أحصى كاتب
مصري سبعة أخطاء ارتكبها رئيس
الانقلاب عبدالفتاح
السيسي في الخطاب الذي ألقاه الاثنين الفائت، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثانية والأربعين لنصر أكتوبر على "إسرائيل"، وأخطرها تأكيده حصول أفراد القوات المسلحة على نصف مرتباتهم لمدة عشرين عاما.
فقد وصف الكاتب الصحفي، محمد زكي الشيمي، حديث السيسي هذا، بأنه خطأ جسيم؛ وعلله بأن "الكل يعلم أن ميزانية القوات المسلحة تدرج كرقم واحد في الموازنة دون تفصيل، وبالتالي فلا أحد - بخلاف قيادات الجيش - يعلم أو يملك أن يؤكد هذا الكلام أو ينفيه، وبالتالي لن يجد الكلام مصداقية؛ لأنه يتحدث عن مجهول لا يمكن إثباته، لكنه سينتج أثرا سلبيا، هو التساؤل الجاد حول المكان الذي أنفقت فيه هذه المبالغ التي تم توفيرها، وسيعيد الحديث عن اقتصاد سرى للجيش.. إلخ"، وفق الكاتب.
وأشار الشيمي في مقاله بعنوان "سبعة أخطاء للرئيس في خطاب واحد"، بجريدة "المقال" - إلى أنه من ضمن هذه الأخطاء تحويل ذكرى حرب أكتوبر إلى فكرة لإنتاج "البروباغندا" (الدعاية).
وقال: "الرئيس يتحدث عن أن الحرب (6 أكتوبر) لم تتم حتى الآن تغطيتها بشكل جيد في الدراما والأفلام، وقد يكون هذا صحيحا، ولكن في الواقع فإن السيسي هنا يخلط بين العمل الفني والأدبي والبروباجندا، فلا يوجد لدينا مدى زمني معلن يتم بعده الإفراج عن وثائق الدولة كما يحدث في العالم بمدد متفاوتة من ثلاثين إلى خمس وسبعين سنة، وبالتالي فالمصدر الوحيد الذي يعكس وجهة نظر مصرية عن الحرب - بخلاف المذكرات أو الشهادات - هو أن تتصل بأجهزة القوات المسلحة، أي اختصار تحويل الفيلم الوثائقي أو الدرامي إلى عمل دعائي".
وتابع: "في الواقع هذا النوع من الأعمال لن يكون مؤثرا؛ لأن الدعاية غير المباشرة تعطي نتيجة أفضل بمراحل من الدعاية المباشرة، والفجة، والتي يشعر المشاهد أنها مقصودة".
وأضاف أن "الخطاب احتوى كذلك على تصوير البرلمان كعامل يقيد النجاح ويمنعه".
وقال: "حديثه (السيسي) عن ما جرى في قانون الخدمة المدنية هو مقارنة غريبة بين مواقف إعلامية وعنترية أحيانا، ومواقف سياسية لسياسيين يدركون حجم المسؤوليات، كما أن حديثه باستهجان عن احتجاج كل فئة؛ دفاعا عن مصالحها الخاصة هو أمر غريب، فهذا طبيعي، ومن الطبيعي أن تمرر قوانين بأغلبية صوت أو صوتين أو عشرة، وهذا يحدث في العالم كله، ففي النهاية هناك صراع جهات ومصالح، وطبيعي أن يكون منعكسا في البرلمان، وطبيعي أن توجد المعارضة حتى لو كانت في بعض الأحيان معارضة غير ناضجة".
وأخذ الكاتب على السيسي في خطابه أيضا "مزج الدين بالسياسة، عبر الخلط بين فلسفة سياسية وإدارية وقانونية تتعلق بواجبات الرئيس، والمسؤولين، وخطاب ديني عن تضييع الأمانة بتوسيد الأمر إلى غير أهله مرة، ثم الحديث عن شهداء الحج، باعتبار أنهم سيبعثون على ما ماتوا عليه واستخدام تعبير شهداء، الذي ينقلهم من تصنيفهم ضحايا مشكلة في المنظومة إلى تصنيف قدري باعتبارهم شهداء"، بحسب الكاتب.
وأردف: "في الحالتين لجأ السيسي إلى سؤال شيخ الأزهر مجسدا نوعا رمزيا من خضوع السلطة السياسية للسلطة الدينية، وهو معلم من معالم القرون الوسطى، ولم يكن له حتى ضرورة في طبيعة الاحتفال، فهو ليس رأس السنة الهجرية، ولا ليلة القدر مثلا"، وفق قوله.
