لاحظ الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومحرر موقع "لونغ وور جورنال" توماس جوسكلين، أن معتقلا سابقا في معسكر
غوانتانامو الأمريكي أصبح حاضرا بشكل متكرر في دعاية تنظيم
القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
ويقول جوسكلين إن إبراهيم
القوصي المعروف باسم "
حبيب السوداني"، والمتحدث باسم التنظيم في اليمن، ظهر في الأشرطة الدعائية للتنظيم منذ كانون الأول/ ديسمبر، حيث قدم شريط فيديو حمل فيه "رسالة لأهلنا في بلاد الحرمين"، ويبدأ الشريط، الذي جاء على شكل محاضرة استمرت لخمسين دقيقة، وظهرت على الإنترنت في 6 شباط/ فبراير، بشجبه للعائلة
السعودية الحاكمة، التي قامت بإعدام 40 "مجاهدا" في كانون الثاني/ يناير، وقال إن الرجال قتلوا لأنهم أعلنوا الجهاد ضد "الصليبيين"، وعارضوا المصالح الأمريكية حول العالم.
ويضيف الكاتب أن القوصي تحدث عن العائلة السعودية الحاكمة، التي قال إنها دفعت بتحالفها مع الأمريكيين أسامة بن لادن لإعلان الجهاد عليها، خاصة أن الأمريكيين كانوا يحتلون أرض الحرمين، وأضاف أن ابن لادن حذر السعوديين مرارا وتكرارا من التحالف، لكن السعوديين لم يستمعوا رغم رسالة وقع عليها 400 عالم دين.
ويورد التقرير نقلا عن القوصي قوله إن ابن لادن بعد قضائه سنوات خارج السعودية، قرر إعلان الجهاد ضد الأمريكيين فقط، وليس الحكومة السعودية؛ تجنبا للفتنة الداخلية، خاصة بين المسلمين الذين لم يفهموا منهم دوافعه للجهاد.
ويستدرك الموقع بأنه رغم أن ابن لادن لم يعترف أبدا بشرعية العائلة السعودية الحاكمة، إلا أنه لم يرد أن يتقاتل المسلمون فيما بينهم. ويرى القوصي أن وجود الأمريكيين في السعودية لإخراج صدام حسين من الكويت لم يكن إلا مبررا لاحتلالهم أرض الحرمين.
ويجد جوسكلين أن رؤية القوصي تشبه التفكير الذي قدمه زعيم التنظيم ناصر الوحيشي، الذي برر في مقابلة أجريت معه قبل مقتله في حزيران/ يونيو 2015، ونشرت قبل فترة، الهجوم على الولايات المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2001 وضربها في عقر دارها، في محاولة لتجنب استهداف أراضي المسلمين، وإثارة الفتنة بين المسلمين أنفسهم.
ويعلق التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن القوصي، الذي خدم أسامة بن لادن في أكثر من دور قبل هجمات أيلول/ سبتمبر، يقدم رواية عن نفاق السعوديين، فقد حاولت المخابرات السعودية إقناع زعيم لجماعة مجاهدين، وهو يونس خالصي، بتسليم زعيم تنظيم القاعدة، وهو الذي استقبله بعد طرده من السودان في عام 1996، أي خيانة ابن لادن، وعندما رفض عاد السعوديون وهم يشعرون بالخيبة.
ويشير الموقع إلى أنه رغم الدعم الذي قدمته السعودية للجهاد ضد الروس في أفغانستان، إلا أن الحكومة السعودية رفضت حملة الجهاديين ضد الأمريكيين، بحسب ما يقول القوصي، الذي يناقش بأن الحقيقة انكشفت حول الحملة الأمريكية ضد الأمة الإسلامية، عندما أقلعت الطائرات الأمريكية من تراب الجزيرة العربية لضرب كل من العراق وأفغانستان.
ويذكر الكاتب أنه بعد "غزوة أمريكا المباركة"، يقول القوصي إن المجاهدين "الشباب" حاولوا مقاومة الحكومة السعودية دون ضرب القوات الأمنية، إلا أن الحكومة تحالفت مع "الصليبيين"، وتخلت عن دورها التاريخي في حماية أراضي المسلمين.
