أثار قرار قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، بإعفاء المستشار هشام
جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من منصبه، ردود فعل واسعة على المستوى السياسي والحقوقي والقانوني.
وكان السيسي أصدر، في شهر تموز/ يوليو الماضي، قرارا بقانون يحدد فيه الحالات التي يجوز فيها لرئيس الجمهورية إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، وحدد القرار أربع آليات يجوز فيها للرئيس أن يعفي رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، التي حددها الدستور (البنك المركزي- هيئة الرقابة الإدارية- الجهاز المركزي للمحاسبات- هيئة الرقابة المالية الموحدة).
إقالة فحبس فتنكيل
في هذا الإطار، قال السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنه لم يفاجأ بقرار إقالته، مضيفا لـ"
عربي21": "بل وأتوقع استدعاءه للتحقيق، ومن ثم حبسه، وسوف ينكل به؛ فلا حصانة لمن يخالف هوى النظام، حتى إن كان رئيس أكبر جهاز رقابي في
مصر".
وتساءل: "من يتحدث عن الفساد ويكشفه إن لم يتحدث عنه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، فكشفه هو من مهامه الأصيلة، ثم أين التحقيقات التي أجريت معه؟ وأين حديث مجلس النواب عن مناقشة جنينة بشأن تقرير اللجنة التي شكلت له، وتقريره بشأن الفساد؟"، مشيرا إلى أن "الموقف يدعو للرثاء".
وعن الرسالة خلف قرار الإقالة، قال الأشعل: "هي رسالة للأشرار بأن يتوحشوا، ورسالة للشرفاء بأن يبتعدوا ويسكتوا، حتى يجهز الأشرار على مصر"، ولكنه استدرك قائلا: "وحتى إن تم إسكات الجيل الحالي، فأنا واثق بأن كل هذا سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان، وستكون عاقبته وخيمة للغاية".
وأكد أن "ثورة 25 يناير كانت سلمية، ولكن نحن الآن في بؤرة صديدية تتكون، وأخشى من حدوث انفجار كبير، وعلى الجميع أن يراجع نفسه، وما يحدث يسرع في وقوع الانفجار".
عاش الفساد
أما النائب البرلماني السابق، ثروت نافع، فسخر من قرار إقالة جنينة، قائلا: "من المؤكد أن السيسي قادم للقضاء على الفساد طبعا! لذلك أعاد أموال عز والعادلي وآل مبارك؛ لأنهم أبرياء، والشعب هو اللي حرامي! وعين محمد فريد التهامي، الذي اتهم بقضايا فساد، رئيسا للمخابرات؛ لأنه بريء، والشعب هو اللي فاسد! ثم عين إبراهيم محلب، المتهم الأصيل في قضية فساد قصور الرئاسة، رئيسا للوزراء؛ لأنه مظلوم، والشعب ده ظالم!
وأضاف لـ"
عربي21": "والآن في سابقه لم تحدث من قبل، بل ومخالفه دستورية، يعزل المستشار جنينه؛ لأنه تجرأ وأعلن عن حجم الفساد في عصر السيسي!"، واستدرك ساخرا: "هذا السيسي مثال للشرف والامانة، كباقي رؤساء العسكر السابقين، الذين خرجوا من المناصب بمئات الملايين من الدولارات فقط! لهم ولأسرهم، بعد صبرهم على هذا الشعب الجاحد!".
وشدد على أن "المستشار الجليل هشام جنينه هو أحد قضاة حركه الاستقلال أيام مبارك، وهو رجل نزيه ومخلص، ومثل هؤلاء لا مكان لهم في منظومه الفساد الحالي"، موجها له "تحية له ولكل شريف ووطني حر في زمن احتل فيه الفسدة والمنافقون سدة الحكم في مصر."
آخر نقطة مضيئة
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم المجلس الثوري المصري، أحمد حسن الشرقاوي، لـ"
عربي21": "النظام الانقلابي يتخلص من آخر النقاط المضيئة في ثوبه المعتم الداكن"، مؤكدا أن "عفن الفساد يقتل كل احتمالات النظافة في جمهورية العسكر".
وأضاف أن "المستشار هشام جنينة كان شوكة في حلق سلطة الانقلاب الفاسدة، رغم تجريده من صلاحياته التي خولها له دستور العسكر، وتمرير قانون يسمح للسيسي بإقالته وقتما يشاء".
السيسي تجاهل التحذيرات
أما الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، فاعتبر أن إقالة جنينة "تأتي استمرارا لسياسة النظام في التوحش والطغيان"، مضيفا لـ"
عربي21": "لقد أصدر السيسي قرارا -كان متوقعا- بإعفاء المستشار هشام جنينة من منصبه، استنادا لقانون صنعه لنفسه، وأعطى لنفسه الصلاحية بعزل رؤساء الهيئات الرقابية".
وأكد أن "القرار متوقع منذ فترة بعد أن أعلن جنينة أن حجم الفساد في مصر قد بلغ 600 مليار، وأشار إلى وجود جهات سيادية كالجيش والقضاء بهما فساد كبير، وقد رفضتا السماح لموظفي الجهاز بالتفتيش".
وتابع: "السيسي لم يستوعب تحذيرات البرلمان الأوروبي، ولا كلمات وزيري خارجية الولايات المتحدة الامريكية وهولندا وغيرها حول انتهاك الحريات والحقوق، ليأتي بقرار يمثل إهدار ضمانات الدولة، وهو استقلالية هيئاتها الرقابية".