على امتداد ما يقرب من نصف قرن -ومنذ أن احتلت
إسرائيل مدينة
القدس القديمة في حرب عام 1967 -بذلت إسرائيل كل الجهود والطاقات الذاتية والدولية- للعثور على أي أثر يثبت أنه كان بالقدس معبد وهيكل لسليمان عليه السلام في يوم من الأيام.
لقد استدعت علماء الآثار -وخاصة "التوراتيوين" منهم- وقامت بحفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى ومن حوله.. وأخيرا اعترف الصهاينة بأنهم لم يجدوا أثراً ولا حجراً يشير إلى وجود تاريخي لذلك المعبد والهيكل المزعوم.
ومع ذلك، وبالرغم منه، تستمر الجهود الصهيونية للإستيلاء على المسجد الأقصى، ولهدمه وإقامة هذا
الهيكل المزعوم على أنقاضه، متحدية بذلك حقائق التاريخ، وعقائد مليار وسبعمائة مليون من المسلمين، الذين يرون في الرباط بين الحرم القدسي والحرم المكي عقيدة من عقائد الإسلام.
نعم تتحدى إسرائيل كل الحقائق، استناداً إلى ما جاء في سفر الملوك الأول -إصحاح6 :2 - من أن
سليمان بنى بيتا للرب "طوله ستون ذراعاً وعرضه عشرون ذراعا وسمكه ثلاثون ذراعا".
وإذا كانت الحفريات وجهود الآثاريين اليهود قد كذبت هذا الإدعاء، فإننا نستشهد -لتكذيب هذا الإدعاء- بكتاب اليهود، الذي به يستشهدون!.. وذلك بعرض هذه الحقائق:
أولا: إن سليمان -في الرؤية التوارتية والعقيدة اليهودية- لم يكن نبياً ولا رسولاً.. وإنما كان ملكا.. وليس من وظائف الملوك بناء بيوت الله، وخاصة إذا كان هذا البيت مقدساً، بل وقدس الأقداس.
ثانيا: وهو الدليل الحاسم في نقض هذا الإدعاء اليهودي -أن ذات الكتاب المقدس عند اليهود (العهد القديم)- يقدم لسليمان صورة تجعله أبعد ما يكون عن أن يبني لله معبدا وهيكلا يكون قدس الأقداس للديانة اليهودية.. ففي سفر الملوك الأول -إصحاح 11: 1-11 - تصوير لسليمان:
- بالخروج على أوامر الرب!.
وبأنه زير نساء.. وصاحب قلب خاشع للنساء الوثنيات!.
وأنه عابد للأوثان!.
وأنه الباني لنصب لعبادة
الأوثان من دون الله!.
وبنص هذا الكتاب "المقدس": "وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون، موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحيثيات، ومن الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل: لا تدخلوا إليهم ولا يدخلون إليكم لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم، فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة، وكانت له سبعمائة من النساء السيدات وثلاثمائة من السراري، فأمالت نساؤه قلبه، وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى، ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه، كقلب داود أبيه، فذهب سليمان وراء عشتورت إلهة الصيدونيين، وملكوم رجس العمونيين، وعمل سليمان الشر في عيني الرب، ولم يتبع الرب تماما كداود أبيه، حينئذ بنى مرتفعة لكموسن رجس الموآبين على الجبل الذي تجاه أورشليم، ولموتك رجس بني عمون، وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات كي يوقدن ويذبحن لآلهتهن، فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل".
فهل هذه الصورة التواترية لسليمان ترشحه لبناء معبد الله وهيكله وقدس الأقداس؟!، أم أن الهيكل الذي تريد إسرائيل إعادة بنائه على أنقاض الأقصى هو الذي جاء الحديث عنه في هذا النص التوراتي: "معبد رجس إله الموآبيين على الجبل تجاه أورشليم"؟!.