نشر موقع "ميديا بارت" الفرنسي تقريرا حول الوضع الذي تعيشه الطفولة
الفلسطينية، في ظل
الاعتقالات التعسفية التي تمارسها سلطات الاحتلال
الإسرائيلي.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن السياق العام لهذا التقرير هو قرب صدور تقرير لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة، في 13 آيار/ مايو، تحت عنوان: "طفولة مجروحة: الفلسطينيون القصر تحت القمع الإسرائيلي".
وبهذه المناسبة، زار أليس غارسيا وآنا ديمونتيس، الصحفيان العاملان بالموقع، أحد
الأطفال الفلسطينيين الذين عانوا من القمع على يد سلطات الاحتلال، وأجريا معه حوارا حول تجربته في السجون الإسرائيلية.
والفتى محمد، البالغ من عمر 15 سنة، من منطقة شعفاط بالقدس، هو رهن الإقامة الجبرية التي فرضتها سلطات الاحتلال منذ 14 كانون الأول/ ديسمبر 2015، حيث لا يُسمح له إلا بالذهاب للمدرسة منذ الإفراج عنه.
وأشار الموقع إلى أن ما تعرض له محمد، من اعتقال تعسفي في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يتعرض له العديد من الأطفال الفلسطينيين. وقد وصفت أمه عملية اعتقاله فقالت: "عندما جاءت الشرطة الإسرائيلية لاعتقال عمه أو أي شخص كبير في السن، لم يجدوا أحدا، ولكن عندما رأوا محمدا أخذوه معهم".
وذكر الموقع أنه بعد نقله من مكان لآخر، وصل محمد إلى سجن عوفر القريب من رام الله بالضفة الغربية، ومنه إلى مركز شرطة المسكوبية بالقدس، بحجة رمي شرطة الاحتلال بالحجارة. ورغم أنه لم توجه له التهمة رسميا، إلا أن اعتقاله دام طويلا وبدون سبب واضح.
وبعد اعتقاله المطول في مركز شرطة المسكوبية، أُعيد محمد مرة أخرى إلى السجن، ولكن هذه المرة إلى سجن جيفون، الواقع في أراضي 48، والذي فتح لاستقبال الفلسطينيين في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 بسبب امتلاء باقي السجون. وأشار الموقع إلى أن هذا السجن ينتهك بشكل صارخ اتفاقية جنيف الرابعة. فهذه الاتفاقية تنص على أن أي فرد ينتمي لمنطقة محتلة يجب أن يعتقل في تلك المنطقة وليس في أرض المُحتل.
وقد أمضى محمد، أثناء اعتقاله، 23 يوما في السجن، وهي فترة تعتبر طويلة بالنسبة لشخص لم يتجاوز الرابعة عشر من العمر حينها.
وأثناء حديثه للصحفيين عن الأيام التي قضاها معتقلا، لم تفارق الابتسامة شفتي محمد، ولكنها كانت تخفي قلقا ومعاناة، حيث كان قد وُضع في زنزانة مخصصة لمساجين الحق العام الإسرائيليين، ومع مساجين أغلبهم في سن الثامنة عشر.
ولكنه عثر على سجينين فلسطينيين، أحدهما قادم من حيفا والآخر من غزّة، وهما في سنه تقريبا، وأصبحوا أصدقاء بشكل سريع. وقد اعتقل الأطفال الثلاثة بذريعة واحدة، وهي رمي سلطات الاحتلال بالحجارة.
لكن هذه الصداقة لم تخفف الكثير من المعاناة اليومية التي عاشها محمد في المعتقل، فهو ما زال مصدوما من عملية اعتقاله، حيث قال: "كلما أغمضت عيني للنوم أتذكر اللحظة التي غيّرت حياتي، وهي عملية اعتقالي".
وقد دُعي محمد للوقوف أمام المحكمة العسكرية ثلاث مرات، ولكن، وبشكل ممنهج تعرض لعملية نقل طويلة، وكانت تدوم أحيانا 24 ساعة، بالإضافة للمعاملة المهينة والتهديدات التي يتعرض لها من قبل الحراس.
وقال محمد: "في إحدى المرات كانت لي مشكلة مع إدارة السجن، فأبديت اعتراضي، ما جعلهم يضعونني في زنزانة انفرادية ليومين". وهذه الغرفة فيها فراش إسفنجي وبدون غطاء ولا سرير ولا حمام، بينما تتواجد أربع كاميرات مراقبة ترصد تحركات السجين.
وبحسب منظمة يونيسيف، فإن نحو واحدا من كل عشرة معتقلين من القصّر؛ وضعوا في زنزانات انفرادية صغيرة، بدون نوافذ وأحيانا بدون سرير، بمعدل 13 يوما للمعتقل، بالإضافة إلى تسليط الضوء عليهم بشكل متواصل. وتؤكد "يونيسيف" أن الحبس الانفرادي يمثل شكلا من أشكال التعذيب، لما يسببه من أضرار على أحاسيس ونفسية المُعتقَل.
وبعد كل هذه المعاناة، ترسل إدارة السجن مخبرا فلسطينيا يعمل لصالحها، فيقترب من السجين ويكسب ثقته حتى يستخرج منه معلومات تستخدمها ضده في التحقيق.
وقد روى محمد للموقع الفرنسي؛ بعض ما حصل معه في السجن، فقال: "أبديت تذمري من جودة الطعام المقدم لنا، فقد كان رديئا، ودخلت في إضراب عن الطعام لعدة أسابيع".
وقال الموقع إن ما تعرض له محمد، من قلة النوم ونقص في التغذية، أفقده بعض التركيز والقدرة على تذكر كل ما حصل له.
وختم الموقع بالقول إنه رغم أن سجن محمد دام لعدة أشهر، إلا أنه لا يتذكر الكثير مما حصل معه، فقد بدا عليه التردد والشك عند حديثنا معه عن ذكريات السجن، ولكنه قال: "رغم أنهم تعمدوا إرهاقي وتعذيبي، إلا أن ما أوجعني هو عدم فهمي سبب اعتقالي".