لاقت زيارة الوفد الأمريكي للأراضي الفلسطينية في 22 أيار/ مايو، صدى واسعا في الشارع الفلسطيني، كونها الزيارة الأولى الذي يقوم به وفد أمريكي رفيع المستوى للأراضي الفلسطينية منذ 12 عاما.
واجتمع الوفد الأمريكي الذي ترأسه مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، تشارلز ريفكين، بوزيرة الاقتصاد الفلسطيني
عبير عودة، وتباحثا سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية، وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما.
وأظهرت تقارير سنوية لوزارة المالية الفلسطينية للأعوام 2013 و2014 و2015، تراجعا مطردا في الدعم المالي الأمريكي للسلطة الفلسطينية، وحتى الشهر الجاري من 2016 تلقت السلطة 15.5 مليون دولار أمريكي فقط، مقارنة بـ64.75 مليون دولار تلقتها خلال 2015.
وقال رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي، النائب عاطف عدوان، إن "المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية والدول المانحة للسلطة الفلسطينية؛ مرهونة بالضغوط والتنازلات السياسية التي تقدمها السلطة للجانب الإسرائيلي، كما أن المعونات الأمريكية المشروطة للسلطة الفلسطينية لا تخدم عملية التنمية وإصلاح الاقتصاد الفلسطيني، بل تقتصر على دفع فاتورة الرواتب، ودعم بعض منظمات المجتمع المدني".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "انخفاض
المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية في السنوات الأخيرة؛ يرجع لعدة عوامل، أهمها تراجع الدعم المالي للولايات المتحدة في ظل الأزمة المالية العالمية"، مؤكدا أن "الفساد الذي تعيشه مؤسسات
السلطة الفلسطينية، وعدم الشفافية، وغياب الوضوح في نفقاتها؛ أعطى واشنطن فرصة لإعادة النظر في المساعدات التي تقدمها لها".
وكان وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة، قال في 2 شباط/ فبراير الماضي، إن الدعم الأمريكي شهد انخفاضا حادا خلال عام 2015، وتقلص إلى 750 مليون دولار.
المال مقابل السلام
من جهته؛ قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، معين رجب، إن "الزيارة الأمريكية تأتي لابتزاز الجانب الفلسطيني في ظل تراجع مفاوضات التسوية مع إسرائيل، ورغم أن الولايات المتحدة أعطت هذه الزيارة صبغة اقتصادية لها؛ فإنها ليست كافية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الولايات المتحدة الأمريكية ليست حريصة على توثيق العلاقات الاقتصادية مع الجانب الفلسطيني بشكلها الحقيقي"، موضحا أنه "يمكن تشبيه العلاقة بين الجانبين؛ بعلاقة الديناصور والعصفور" في إشارة إلى حجم الدور الأمريكي الذي تلعبه في المنطقة.
وتابع: "كما أن الولايات المتحدة تحاول قدر الإمكان الحفاظ على علاقات رمزية مع الجانب الفلسطيني؛ لتبقي على دورها لاعبا أساسيا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وبحسب تقرير وزارة المالية الفلسطينية الصادر في شباط/ فبراير الماضي؛ فقد "بلغت قيمة مساعدات الولايات المتحدة الأمريكية للسلطة الفلسطينية منذ عام 1994، ما قيمته 4.9 مليار دولار، بمتوسط نصف مليار دولار سنويا، لكن عام 2014 شهد وصول ما قيمته 100 مليون دولار فقط، وعام 2015 ما قيمته 35 مليون دولار، وغالبية هذه الأموال تقدم لمساعدة السلطة الفلسطينية في سداد ديونها للمستشفيات وشراء الوقود وغيرها".
دعم غير مباشر
وقال مصدر مسؤول في وزارة المالية برام الله، فضل عدم الكشف عن هويته، إن "الجانبين الفلسطيني والأمريكي؛ اتفقا على تقوية الوضع المالي الفلسطيني، والتشاور على مواصلة التوسع في برامج بناء القدرات الهادفة لتعزيز ريادة الأعمال، وتسهيل ورفع مستوى التبادل التجاري بينهما، ليصل إلى 200 مليون دولار في الخمس سنوات القادمة".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه تم "الاتفاق على تجديد الحوار الاقتصادي بين الجانبين عبر اجتماع سيعقد بواشنطن في ربيع العام 2017".
وأوضح المصدر أنه "في ظل تقلص الدعم الأمريكي للسلطة الفلسطينية بشكل مباشر؛ فقد تواصل الدعم عبر مؤسسات دولية، وخصوصا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين-الأونروا، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، وبلغ الدعم المقدم منها خلال عام 2014 ما يقرب من 131 مليون دولار؛ ذهبت لإغاثة سكان قطاع غزة عقب الحرب الإسرائيلية منتصف عام 2014، فيما بلغ الدعم خلال 2015 قرابة 290 مليون دولار.