تركت الأحداث الساخنة التي تعيشها مدينة
الفلوجة في
العراق منذ أواخر أيار/ مايو الماضي، عقب محاولة القوات الحكومية والمليشيات التابعة لإيران والطيران الأمريكي اقتحامها؛ تفاعلا واسعا في الشارع
الفلسطيني، الذي وجد تشابها كبيرا بين انتفاضته ضد المحتل الإسرائيلي، وما يجري من أحداث في العراق.
وكان واضحا حجم تفاعل العديد من
الفلسطينيين مع أنباء المعارك الدائرة في هذه المدينة العراقية، التي يقولون إنها وقفت ببسالة في وجه الاحتلال الأمريكي منذ عام 2003، وبات الشبان الفلسطينيون يتناقلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأجهزتهم الخلوية، صور المعارك التي يخوضها أهل الفلوجة ضد القوات التي تحاول اجتياحها.
تعاطف شعبي
وقالت الطالبة في الجامعة الإسلامية بغزة، أمل مصطفى: "عندما أسمع بمقتل جنود من المليشيات الغازية لمدينة الفلوجة على أيدي المقاومة العراقية؛ أفرح جدا، كفرحتي بمقتل الجنود الإسرائيليين".
وأضافت لـ"
عربي21" أنه "رغم الأحداث المتتالية في فلسطين، وحصار غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي وبعض الأشقاء، فإن ذلك لا يمنعني من مساندة الإخوة العراقيين، ولو بتخصيص دعاء لهم يوميا في صلوات رمضان، في ظل ما يعانونه من ويلات
التطهير العرقي".
وفي سياق التضامن الشعبي الفلسطيني مع أهل العراق؛ أعلن أهالي مخيم بلاطة شرقي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، عن إطلاق اسم "الفلوجة" على شارع السوق الرئيس الواقع في وسط المخيم، "وفاء للمدينة الصامدة التي تتعرض للحصار المشدد منذ عدة أشهر"، كما قالوا.
من جهته؛ قال رئيس الجمعية التركية للتضامن مع فلسطينيي العراق، محمد مشينش، إن "العراق لطالما وقف بجانب الشعب الفلسطيني في قضيته الإنسانية، حيث آوى ما يزيد على 50 ألف لاجئ بعد نكبة 1948، وقام بتقديم امتيازات كبيرة لهم، لكن هذا كله تغير مع صعود حكومة العراق الموالية لإيران، التي قامت بسلب تلك الحقوق، وتنفيذ سياسة التطهير العرقي بحقهم، ما زاد من نقمة الفلسطينيين على الدور الإيراني في العراق".
الموقف الرسمي
وأضاف مشينش لـ"
عربي21" أن "موقف الشارع الفلسطيني كان واضحا وصريحا في دعمه لحقوق الشعب العراقي في نيل حريته واستقلاله، وضد التدخل في شؤونه من قبل الأطراف الخارجية، على عكس الموقف الرسمي ممثلا بالسلطة الفلسطينية، التي لم تعلن موقفها بشكل واضح تجاه التدخلات الإيرانية في المنطقة".
ويرى مراقبون أن الموقف الرسمي الفلسطيني في التعامل مع قضية العراق والتدخلات الخارجية في شؤونه؛ مر بكثير من المتغيرات، ولم يكن هناك محدد واضح من قبل القوى الفلسطينية، فبالرغم من موقف الشارع الفلسطيني الداعم للقضية العراقية ضد الاحتلال الأمريكي والتدخل الإيراني، إلا أن القوى السياسية الفلسطينية اكتفت بالتحفظ، ولم يصدر عنها أي تعقيب تجاه هذه الأحداث.
وفي هذا السياق؛ قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، إن "ما يميز العراق هو احتضانه لعدد قليل من اللاجئين الفلسطينيين، مقارنة مع الدول المجاورة كسوريا والأردن ولبنان، وهذا ما يبرر صمت القوى والأحزاب السياسية الفلسطينية تجاه ما يحدث في الفلوجة، باعتباره شأنا داخليا".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "تورط الفلسطينيين في حرب العراق مع الكويت، وانحيازهم لطرف دون آخر في فترة التسعينيات من القرن الماضي؛ دفعهم إلى الالتزام بالصمت، لقناعاتهم بأن الأحداث في المنطقة العربية متسارعة، ولا يمكن المراهنة على طرف دون آخر، مع العلم أن الدور الإيراني في المنطقة العربية لم يمنع
حركة حماس مثلا؛ من إصدار بيانات تؤيد حقوق الشعوب في نيل حريتها واستقلالها في حالتي سوريا واليمن، رغم تلقي الحركة دعما ماليا وعسكريا متواصلا من إيران".
ويرى مراقبون أن التركيز الفلسطيني على ما يجري في العراق؛ ينطلق من دوافع إنسانية وقيم إسلامية، نظرا لخصوصية العراق كبلد عربي وإسلامي معروف عنه دعمه للقضية الفلسطينية، حيث تمتع الفلسطينيون بحقوق وامتيازات كبيرة؛ لا تختلف كثيرا عن الحقوق التي تمتع بها المواطنون العراقيون في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.