نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن فشل السياسات
الاقتصادية لعبد الفتاح
السيسي في
مصر، حيث أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه بعد ثلاثة عقود من السُبات، أصبحت الأحداث في مصر تسير بوتيرة متسارعة. فبعد مرور سنة من افتتاح السيسي مشروع توسعة قناة السويس، وصفته وسائل الإعلام على أنه "هدية من مصر إلى العالم"، وسط احتفال ضخم، اضطر السيسي لاقتراض مبلغ ضخم من صندوق النقد الدولي للهروب من الإفلاس.
ودللت الصحيفة على سوء إدارة الحكومة ومؤسساتها في مصر، بالفترة القصيرة الفاصلة بين الإعلان عن أحلام السيسي الكبيرة وتبني سياسات
التقشف.
ونقلت الصحيفة عن عمرو عدلي، الخبير الاقتصادي في مؤسسة كارنيغي، قوله إنه "من الواضح أن المشاريع العملاقة لم تحقق النتائج المنشودة، أو حتى دعم الاقتصاد وإعادة بنائه من أجل استقطاب
الاستثمار الأجنبي".
وقال إن "اختلال التوازن على مستوى الاقتصاد العام والعملات، لا زال قائما، بل تفاقم الوضع خلال العامين الماضيين. وإضافة إلى ذلك، منذ الانقلاب الذي جاء بالسيسي إلى سدة الحكم، سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا ضعيفا، متأثرا بتراجع قطاع السياحة وتراجع الاستثمارات الأجنبية بسبب عدم الاستقرار السياسي".
وأضافت الصحيفة أن تجميد مشروع العاصمة الجديدة في وسط الصحراء؛ هو إحدى الأمثلة حول حالات الفشل التي عانت منها المشاريع التي خطط لها السيسي. ومشروع العاصمة الذي لم يُنفذ هو مشروع فرعوني يضم حديقة أكبر من سنترال بارك في نيويورك، قدرت ميزانيته بأكثر من أربعين مليار يورو.
وكان مشروع توسعة قناة السويس قد تم الترويج له باعتباره النمقذ للاقتصاد، وأن عائدات هذه القناة الجديدة ستحقق نموا بمعدل 30 في المئة سنويا.
وبينت الصحيفة أنه في نهاية المطاف، بلغت تكلفة المشروع 8 مليارات يورو، وهي تكلفة تزيد بقيمة 3 مليارات عن الميزانية التي تم تحديدها في بداية الأمر. وتم رفع ميزانية المشروع بقرار من السيسي يوم إطلاق المشروع، حيث أراد أن يقلّص مدة إنجازه إلى سنة واحدة.
وأوردت الصحيفة أن تلك المليارات التي تم إهدارها؛ كان من الممكن أن تصلح اليوم للمساعدة في النهوض بالاقتصاد المصري الذي أنهكته أزمات عديدة، كما أن البلاد في حاجة ملحة إلى وجود العملات الأجنبية، أكثر من أي وقت مضى.
والجدير بالذكر أن احتياطيات البنك المركزي تراجعت بمقدار النصف مقارنة بسنة 2010، الأمر الذي اضطر الحكومة إلى فرض ضوابط صارمة على حركة الأموال. وكنتيجة لذلك، ازدهرت السوق السوداء، كما تسبب ذلك في إعاقة عمليات الشركات متعددة الجنسيات في مصر.
وقالت الصحيفة إنه أمام تزايد حاجة البلاد إلى العملات الأجنبية، لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي، واقترضت مبلغا قيمته 11 مليار يورو (12 مليار دولار)، وهي خطوة تبعها تقليص في الإنفاق العام وزيادة في الضرائب.
وعلى سبيل المثال، أصدرت الحكومة مرسوما يقضي بزيادة في فاتورة الكهرباء بقيمة تتراوح ما بين 25 و40 في المئة، حيث تمت الموافقة على زيادة جديدة على ضريبة القيمة المضافة لتصل إلى 13 في المئة.
وأوردت الصحيفة أن سياسات التقشف في بلد يعيش حوالي 40 في المئة من سكانه على أقل من يورو في اليوم، من شأنها أن تثير توترات اجتماعية جديدة. ومع ذلك، يصر النظام على تطبيقها، معتمدا على آلية القمع الشديد للأصوات المعارضة، المعتمدة منذ انقلاب سنة 2013.
وأضاف عدلي: "مصر في حاجة إلى نموذج جديد للتنمية. كما أن المشكلة الأساسية للاقتصاد تكمن في أن جل القطاعات لا تحقق نموا في هذه السنوات الأخيرة، وزيادة عن ذلك لا توفر فرص عمل للآلاف من الشباب العاطل عن العمل".
وبيّنت الصحيفة أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل أن السيسي مؤهل لقيادة هذا النموذج الجديد؟ لكن إلى حد الآن لا زال غير واضح ما إذا كان السيسي سيقدم ترشحه للانتخابات الرئاسية في سنة 2018، أو بالأحرى ما إذا كان سيسمح له الشعب بتقديم ترشحه والعبث مرة أخرى بمصير البلاد، وفق الصحيفة.