وصفت منظمة حقوقية في
تقرير لها، الاثنين،
سجون مصر بالمقابر، وذكرت أن 40 سجينا ماتوا في أثناء الاحتجاز، سواء في السجن أم في أقسام الشرطة.
وأصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، تقريرا بعنوان "مقابر الأحياء" حول واقع السجون ومقار الاحتجاز في مصر، وما يرتكب فيها من عمليات قتل منهجية نتيجة التعذيب والإهمال الطبي المتعمد أو الفساد الإداري في إدارة تلك المقرات.
وقال التقرير إن السلطات المصرية لا تكترث بأرواح المحتجزين حيث تعاني مقار الاحتجاز من التكدس والفساد، كما أنه ينتشر فيها التعذيب الممنهج والإهمال الطبي المتعمد لتتحول إلى مقابر رسمية حياة عشرات فيها مهددة بالخطر.
وأضاف التقرير أن التكدس داخل مقار الاحتجاز وصل إلى نسب مرتفعة ليتجاوز الـ160 في المائة من قدرة السجون الاستيعابية، وأكثر من 300 في المائة في الأقسام الشرطية، بحسب تصريحات رسمية.
وذكر التقرير أن نسب التكدس العالية داخل مقار الاحتجاز عائدة بشكل مباشر إلى السياسة القمعية التي تنتهجها السلطات المصرية تجاه المعارضين من خلال سن قوانين وتشريعات تحد من الحريات وتجرم حرية الرأي والتعبير وتشيطن المعارضين وتصنفهم ضمن الجرائم الأشد خطورة، حتى امتلأت بهم السجون ومراكز التوقيف.
وأضاف التقرير أن السلطات وعلى الرغم من هذه الحالة، فإنها تتوسع في تدبير الحبس الاحتياطي ليكون حبس المتهمين دون حد أقصى من غير محاكمة هو الأساس في القضايا المتعلقة بمعارضة السلطات، وفي إصرار لقمع الحريات واجهت السلطات هذه الأزمة بافتتاح ستة سجون جديدة منذ الثالث من تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن، بالإضافة إلى سجنين تحت الإنشاء.
وذكر التقرير أن شهر آب/ أغسطس 2015 هو الأكثر حصدا لأرواح المحتجزين منذ الثالث من تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن، حيث وصل عدد القتلى والمتوفين داخل مقار الاحتجاز إلى 40 محتجزا، من بينهم خمسة محتجزين توفوا جراء تعرضهم للتعذيب، و20 محتجزا مريضا جراء إهمالهم طبيا وعدم تداركهم بالعلاج، و13 محتجزا توفوا اختناقا بسبب الحر والتكدس داخل الزنازين، بالإضافة إلى حالة تسمم واحدة، وحالة محتجز زعم الأمن المصري أنه شنق نفسه مع وجود شبهة مقتله تحت وطأة التعذيب، علما بأن 19 شخصا على الأقل من بين هؤلاء محبوسون احتياطيا لم تصدر بحق أي منهم أحكام إدانة إلا أن التوسع في عمليات الحبس الاحتياطي وتحويله من تدبير استثنائي إلى عقوبة جعلهم ضمن المحكوم عليهم بالإعدام البطيء.
وعرض التقرير جدولاً يحوي حالات القتل والوفاة داخل مقار الاحتجاز خلال آب/ أغسطس 2015 وأسباب تلك الوفيات، كما أنه أرفق جدولاً لبيانات محتجزين على خلفية قضايا معارضة مهددين بالموت حيث يعانون من أوضاع صحية متردية، وبحاجة إلى رعاية طبية خاصة، إلا أن السلطات المصرية قابلت شكاوى أسرهم بالتعنت التام في عرضهم على لجان طبية متخصصة، أو الإفراج عنهم بسبب أوضاعهم الصحية، أو حتى نقلهم إلى مستشفيات وشمولهم بالرعاية الصحية المتطلبة لتلك الحالات.
وأكد التقرير تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب في مصر في مختلف الجرائم التي يرتكبها موظفو الدولة وحرمان الضحايا وأسرهم من الانتصاف القانوني، حيث أصبح نهجا ثابتا اعتمده النظام لتشجيع الموظفين للمضي قدما في عملية القمع بغطاء من النيابة والقضاء والإعلام والمنظمات الحقوقية التابعة للنظام المصري التي دأبت على تشويه الحقائق وغسل جرائم النظام.
وطالب التقرير الأمين العام للأمم المتحدة واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات عملية وسريعة لإطلاق سراح المعتقلين تعسفيا في السجون المصرية، والضغط على السلطات المصرية لضمان التزامها بالقانون المحلي والدولي.
وطالب التقرير أمين عام
الأمم المتحدة باستخدام صلاحياته وإرسال بعثة تقصي حقائق حول ظروف احتجاز المعتقلين وما يتعرضون له من إهمال طبي وتعذيب وإذلال ممنهج.. فالوقت ينفد، وبقاء الأمور على ما هي عليه دون تحرك جاد يعني مزيدا من الضحايا.