ويعلق جوسكلين بأن القوصي يريد من الشباب الاستماع لروايته، حيث يمدح المجاهدين الشباب، الذين شنوا الحرب في أفغانستان والبوسنة والصومال، في الوقت الذي خانت فيه العائلة السعودية الأمة، وتحالفت مع الصليبيين ضد المجاهدين في مصر والعراق ولبنان وليبيا وتونس واليمن وسوريا.
ويلفت التقرير إلى أن القوصي ينفي مزاعم الحكومة السعودية، التي تقول إنها تشن حربا ضد المشروع الصفوي في المنطقة، ويقول إنها تقيم علاقات مع الحكومة العراقية، في الوقت الذي تقوم فيه المليشيات الشيعية بارتكاب مذابح في أنحاء العراق كلها، وانتقد ما قامت به السعودية من استضافة فصائل المعارضة السورية في الرياض، وقال إن هذا خدم بشار الأسد، وساعده على البقاء في السلطة. واشتكى القوصي من دعم السعوديين للجيش اللبناني، رغم علاقته المقربة مع حزب الله، الذي يقاتل السنة في سوريا. ويزعم أن السعوديين باعوا القضية الفلسطينية بدعمهم حل الدولتين.
ويبين الموقع أن المتحدث باسم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أي القوصي، يهاجم العلماء السعوديين الذين يرفضون الحديث بشكل علني ضد العائلة السعودية، مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة يعرف أن بينهم علماء "مخلصين"، لكنهم يحتفظون بانتقاداتهم لأنفسهم ولمن يثقون بهم؛ خشية أن تقمعهم وزارة الداخلية القوية.
وينوه الكاتب إلى أن القوصي دعا العلماء، ممن هم ليسوا في جيب الحكومة، إلى اتباع مثال الشيخ فارس الزهراني، وهو واحد من الذين أعدموا بداية العام، والوقوف ضد الحكومة، وينفي القوصي أن يكون تنظيم القاعدة قد استهدف المساجد والمؤسسات، مشددا على أنه ركز حربه ضد الأمريكيين.
ويفيد التقرير بأنه لا يخفى على أحد أن غرض المحاضرة كان دعائيا، حيث أنهى القوصي محاضرته داعيا الشباب إلى لخروج إلى اليمن والعمل مع التنظيم.
وبحسب الموقع، فإن القوصي قد نقل من غوانتانامو إلى السعودية عام 2012، وأول ظهور دعائي له كان في فيديو "أنصار الشريعة"، الذي صدر في بداية كانون الأول/ ديسمبر، وفي رسالة ثانية منتصف الشهر ذاته، هنأ تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على اندماجهم مع تنظيم المرابطين، الذي ينشط في غرب أفريقيا، وأشار إلى ما يشي بأن زعيم المرابطين مختار بلمختار لا يزال على قيد الحياة، حيث قال "حفظه الله"، مع أن تقارير قالت إنه قتل في ليبيا في حزيران/ يونيو، وأثنى القوصي على مبادرة بلمختار، الذي وضع مصالح الأمة نصب عينيه، وغلبها على مصالحه الخاصة؛ من أجل مواجهة التحالف "الصليبي- الشيعي".
ويورد جوسكلين أنه بالإضافة إلى حديث القوصي عن تنظيم المرابطين، فقد أشار إلى بيعة تنظيم القاعدة في اليمن لزعيم حركة طالبان الجديد ملا أختر منصور، ونعى القوصي أبا الحسن البليدي، وهو أحد المسؤولين الشرعيين في التنظيم اليمني، وقال إن خسارته عظيمة، وهدد الغرب بالويل.
ويختم "لونغ وور جورنال" تقريره بالإشارة إلى أن تنظيم القاعدة قام في الفترة الأخيرة بنقل إدارة شبكته الدولية من جنوب آسيا إلى اليمن، ولا يستبعد أن يتولى أفراد التنظيم اليمني مناصب محلية ومهام دولية. وربما يؤدي القوصي هذا الدور؛ نظرا لصلته السابقة مع ابن لادن.