دعا التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب في
مصر طرفي النزاع داخل جماعة الإخوان المسلمين إلى اللجوء للتحكيم لحل الأزمة التي تمر بها الجماعة، مؤكدا أنه لا بديل عن "
التحكيم"، خاصة بعد الجولات والمقابلات التي قام بها للتواصل مع أطراف الأزمة.
وقال: "من منطلق الحرص على وحدة الأمّة؛ تحركنا نحن قيادات التحالف الوطني لدعم الشرعية، لنصلح بين طرفي النزاع داخل الإخوان، فأجرينا مقابلة مع الدكتور محمود حسين (عضو مكتب الإرشاد وأحد أهم ممثلي الجبهة التي تعرف إعلاميا بالقيادة التاريخية)، امتدت لساعات طوال، حكى فيها وجهة نظره، وبعدها بأيام أجرينا مقابلة أخرى مع الدكتور أحمد عبد الرحمن (رئيس مكتب الإخوان بالخارج وأحد أهم ممثلي الجبهة التي تعرف إعلاميا بالقيادة الجديدة)، الذي حرص على أن يوجز".
وأضاف -في بيان لم ينشره رسميا، إلا أن "عربي 21" اطلعت على نسخة منه-: "عندما عرضنا على أحمد عبدالرحمن فكرة لجنة تحكيم تفصل في المشكلة رحب بها، مبديا كامل الاستعداد لتقديم الضمانات الكافية للجلوس للتحكيم".
وتابع البيان: "حيال هذه الإيجابية من الدكتور أحمد عبد الرحمن، رأينا أن نعرض هذا الأمر على الدكتور محمود حسين (متنازع على كونه أمينا عاما للجماعة)، فتوجهنا إليه، ودار بيننا وبينه حوار طويل حول فكرة التحكيم، لكنه رفض، وعلل ذلك بأنّ المؤسسات قائمة واللوائح موجودة، وعلى جميع الإخوان أن يرجعوا إليها".
وشدّد على أنّ "التحكيم لا يهدف إلى هدم اللوائح والمؤسسات أو تجاهل دورها؛ لأنّه لم يطلب أحد ذلك، ولأنّ التحكيم نفسه يمكن أن يردّ المختلفين جميعا إلى اللوائح والمؤسسات إذا ثبت لدى المحكمين أنها قائمة لائحيا، وأن شرعيتها قائمة بالفعل، وأن المصلحة العامة للجماعة وللأمة تستوجب الإبقاء على تلك المؤسسات واللوائح، وعدم الخروج عن قيودها إلى الدائرة الأوسع، وهي أحكام الشريعة الغراء".
وأشار
تحالف دعم الشرعية إلى أنه عرض عليهم أن يكون المحكمون من داخل جماعة الإخوان المسلمين؛ وهذا يعني أنّ المحكمين أنفسهم لن يكون عندهم حرص على هدم اللوائح أو المؤسسات أو تجاهل دورها ما لم تكن هناك ضرورة ملحة لذلك.
واستطرد التحالف الداعم للرئيس محمد مرسي قائلا إن "العادة قد جرت بأنّه لدى الأحداث الكبار -حتى على مستوى الدول- يُدعى إلى التحكيم برغم وجود دساتير تحكم تلك الدول".
وتابع: "ليس مقبولا أن نتترس باللوائح ونتذرع بالمؤسسات، ونحن نرى الجماعة تنقسم إلى جماعتين، تتصارعان اليوم باللسان والبنان، وليس بعيدا أن يتطور صراعهما إلى ما هو أخطر من ذلك -عياذا بالله- فاللوائح والمؤسسات وسيلة للتماسك، لا ذريعة للانشطار والتشظي".
وأردف: "من هنا نخشى على الجماعة الكبرى من خطر الفرقة والانقسام، ونرى أن يلجأ الفريقان إلى التحكيم، وأن توضع في الاعتبار مبادرة الدكتور الشيخ يوسف
القرضاوي ورفاقه الأجلاء".
واختتم التحالف بيانه بالقول :" هذه شهادة منا مبنية على مقابلاتنا للطرفين، وعلى استقرائنا للمشهد، مشفوعة بوجهة نظرنا في آلية الصلح وإنهاء الأزمة، وهي أيضا مبنية على قراءة المشهد".
وضمت اللجنة التي شكلها تحالف دعم الشرعية لمحاولة حل أزمة الإخوان بعض قياداته بالخارج ممن لا ينتمون لجماعة الإخوان، كلا من مجدي سالم (الحزب الإسلامي)، ود. عطية عدلان (حزب الإصلاح)، وإيهاب شيحة (حزب الأصالة)، وإسلام الغمري (حزب البناء والتنمية)، ومحمود فتحي (حزب الفضيلة).
من جهته، أكد نائب رئيس الحزب الإسلامي والقيادي البارز في تحالف دعم الشرعية مجدي سالم أن التحالف ومنذ بداية الأزمة قام بالتواصل مع جميع الأطراف؛ ليحاول أن يساهم بشكل فاعل في تهيئة الأجواء للمصالحة والوئام.
وقال -في تصريح لـ"
عربي21"-: "لقد حرصنا طوال الوقت على الانحياز فقط لفكرة رأب الصدع؛ لما تمثله جماعة الإخوان من ثقل في الأمة وفي واقع الثورة المصرية؛ لإنقاذ مصر من الهاوية التي يراد لها السقوط فيها؛ جراء الممارسات الفاشلة لعصابة الانقلاب".
وأضاف: "وبالتأكيد، وحدة الصف هي ضرورة لإنجاز مشروع الثورة، فضلا عن كونه مطلبا أخلاقيا وشرعيا بامتياز، وقد كان شعارنا في التحرك هو قوله تعالي: "إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما"، وهو ما تواصينا به لحل الأزمة عن طريق التحكيم، ودون الخوض في تفاصيل هذا الخلاف، الذي نرجو أن يتجاوزه إخواننا في أقرب وقت بإذن الله".
ونوه "سالم" إلى أن التحالف قام بإرسال هذه الرسالة إلي طرفي الأزمة، التي قال إنها ربما تمثل "ضغطا معنويا للقبول بفكرة التحكيم، لتحقيق المصالحة التي نتمناها وجميع المخلصين والمحبين لجماعة الإخوان".
وبسؤاله عن أسباب عدم نشر الرسالة رسميا، أجاب القيادي بتحالف دعم الشرعية ورئيس حزب الإصلاح الدكتور عطية عدلان أن التحالف بالفعل أصدر هذه الوثيقة، ولكنه أصدرها للطرفين فقط، وطرف منهما نشرها، والتحالف لم يحظر النشر ولا يثرب على من نشرها؛ لأن مضمونها ليس فيه إساءة، بل فيه النصح العام للطرفين، لكنه لم يبادر لنشرها؛ احتراما وتقديرا للطرفين.
وقال لـ"
عربي21": "لكون هذا ليس من شأن التحالف في الأصل، فلا يحق له النشر إلا إذا استدعت المصلحة العامة ذلك، وهذا استثناء للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وأنا بصفة شخصية أؤكد على ما تبناه التحالف من وجهة نظر في طريقة الخروج من الأزمة، وهي اللجوء للتحكيم للمبررات ذاتها التي ذكرناها في الوثيقة".
وظهرت أزمة جماعة الإخوان الداخلية للعلن بوضوح في شهر أيار/ مايو 2015؛ وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بشأن مسار مواجهة سلطة الانقلاب، وشرعية القيادة في الظرف الجديد.