أعرب إعلاميون وحقوقيون
مصريون عن توقعاتهم بحصول وزير
الزراعة المستقيل والمحبوس حاليا،
صلاح هلال، على البراءة في اتهامه بالفساد، على خلفية القضية المعروفة إعلاميا بقضية "رشوة الزراعة"، و"الفساد الكبرى".
يأتي هذا في وقت أثار فيه كتاب ومحللون شكوكا حول القضية برمتها، مشيرين إلى أن الوزير المتهم لم تتح له أي فرصة للدفاع عن نفسه أمام الرأي العام، برغم أنه كان أعلن الكشف عن
قضايا فساد في وزارته، وذلك قبل إقالته، والقبض عليه.
الإعلامي المثير للجدل، توفيق عكاشة، وصف قضية الوزير بأنها "فشنك". وقال إنها مجرد شروع في رشوة، مؤكدا أنه لا توجد قضية في نظر القانون، وأنه لن يصدر حكم قضائي في القضية ضد "هلال"، لأنه لم يتم إثبات تقاضيه رشوة حتى الآن، وفق قوله.
وقال عكاشة -في برنامج "مصر اليوم"، على فضائية "الفراعين"، مساء الأحد: "القضية في نظر القانون فاشلة، ولن يصدر حكم ضد الوزير؛ لأنه لم يثبت تورطه أو إدانته أو تقاضيه الرشوة التي ذكرتها وسائل الإعلام، مثل عضوية النادي الأهلي، أو فيلا مدينة السادس من أكتوبر، وثمنها 8 ملايين جنيه، كما لم يحصل على 16 رحلة حج، وكلها اتهامات وجهتها النيابة إليه".
وأشار عكاشة إلى أن من سيصدر بحقهم حكم قضائي هم الوسيط محمد فودة، ومدير مكتب الوزير السابق محيي القدح، مؤكدا أن الإعلام غير الواعي قد دمر ذمم الناس، والحكومة بأكملها.
براءة عند التصالح مع رجل الأعمال
من جانبه، قال المحامي بالنقض، محمد حمودة، إن التعديلات التي أجريت على قانون العقوبات، بشأن التصالح في قضايا الفساد بالدولة، تبرئ المسؤول في حال تصالح رجل الأعمال إما بدفع فرق الأسعار، أو استرداد الدولة للأراضي.
وأوضح حمودة -في مداخلة هاتفية ببرنامج "هنا العاصمة"، عبر فضائية "سي.بي.سي"- أنه يحتمل حصول وزير الزراعة "هلال" على البراءة، في تصالح رجل الأعمال أيمن الجميل (المقبوض عليه في القضية)، مع الدولة باسترداد قطع الأراضي أو دفع فرق أسعارها.
وأكد أن المادة الجديدة تحمي المسؤولين الفاسدين من الحساب، متابعا: "من حق أي مسؤول أن يتفق مع رجل الأعمال الأول على أن يتصالح مع الدولة لو انكشف أمرهم، ليخرج براءة".
ووصف قانون "حسن النية لموظفي الدولة"، الخاص بالقرارات الخاطئة التي قد يتخذها المسؤولون بحسن نية، بـ"قانون الفساد"، مؤكدا أن هذا القانون يسمح أيضا للمسؤولين بارتكاب جرائم وتلقي رشاوى، وإدراجها تحت بند "حسن النية".
ارتياب في القضية
في سياق متصل، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حازم حسني، أن هناك أمورا عدة دفعته للارتياب في الدوافع الحقيقية للإعلان عن قضيتي فساد وزير الزراعة والنائب السابق حمدي الفخراني في يوم واحد تقريبا.
وقال -عبر صفحته على "فيسبوك"-: "عفوا، فلست جهة تحقيق، وليس لدي من المعلومات ما يسمح لي بالحكم على فساد أو براءة وزير الزراعة والنائب السابق حمدي الفخراني، بل ولا أعرف أيهما على المستوى الشخصي كي أحكم على شخصيتيهما، ولو بالحدس لا اليقين، لكن أشياء أحاطت بالقضيتين تجعلني أرتاب في الدوافع الحقيقية للإعلان عنهما في يوم واحد".
وأضاف: "أول ما يدفعني للارتياب هو هذا التوظيف السياسي للقضيتين، وهذه العناوين الصحفية الفجة التي روجت للنظام وللقيادة السياسية؛ باعتبارهما في حملة مقدسة ضد الفساد، رغم أن كثيرا من توجهات النظام ومن قرارات القيادة السياسية، هو مما يمكن الحديث عنه بكل ثقة بأنه مخالف لا للقانون فحسب، وإنما للدستور أيضا".
السبب الثاني للارتياب هو "هذا الإخراج السينمائي لقصة تورط وزير الزراعة في قضية فساد؛ إذ لا أعرف لماذا تتوجه أربع سيارات دفع رباعي للقبض على وزير قدم استقالته؟ ولا لماذا القبض عليه في ميدان التحرير؟ ولا لماذا كانت الكاميرات حاضرة لتسجيل هذه اللحظة ونشرها إعلاميا لتجريس الرجل برغم أن الأمر ما زال قيد التحقيق؟
وختم: "ليس حديثي هذا دفاعا عن أي من المتهمين حتى تثبت إدانتهما، لكنه فقط تعبير عن تشككي في أن تكون للقضايا المثارة أبعادها السياسية، فضلا عن أن تكون مجرد صراع بين عناصر منظومة الفساد التي تعارضت مصالحها يستهدف إعادة الهدوء والاستقرار لغابة الفساد التي اضطربت أحوالها منذ كانون الثاني/يناير 2011"، وفق قوله.
