"النائب العام الفلسطيني يتحفظ على أموال أحد معارضي الرئيس عباس"، كان هذا العنوان الأبرز الذي تناقلته الصحافة الفلسطينية في الأيام القليلة الماضية، عقب صدور قرار من المستشار أحمد براك في 31 أيار/ مايو؛ بالتحفظ على أموال الفلسطيني المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، فادي السلامين، علما بأن الأخير دأب على انتقاد الرئيس الفلسطيني
محمود عباس بصورة يومية.
حرب الوراثة
وبدأت القضية بعدما ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية في 27 أيار/ مايو، عن نشاط يقوم به السلامين، أحد أذرع القيادي الفتحاوي المفصول محمد
دحلان، بالتعاون مع دولة
الإمارات العربية المتحدة، لشراء أراض ومنازل فلسطينية ثم تسريبها لملاك يهود. وفي اليوم التالي، تحدث عن تمويل طارق عباس، نجل الرئيس الفلسطيني، بعض وسائل الإعلام العربية لتشويه سمعة دحلان، ضمن الصراع على الزعامة ضمن
السلطة الفلسطينية وحركة
فتح.
وتحدثت "
عربي21" مع فادي السلامين، حيث قال إن "الشركة التي يديرها هدفها الاستثمار في فلسطين، وخلق فرص عمل للشباب الفلسطيني، وحماية البلدة القديمة في القدس ومقدساتها من التسريب، وردع المستوطنين من التوغل في القدس".
وأضاف السلامين في اتصال هاتفي مع "
عربي21": "شرائي لمنزل في القدس ليس تهمة ضدي، لكن السلطة الفلسطينية ضربت بعرض الحائط كل عمل وطني شريف؛ لتصفية حسابات سياسية تحت شعار التطاول وانتقاذ الرئيس عباس"، كما قال.
واعتبر السلامين أن التجربة التي خاضها في الولايات المتحدة كشفت له عن "حجم الاستنزاف والاستهتار بمقدرات الشعب الفلسطيني في الخارج من قبل أبناء القيادات الفلسطينية، وهو أمر يدعو للدهشة والاستهجان"، وقال إن هذا دفعه "لتحمل مسؤوليته الوطنية والأخلاقية تجاه هذه القضية"، رافضا اتهامات السلطة له بالعمل ضمن أجندة خارجية، أو سعيه للحصول على الأموال والشهرة.
وتحدثت مواقع إخبارية فلسطينية محلية، في الأول من حزيران/ يونيو الجاري، عن أزمة في علاقات السلطة الفلسطينية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، على خلفية الزج باسم الأخيرة في الخلافات القائمة بين عباس ودحلان.
وبحسب المصادر الإعلامية الفلسطينية، فقد بعثت الإمارات برسالة تطالب فيها السلطة بتوضيح موقفها مما يشاع حول دورها في تسريب عقارات داخل البلدة القديمة من القدس لصالح جمعيات استيطانية، واستخدام أموال إماراتية بهذا الشأن.
انتشار الفساد
من جانبه، قال مصدر أمني في السلطة الفلسطينية، فضل عدم الكشف عن هويته، إن "القيادة الفلسطينية في الآونة الأخيرة بدأت تشعر بخطورة ما يقوم بنشره السلامين من وثائق تتعلق بالفساد الإداري والمالي للسلطة الفلسطينية وأبنائها؛ في ضوء حصوله على معلومات وأسرار من داخل دوائر صنع القرار الفلسطيني".
وأضاف لـ"
عربي21"؛ أن "نشر السلامين لوثائق الفساد في السلطة الفلسطينية، ليس جهدا فرديا منه، بل من الواضح أن هناك مصادر داخلية وخارجية تزوده بهذه المعلومات الحساسة، التي كان لها دور ما، بجانب عوامل أخرى، في تراجع ولاء قيادات كبيرة في منظمة التحرير للرئيس عباس، وتراجع شعبيته في الشارع الفلسطيني، فضلا عن تشكيك أوساط إقليمية بعباس كرجل صاحب التأثير الأكبر في الساحة الفلسطينية".
وبالتزامن مع ظهور هذه القضية، أظهرت نتائج استطلاع أجراه معهد العالم العربي للبحوث والتنمية "أوراد"، أوائل أيار/ مايو، أن 89 في المئة من الفلسطينيين المستطلعة آراؤهم يعتقدون بأن الفساد منتشر في مؤسسات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
في المقابل، رأى رئيس اللجنة السياسية في المجلس التشريعي عن حركة فتح، عبد الله عبد الله، إن "السلامين يعمل ضمن أجندة مشبوهة لخدمة أطراف خارجية، أهمها الجانب الإسرائيلي"، وقال إن "الشعب الفلسطيني على دراية وعلم بنوايا هذه الشخصيات".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "القيادة الفلسطينية تتطلع إلى مستقبل القضية الفلسطينية كأولوية في الوقت الحالي، ولا تكترث بتلك الأصوات غير الوطنية"، وفق تعبيره.
وما تزال القضية تتفاعل في الشارع الفلسطيني في ضوء الإجراءات الأخيرة التي اتخذها النائب العام الفلسطيني ضد السلامين، ورفع الأخير دعوى قضائية ضد أحد البنوك الفلسطينية لأنه كشف عن حجم أرصدته المصرفية. لكن مراقبين يدرجون كل هذه "المواجهات" ضمن معركة وراثة عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية.