تقول صحيفة "الغارديان" البريطانية إن الاختطاف من الشارع والاختفاء القسري يعدان أمرين عاديين بالنسبة للمصريين، مشيرة إلى أنه في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2015، اختفى 1250 شخصا، بحسب تقرير صادر عن المنظمة
المصرية للحقوق الشخصية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هؤلاء يختفون لأشهر وسنوات في أقبية السجون السرية التابعة للنظام الديكتاتوري لعبد الفتاح
السيسي، لافتا إلى أن هذا الأمر دفع المنظمة المصرية لتطوير
تطبيق على الإنترنت، يبلغ عن اختفاء الشخص، دون معرفة رجال الأمن الذين اختطفوه، يطلق عليه "آي بروتيكت" (أنا أحمي)، ويتم تحميله على هاتف ذكي "أندرويد"، يسمح للشخص بأن يرسل ثلاث رسائل نصية إلى جهات اتصال وبريد إلكتروني، تحتوي على مكان الاختطاف، إلى المنظمة المصرية للحقوق الشخصية.
وتذكر الصحيفة أن المنظمة تأمل بأن تساعد الرسائل على سرعة الرد خلال أربع وعشرين ساعة من الاختطاف، التي تعد مهمة في منع تحويل الشخص المعتقل من مركز الشرطة إلى سجن كبير، ما يجعل من الصعوبة بمكان العثور عليهم.
وينقل التقرير عن المدير التنفيذي للمنظمة محمد لطفي، قوله: "أن تكون قادرا على الحديث عن
اعتقال الناشط أو المحتج في الساعات الأولى من الاعتقال، يساهم في نقله من مركز الشرطة إلى النيابة العامة في الفترة القانونية التي تبدأ بعد 24 ساعة"، وأضاف: "هذا يمنع من اعتقالهم في أماكن مجهولة، وما هو أكثر سوءا من هذا وهو الاحتجاز القسري، وبالتالي تقليل فرص تعرضهم للتعذيب أو للمعاملة السيئة".
وتلفت الصحيفة إلى أن الأكثر تضررا من التعرض للاعتقال في الشوارع أو الاختطاف هم الشباب، خاصة الطلاب في المدن المصرية الكبيرة، مشيرة إلى أن تقريرا لمنظمة "أمنستي إنترناشونال"، صدر في تموز/ يوليو، كشف عن أن هناك أطفالا تصل أعمارهم إلى 14 عاما "اختفوا دون وجود أثر لهم على يد الدولة"، وأطلق التقرير على هذه الحالات "
الاختفاء القسري"، حيث يختفي الضحايا في سجون كبيرة، ولا يسمح لهم بالاتصال بعائلاتهم، أو بمن يمثلهم قانونيا، وهو "أداة مهمة في سياسة الدولة المصرية"، حيث يعتقد أن هناك مئات الأشخاص الذين اعتقلوا في مديرية المخابرات العامة في ميدان لاظوغلي في القاهرة داخل وزارة الداخلية.
ويفيد التقرير بأن هذه ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها تطوير تطبيق على الهاتف الذكي من أجل مواجهة
انتهاكات الدولة، ففي عام 2013 تم تطوير برنامج مماثل لتحذير جهات الاتصال لدى الشخص بأنه اعتقل أثناء تظاهرة، مستدركا بأنه كان خطيرا لمن عثرت الشرطة على التطبيق على هاتفه المحمول.
وتبين الصحيفة أن مطور تطبيق "آي بروتيكت"، الذي طلب التكتم على اسمه، شرح كيفية عمل التطبيق، قائلا إنه "بعد تثبيت هذا التطبيق فإنه يتحول إلى آلة حاسبة، ولا يستطيع سوى المستخدم تحويل هذه الآلة الحاسبة إلى تطبيق (آي بروتيكت)، من خلال استخدام مفاتيح حددها المستخدم نفسه".
ويحذر التقرير من أن رقابة الدولة اخترقت عميقا الإنترنت وخطوط الهاتف في مصر، وهو ما أدى إلى انتشار التطبيقات المشفرة، مثل "سيغنال" أو "تلغرام"، إلا أن مطور "آي بروتيكت" يقول إنه لا حاجة لتشفير التطبيق؛ "لأننا لا نقوم بحفظ المادة في قاعدة البيانات، ويتم تبادلها فقط بين المستخدم والمنظمة المصرية للحقوق الشخصية".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "آي بروتيكت" هو جزء من سلسلة تحذيرات لمواجهة التهديدات المحلية، لافتة إلى أن الهند شهدت تطورا في التطبيقات الموجهة لحماية المرأة، وإرسال إشارات للشرطة في حال تعرضها لهجوم جنسي، وتشير إلى أنه عندما سرقت سيارة شخص في كوالالمبور، فإنه قام بتطوير تطبيق "ووتش أوفر مي"، لمتابعة رحلة سيارة المستخدم وإرسال رسائل.
ويستدرك التقرير بأن تطبيق "آي بروتيكت" يقدم حلا مؤقتا لمشكلة الاختفاء القسري؛ لأن الدولة المصرية لا تعترف بوجود المشكلة، حيث قال وزير الداخلية مجدي عبد الغفار في آذار/ مارس إن الاختفاء القسري لا يحدث في مصر، وزعم أن الأحاديث عن حالات اختفاء قسري تستند إلى تقارير من المجلس الوطني المصري لحقوق الإنسان، أو المنظمات الدولية التي تتهم بأنها متحالفة مع الإخوان المسلمين، ولتخويف السكان.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن مدير المنظمة المصرية للحريات الشخصية استقال من منصبه؛ احتجاجا على ما قال إنه "غياب التعاون" من الدولة.