اختطاف وزير الزراعة
هذا الارتياب الذي عبر عنه أستاذ العلوم السياسية، شاركه فيه الكاتب الصحفي محمود سلطان، الذي كتب مقالا الإثنين، تحت عنوان: "اختطاف وزير الزراعة"، تساءل فيه: هل عوقب وزير الزراعة على "نزاهته"؟
وفي المقال أبدى سلطان اندهاشه من "القبض على وزير الزراعة بشكل مهين، لا يخلو من المنظرة، وادعاء البطولة على الجبهة السهلة"، وفق وصفه، قائلا: "وزير الزراعة أخذوه من باب محلب إلى السجن مباشرة، لم يسمحوا له بالترجل، ولو بضع أمتار في الشارع بين الناس.. ما الذي يخشونه من تركه طليقا لسويعات؟
وأضاف: "فيلم وسيناريو اعتقاله.. لا يجعلك تقتنع بأنها عملية اعتقال أو احتجاز قانوني.. لكنها تترك انطباعا بأنها عملية "اختطاف".. أربع سيارات دفع رباعى قيل إنها تابعة لإحدى الجهات الرقابية، تقطع عليه الطريق، وتنزله عنوة من بين حراسه، وتتجه به إلى جهة غير معلومة".
وتابع: "العملية في محصلتها الأخيرة مهينة، ليس فقط في حق وزير، لا يزال متهما، ولم تدنه محكمة، وإنما مهينة للحكومة، ولأي حكومة ستأتي بعد حكومته المقالة.. فأي وزير يمكن أن يكون "ملطشة" للأجهزة، وتنكل به الأخيرة، وتجعله نموذجا للتدريب على عمليات الاعتقال والخطف الهوليودية، فيما ستجعل الوزير، أي وزير، في صورة "المرمطون"، الذي لا كرامة له، في عيون الرأي العام".
واستطرد سلطان: "في أي دولة محترمة، إذا اتهم مسؤول بها بالفساد، يكون من حقه، أن يظهر في مؤتمرات صحفية، ليدافع عن نفسه، أو ليعتذر للشعب عن جريمته.. لا أن يختطف، ويختفي في أقبية السجون السرية، لأجهزة لا تخضع أماكن الاعتقال فيها، لأي رقابة قضائية".
ليس له سابقة فساد
وكانت تقارير صحفية تحدثت عن حالة من الحزن والصدمة تسيطر على جيران وزير الزراعة المقال بقرية العمار التابعة لمركز طوخ بمحافظة القليوبية، بعد أن ألقى القبض عليه.
وقال الأهالي إنهم عندما ذهبوا إليه بعد تعيينه وزيرا، طلبوا منه إمداد القرية بصرف صحي، ورصف طرقها، لكنه رد عليهم بقوله: "ليس الآن، خلوها بعدين، عندما تتحسن ظروف البلد"، معللا رفضه بأنه لن يستطيع تقديم خدمات لقريته قبل أن يعمل الشيء نفسه للقرى الأخرى، لأنه لابد من توزيع الخدمات بالعدل على جميع القرى".
وأضافوا أن الوزير ينتمي إلى أكبر العائلات وأغناها، ولم يسبق له أن تورط في أي شيء مشين طوال فترة عمله بوزارة الزراعة، وكونه شخصية محبوبة، ويريد الخير للجميع.
ومن جهته، قال ابن شقيقة "هلال"، الدكتور أسامة سليم، إن الوزير "رجل ابن أصول، وشبعان، ولا غبار عليه، والجميع يثق في براءته".
وكان المتحدث الإعلامي باسم وزارة الزراعة، خيري حسن، قال إن الوزير صلاح هلال، "هو من أبلغ الجهات المختصة عن الفساد في وزارته، وفوجئنا بالقبض عليه".
شكوك النشطاء
وفي السياق نفسه، شكك نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي في صحة الاتهامات الموجهة لـ"هلال".
وأشاروا إلى أنه الوزير الوحيد بين وزراء حكومة محلب الذي أعلن فتح ملفات الفساد داخل وزارته، المتورط فيها كبار رجال وزارته، كما قرر إعلان الحرب على رجال الأعمال المستغلين لأراضي الدولة في غير مقصدها، والاستفادة منها بالمليارات.
وأضافوا أن الوزير رفض طلب مؤسسة الرئاسة بتخصيص قطعة أرض بشبين القناطر بمحافظة القليوبية لمؤسس حركة "تمرد"، محمود بدر، لبناء مصنع بسكويت عليها، كونها أرضا زراعية، وليست أرضا "بائرة".
تصريحات الوزير ضد الفساد
وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط "أ.ش.أ" نقلت عن هلال، نفيه الأربعاء 2 أيلول/ سبتمبر الجاري، ما أثير حول نيته تقديم استقالته، مؤكدا استمراره في مكافحة الفساد، والضرب بيد من حديد على كل من يثبت تورطه في قضايا فساد بالوزارة، أيا كان موقعه.
وكان رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي علق على قضية "هلال"، في لقائه بشباب الجامعات الأحد، قائلا: "لم يعجبني تداول القضية في الأيام اللي فاتت، ولا أحب الإساءة إلى أحد حتى وإن كان فاسدا، فهناك قانون"، على حد تعبيره.