طالبت الأحزاب والقوى السياسية في
مصر بإلغاء قانون الخدمة المدنية الذي أصدره قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في آذار/ مارس الماضي وبدأ العمل به في شهر تموز/ يوليو الماضي، ومن المنتظر صدور اللائحة التنفيذية له خلال أيام.
وأكدت القوى السياسية -وجميعها من الداعمين للانقلاب العسكري- على ضرورة تأجيل العمل بالقانون لحين انتخاب مجلس النواب الجديد، المتوقع انعقاده بعد أربعة أشهر من الآن.
وتساءلت عن السبب الحقيقي لإصدار مثل هذا القانون الهام الذي يؤثر على ملايين الموظفين، وعلى موازنة الدولة والاقتصاد القومي والسلم الاجتماعي فى غياب البرلمان، ودون مناقشته مع ممثلي العاملين أو طرحه للحوار المجتمعي.
استثناءات غير مبررة
وقال وزير التضامن الاجتماعي السابق أحمد البرعي، فى ندوة عقدها الحزب المصري الديمقراطي مساء الإثنين حول قانون الخدمة المدنية، إن القانون تم إصداره في توقيت خطأ، وطالب بالتفاوض حوله حتى تصل الدولة إلى حل يرضي أكبر عدد من الموظفين.
وطالب رئيس الحزب محمد أبو الغار، بإرجاء العمل بقانون الخدمة المدنية الجديد مؤكدا عدم وجود حاجة تبرر الاستعجال، واستخدام الرئيس للسلطة التشريعية المقررة له فى غياب البرلمان.
ودعا الحزب، فى بيان له تلقت "
عربي21" نسخة منه، لإجراء المزيد من الحوار المجتمعي حول القانون لتلافي السلبيات التي تحتويها مواده، مشيرا إلى أن الحكومة لم تنتهج الأسلوب السليم فى طرحه ما أثار حالة من الرفض لدى قطاع كبير من موظفي الدولة.
وأكد نائب رئيس الحزب حسام الخولي، في تصريحات صحفية، أن الأحزاب والقوى السياسية فوجئت بإصادار قانون الخدمة المدنية دون أن يعرض عليها، مضيفا أن هذا التوجه الغريب من الحكومة لإقرار القانون هو ما فجر كل الغضب الشعبي تجاهه.
وطالب الحزب بالإعلان، وبشفافية، تامة عن الجهات الحكومية التي سيتم استثناءها من تطبيق القانون، والعمل على إزالة التفرقة بينها وبين باقي الجهات العامة والاستثناءات غير المبررة، بحيث يكون هناك قانون موحد يطبق على الجميع.
مظاهرة مليونية للموظفين
وفي سياق ذي صلة، أعلنت نقابات وهيئات حكومية عن تنظيم مظاهرة "مليونية" احتجاجا على قانون الخدمة المدنية يوم 12 أيلول/ سبتمبر المقبل بإحدى الحدائق العامة بالقاهرة.
وقال رئيس نقابة العاملين بمصلحة الضرائب العقارية طارق كعيب إن النقابات المعترضة على القانون عقدت اجتماعا الخميس الماضي بمقر نقابة الأطباء، واتفقت على تشكيل جبهة موحدة تعمل على إسقاط القانون، وإقالة حكومة إبراهيم محلب، تضم في عضويتها أكثر من 15 جهة معترضة على القانون.
وأضاف كعيب، في تصريحات صحفية، أن "الجبهة ستتواصل مع باقي اللجان النقابية في المحافظات المختلفة لدعوتها للمشاركة في المليونية".
وأكد أن أول مطلب للمليونية هو وقف العمل بالقانون الحالي إلى حين انتخاب مجلس نواب يتولى تعديله وإصداره بعد الأخذ في الاعتبار ملاحظات الموظفين".
وكان الآلاف من المؤظفين قد نظموا في مطلع الشهر الجاري، مظاهرة ضخمة بوسط القاهرة احتجاجا على القانون، تقدمهم العاملون في مصلحتي الضرائب والجمارك.
لكن الحكومة، أعلنت على لسان وزير التخطيط أشرف العربي تمسكها بالقانون نافية أي نية للتراجع عن تطبيقه.
وكان عبد الفتاح السيسي قد أعلن في كلمة ألقاها أمام ضباط القوات المسلحة الأسبوع الماضي رفضه إدخال أي تعديل على قانون الخدمة المدنية، وقال إن التضيحة من أجل البلاد تستدعي عدم مناقشة القانون وتطبيقه دون اعتراض عليه.
ويقدر عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة بنحو 7 ملايين موظف تبتلع رواتبهم نحو ربع الموازنة العامة للدولة.
ويرفض الموظفون القانون لأنه ألغى الزيادة السنوية في رواتبهم، وخفض أجورهم بشكل كبير، كما يمنح الرؤساء المباشرين سلطات واسعة غير مألوفة في القطاع العام بمصر، من بينها خصم أجزاء كبيرة من الراتب أو وقف الترقية في حالة ارتكاب الموظف لمخالفات بسيطة.
ومما أثار غضب ملايين الموظفين في مصر هو استثناء العاملين في رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء من تطبيق هذا القانون، واعتبارهما جهات ذات طبيعة خاصة، كما أن الدولة تخفض رواتبهم بينما ترفع رواتب رجال الجيش والشرطة والقضاء، في الوقت ذاته.
ويطالب العاملون بالضرائب والجمارك بتحويل المصلحة إلى هيئة مستقلة، وفصلها عن المالية، ليتم استثناءهم من تنفيذ القانون على غرار رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء.
وأكدت النقابات المهنية والعمالية قيامها متحدة برفع القضية أمام مجلس الدولة للمطالبة بإلغاء القانون بسبب تضمنه لمواد غير دستورية.