كتاب عربي 21

دبلوماسية الدعم الإقليمي والدولي..أخفقت اليوم فهل تنجح غدا؟

1300x600
تبنت الحكومة المؤقتة التابعة للبرلمان في طبرق سياسة خارجية تقوم على توظيف الاعتراف الدولي بها كسلطة شرعية في الحصول على كامل الدعم المادي والعسكري لفرض سلطتها على كامل التراب الليبي. وتبنت وزارة الخارجية في الحكومة المؤقتة التي تتخذ من مدينة البيضاء مقرا لها مطلب رفع الحضر الدولي على استيراد السلاح، وجعلته خيارا حيويا في حراكها الخارجي خلال العام الجاري، لكنها أخفقت في ذلك على الأقل على المستوى الدولي.

مؤخرا ربطت الحكومة ووزارة خارجيتها بين دبلوماسيتها وبين ظهور تنظيم الدولة "داعش" في ليبيا فصار الضغط لأجل الحصول على السلاح بحجة مجابهة تنظيم الدولة الذي شكل ظهوره في ليبيا قلقا للدول الأوروبية كونه يتمدد في مناطق تمثل عمقا استراتيجيا للقارة الأوروبية وتهديدا أمنيا لمصالحها بل وربما لاستقراراها الداخلي.

في حراكه الأخير، طالب وزير الخارجية التابع للحكومة المؤقتة الجامعة العربية موافقة المنتظم العربي على شن غارات جوية على تنظيم الدولة، وبرغم الدعم الواضح من قبل عواصم عربية فاعلة للحكومة المؤقتة التابعة للبرلمان في طبرق، لكنها أخفقت في انتزاع قرار يلبي مطلبها، واقتصر الموقف العربي الرسمي على حث الدولة العربية على  تقديم الدعم الكامل للحكومة الليبية في حربها ضد الإرهاب.

هناك إشكاليات رئيسية لابد وأنها ألقت وتلقي بظلالها على دبلوماسية الحكومة المؤقتة ومن خلفها البرلمان. فبرغم تمتعهما بالاعتراف العربي والدولي إلا أنهما فشلا في تمرير سياستهما الخارجية وحشد التأييد العربي والدولي لصالح سياستهما الداخلية، ومن أبرز هذه الإشكاليات:

- أن البرلمان وضع كل بيضه في سلة عملية الكرامة إلى درجة أصبح بها أسير الخيارات العسكرية وحتى السياسية للكرامة وأنصارها الأمر الذي أدى إلى تناقض توجهاته ومواقفه الداخلية مع والسياسة الخارجية.

- أن البرلمان والحكومة ومعهما عملية الكرامة فعلا القليل لمجابهة تنظيم الدولة "داعش" في سرت ودرنة فيما تتركز جهودها على مجابهة خصوم سياسيين في بنغازي وطرابلس وضواحيها ويشنون حربا ضروسا في بنغازي دون أن تتحق نتائج يمكن أن تبرر أي وجه من أوجه الدعم العربي والدولي.

- أن المواجهات التي وقعت بين قوى مسلحة وتنظيم الدولة وكانت لها نتائجها المهمة جدا في نظر الرأي العام الليبي والقوى الخارجية قادتها القوة التي تصنف كجماعات إرهابية من قبل البرلمان والحكومة وبل وتوضع في سلة واحدة مع تنظيم الدولة. فقد نجحت كتيبة "شهداء ابوسليم" التي تشن عليها قوات الكرامة حربا في طرد تنظيم الدولة من مدينة درنة، ويعتبر طرد التنظيم من درنة حدثا كبيرا لأن سيطرة التنظيم عليها كانت حديث الساعة ومن أبرز الأمثلة التي يسوقها الإعلامي الغربي على تمدد التنظيم خارج أراضيه في العراق وسوريا.

وفي ظل تعنت البرلمان والحكومة وأنصار عملية الكرامة ورفضهم التقارب مع طرابلس ومراجعة مواقفهم المتشددة والتي تجرم الأطراف السياسية والعسكرية الفاعلة في العاصمة ومحيطها، ومع استمرار الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة سيظل مطلب البرلمان والحكومة المؤقتة بعيد المنال. فالانقسام الذي تتعادل فيه أوزان الطرفان، أو ربما ترجح فيه كفة طرابلس على طبرق سيحول دون تورط الأطراف العربية والدولية في عمل عسكري واسع في ليبيا كما يريد البرلمان، خصوصا وأن الأطراف الدولية والعربية لم تجن بعد ثمار الحرب التي تشنها على تنظيم الدولة في سوريا والعراق وعلى الحوثيين في اليمن، بل ولم تنجح في تشكيل جبهة متماسكة ومتناغمة في موقفها حيال ما يجري في ليبيا ليبرر التدخل الذي تنشده حكومة البيضاء.