وانتقد الشيمي استمرار السيسي في استخدام "الخطاب العاطفي" بخطبه.
وقال: "خطابات السيسي للشعب تتميز قبل وبعد توليه الرئاسة باستخدام لغة وتعبيرات عاطفية بشكل مستمر ومكثف، في لحظات معينة، وبالأخص بعد 30 يونيو مباشرة، كان استخدام هذه اللغة يعطي تأثيرا إيجابيا بسبب شعور المواطنين بالقلق على مستقبل بلادهم، وكان من الطبيعي أن يستمر ذلك بعد تولية الرئاسة لطبيعة الظروف الاقتصادية الصعبة، وما قد تتطلبه من قرارات صعبة بخصوص الدعم، في أول تعامل بين السيسي ومواطنيه، ولكن استمرار استخدامه لهذه اللغة، بهذا الشكل المكثف، أصبح عائقا أمام وصوله للناس بسهولة؛ لأنه يعطي انطباعا بأنه نوع من التمثيل، وهو أمر غير مطلوب، لهذا فالطبيعي أن يلجأ أي سياسي لخطاب عاطفي بقدر محدود، وعلى فترات متباعدة بحيث يحقق به دفعة وتغييرا مطلوبا في وتيرة المشاعر آنذاك"، بحسب رأيه.
واعتبر الكاتب أن طول مدة الخطاب هو أحد الأخطاء كذلك.
وقال: "السيسي ظل يتحدث ساعة إلا ربعا كاملة، وهذا معتاد منه في كلمات مختلفة، مستدركا أن "هذا أكثر بكثير مما يجب، خصوصا أن السيسي كان بإمكانه اختصار ما يقول في مدة لا تتجاوز عشر دقائق".
وتابع: "الخطابات الطويلة مزعجة، وتعكس معاني غير إيجابية على الإطلاق منها الاهتمام بالكلام على حساب العمل، وهي رسالة لابد أنها ستصل لمن يشاهد الخطابات الطويلة، وسيجعله يقارن بين الدعوة للعمل باستمرار، وكلمات طويلة للغاية بلا جدوى، ومنها أنها سمة الأنظمة الديكتاتورية والأبوية، التي يقوم فيها بدور الرئيس والزعيم والأب والقائد والمعلم".
واستطرد: "الخطابات الأطول في العالم معروف أنها خطابات كاسترو والقذافي وشافيز وصدام، ومنها أنها إذا لم تحمل الكثير مما هو جديد طوال مدتها الطويلة فإنها تصيب الجماهير بالضجر منها، ولا يلبث الأمر أن يتحول إلى التوقف عن متابعتها، وهو ما يفقد الرئيس ميزة القدرة على التواصل مع الجماهير، التي افتقدها نظام مبارك؛ بسبب طبيعة الخطابات الخشبية الطويلة".
وأضاف: "باختصار: الرئيس في حاجة لضغط خطاباته إلى مدة لا تزيد على عشرين دقيقة على الأكثر إذا أراد الاحتفاظ باهتمام الناس بمتابعتها، وهو رقم يضع في الاعتبار أننا شعب عاطفي مهتم بالكلام، وإلا لكان المقترح لا يزيد على عشر دقائق، كما هو الحال في غالبية الخطابات السياسية المركزة".
ونبه الكاتب إلى ما اعتبره خطأ "إعفاء السعودية من المسؤولية عن مشكلات موسم الحج، وهو أمر مفهوم أن الرئيس قام به في إطار التوازن مع موقف مصر المعارض للسعودية في الأزمة السورية، وقد يكون صحيحا كذلك أن هناك بعض الترصد للأداء السعودي، نتيجة مواقف مسبقة تدفع البعض لاستخدام المشكلة للهجوم عليها، لكنه لم يكن مضطرا قط لإعفائهم من أي مسؤولية بهذا الشكل، وكان بإمكانه أن يوازن بين الموقفين بأن يقول مثلا إنه واثق بأن السلطات السعودية ستتخذ اللازم لعدم تكرار ما جرى كما هي عادتها، وإننا نقدر جهودها لعدم تكرار أي أخطاء. وبالتالي فإنه يعكس معنى عدم التصعيد، ومعنى الثقة، وفي الوقت ذاته لا يبرئ الطرف الآخر من المسؤولية بالكامل"، وفق رأيه.