس من ذلك، فإن كلا الطرفين يسعيان لكسب ودِّ إسرائيل".
وصرح بحور بأنه قام فعلا بالتوصيت لهيلاري كلينتون قبل أيام قليلة عن طريق البريد الإلكتروني، قائلا: "لقد صوت لها، ليس لأني مناصر لها، بل لأنه لا بد من الاختيار بينها وبين ترامب".
وأوضح بحور أن "كلينتون ما يحكمها هو السياسة، وقد يستطيع الفلسطينيون في المستقبل أن يتعاطوا معها سياسيا، أما ترامب فهنالك خوف حقيقي من التعامل معه، فهو شخص تتحكم به العواطف، والمال أكثر من رسم السياسات للدولة".
وفي المقابل قال عضو الهيئة الإدارية للتحالف الفلسطيني-الأمريكي "عطية عطية"، في حديث مع "عربي21" أن الفلسطينيين في أمريكا قاموا بعمل حملات قوية وكبيرة لمساندة ودعم المرشح الخاسر ساندرز.
وأضاف عطية أنه عقب خسارة ساندرز اتجه عدد كبير من هؤلاء الفلسطينيين لدعم هيلاري بناء على طلب ساندرز.
وقال عطية إن تقديرات السفارة الفلسطينية لعدد الفلسطينيين في أمريكا فيه هامش كبير، حيث تراوح العدد ما بين 250 ألفا ونصف المليون فلسطيني موزعين على مختلف الولايات الأمريكية.
يذكر أن إسرائيل تتعامل مع الفلسطينيين من حملة الجنسيات الأمريكية وكأنهم أمريكان من مستوى مختلف، حيث يُمنعون من استخدام مطاراتها المدنية، إضافة لمنعهم من الدخول لمناطق 48 أو القدس، بحجة امتلاكهم هوية فلسطينية، مما أدى لاحتجاج الإدارة الأمريكية لدى إسرائيل على ذلك دون جدوى.